يروى الفنان منصور الرحباني فى مذكراته انه عندما كان وشقيقه عاصي لا يزالان فى سن الطفولة كان والدهما حنا الرحبانى يمتلك مقهى فيه «فونوغراف «تدار عليه اسطوانات عبد الوهاب وام كلثوم ويقول منصور ان من اكثر ما كان يشده وشقيقه عاصى من اغنيات عبد الوهاب القديمة قصيدة « يا جارة الوادى « التي ظهرت فى عام 1927 وكانا يذهبان احيانا الى مقهى يبعد عن بيتهما نصف كيلو متر للاستماع الى « يا جارة الوادى « ويذهبان احيانا الى منزل بعيد لأصدقائهما للاستماع الى الراديو وهو يذيع أغنيات عبد الوهاب القديمة مثل « الجندول لذلك لم يكن غريبا ان يبدأ التعامل بين ألحان عبد الوهاب من جهة وبين الأخوين رحبانى وحنجرة فيروز من جهة ثانية ، بقصيدة « يا جارة الوادى « الى أعاد الاخوان رحبانى توزيعها لأوركسترا اكبر من التخت الموسيقى الذى رافق عبد الوهاب فى التسجيل القديم بعد أن أضافا الى ما غناه عبد الوهاب بيتا من القصيدة الطويلة ، التى نظمها أمير الشعراء تغزلا بمدينة زحلة اللبنانية هو : ضحكت الى وجوهها وعيونها ولثمت فى انفاسها رياك وقد تم التسجيل فى استديو هات الاذاعة اللبنانية مع اوركسترا الاذاعة ويبدو ان نجاح هذه التجربة الاولى جماهيريا ، اغرى كل الاطراف بإعادة الكرة ، فاختار الرحبانيان من اغنيات عبد الوهاب القديمة « خايف اقول اللى فى قلبى « الجميلة ، فأعادا توزيعها وأعادت فيروز غناءها لكن هذه التجارب الاولى لم تكن كافية على ما يبدو بل كانت سببا فى قيام اواصر علاقة فنية حميمة بين عبد الوهاب من جهة والاخوين رحبانى من جهة ثانية ، فلا يذهبان الى القاهرة على حد قول منصور – الا ويقومان بزيارة فنية لعبد الوهاب ولا يحضر هو الى لبنان وقد كانت زياراته له كثيرة قبل نشوب الحرب الاهلية فى منتصف السبعينيات الا وهو يقوم بزيارة الاخوين رحبانى إما فى منزلهما او فى مكتبهما للاطلاع على جديدهما الفنى، الذى كان يبدى إعجابه به وبروح التجديد فيه. بعد ذلك كان بديهيا ان يتسع التعاون الفنى بين عبد الوهاب والرحابنة عبر صوت فيروز ، فكتب الرحبانيان كلمات اغنية « سهار بعد سهار « بالعامية اللبنانية وقام عبد الوهاب بتلحينها قاصدا ان يكون اللحن قريبا من الأسلوب الرحبانى فكانت تجربة رائعة مازالت منتشرة جماهيريا حتى يومنا هذا. (يتبع)