بعد ذلك قدم الرحبانيان لعبد الوهاب قصيدة جبران خليل جبران «سكن الليل» (يؤكد منصور في مذكراته أن القصيدة لجبران) قدمت للمرة الأولى مع عرض مسرحية رحبانية في غابة الأرز. وكانت آخر أغنيات فيروز من ألحان محمد عبد الوهاب المخصصة لها، قصيدة سعيد عقل «مُرّ بي» التي كانت واحدة من قصائد الغزل بمدينة دمشق التي أصبحت عادة سنوية يمارسها الأخوان رحباني وفيروز، في حفلاتهم المصاحبة لمعرض دمشق الدولي في شهر سبتمبر من كل سنة. وكانت تلك برأيي الذروة الفنية العالية في التعامل بين ألحان عبد الوهاب وحنجرة فيروز. حتى أن من يستمع إليها يلفت سمعه أداء فيروز المتأثر بأسلوب محمد عبد الوهاب في الغناء. غير أن التعامل الفني بين عبد الوهاب والرحابنة لم يقتصر فقط على حنجرة فيروز، فقد كتب الرحبانيان بعامية مختلطة بين المصرية واللبنانية، قصيدة «ضي القناديل» التي لحنها عبد الوهاب وغناها عبد الحليم حافظ، وقد وزعها أيضا الأخوان رحباني، وتم تسجيلها بأوركسترا وكورس من لبنان، في استوديو بعلبك. بعد ذلك، وفي عام (1967)، وعندما وقعت النكسة، كان عبد الوهاب يقضي إجازة في لبنان، فتشارك مع منصور الرحباني بكتابة نشيد «طول ما أملي معايا» الذي لحنه عبد الوهاب من مقام الصبا، فصاغه بشكل عبقري يتداخل فيه التعبير عن الحزن من الهزيمة، وعم الحماسة للرد عليها، وأبدع منصور رحباني في توزيع مقام الصبا على آلات النحاسية وقام عبد الوهاب في تسجيله في استوديو بعلبك أيضاً بأوركسترا وكورس من لبنان. وفي العام نفسه كتب الرحبانيان لصوت عبد الوهاب نشيداً بعنوان « الغد الكبير» سواعد من بلادي تحقق المستحيلا وهمه من بلادي تبني مصيراً وجيلا أنشدها عبد الوهاب بصوته مع أنه كان قد اعتزل الغناء رسمياً، بقي لحن أخيرا من محمد عبد الوهاب، وزعه أيضاً منصور الرحباني، وغنته صباح في أحد أفلامها، هو لحن أغنية «سنة حلوة يا جميل» الشهير. وقد وقع بين يدي تسجيل بعث به عبد الوهاب باللحن مسجلاً بصوته وعوده، إلى الفنان منصور الرحباني، وقد سجل عبد الوهاب بعد الأغنية ملاحظاته حول الطريقة التي يريد أن يتم بها توزيع اللحن، بتفاصيل دقيقة هذه كانت حصيلة التعاون الفني بين محمد عبد الوهاب والأخوين رحباني، خمس أغنيات عبر صوت فيروز، وواحدة لعبد الحليم، وواحدة لصباح، واثنتان بصوت عبد الوهاب نفسه. (يتبع)