عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    عاجل/ إطلاق نار وسط نيويورك    عاجل/ الأجهزة الأمنية الاسرائيلية ترفض احتلال غزة    كأس الاتحاد الإفريقي .. النجم الساحلي يواجه الأهلي مدني السوداني والملعب التونسي يصطدم بسنيم نواذيبو الموريتاني    قبل بداية البطولة: تغييرات كبيرة في القوانين... وتنقيح جديد في مجلة العقوبات...شنيا صاير؟    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    الرابطة الأولى: تشكيلة نجم المتلوي في مواجهة النادي البنزرتي    أربع مواجهات قوية في افتتاح الموسم الكروي التونسي...التوقيت والقنوات    مونديال الكرة الطائرة للفتيات دون 21 عاما - المنتخب التونسي ينقاد الى خسارة ثالثة أمام نظيره الياباني صفر-3    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    عاجل/ قتلى وجرحى في حادث مرور مروّع بهذه الجهة    الشابة: القبض على مروج مخدرات    قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    مقتل 25 شخصا بانقلاب حافلتهم غرب كينيا    غوارديولا يستبعد مشاركة رودري بقوة في المباريات الافتتاحية للبطولة الانقليزية    قيس سعيّد: "لا أكاد أصدّق كل هذا النفاق".. #خبر_عاجل    غدا الأحد: غلق هذه الطريق بالعاصمة..#خبر_عاجل    عاجل/ بالأرقام: موسم الحصاد لهذا العام هو الأفضل منذ 5 سنوات    عاجل/ رئاسة الجمهورية: أحداث تتواتر هذه الأيام بشكل غير طبيعي.. وهذا الهدف منها    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    بلدية تونس .. مواصلة مقاومة ظاهرة استغلال الطريق العام    وزير صهيوني يدعو إلى تهجير سكان غزة إلى ليبيا    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الإفتتاحية    زيلينسكي: ''الأوكرانيون لن يتركوا أرضهم للمحتل''    إيران تعلن اعتقال 20 جاسوسا للموساد في طهران ومحافظات أخرى    عاجل/ خطة احتلال غزة: جلسة طارئة بمجلس الأمن تعارضها واشنطن    طقس اليوم: الحرارة تصل 40 درجة والبحر مضطرب بهذه الجهة    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    الحكومة السورية تندد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس    معالم من بلادي: مقبرة النصارى بتيبار.. شاهد على الحرب العالمية    طبرقة: لحماية الغابة وثمين منتجاتها: مشاريع ل 300 امرأة ريفية    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    البحر الأزرق    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    على ركح مهرجان الحمامات الدولي 2025: الشاب مامي أمير الراي في تجربة راكمت 45 عاما من العطاء الفني    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    احذر البطاطا المقلية: خطر الإصابة بالسكري يرتفع بنسبة 20%    وزيرا السياحة والتجارة يفتتحان الدورة 18 لمعرض الصناعات التقليدية بنابل الذي يتواصل من 8 الى    حجز كميات كبيرة من الأجبان والبيض والمثلجات في 3 ولايات: تفاصيل المحجوز    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    الليلة: طقس قليل السحب والحرارة تصل إلى 33 درجة    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    مناسك الحج 2026: فتح باب التسجيل من 11 أوت إلى 8 سبتمبر    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    الفنانة أحلام: سأغني في قرطاج ولا أريد أجرا ولن أستلم مقابلا من تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم ...مع شوفاريي في رحلته التونسيّة (1) شوفاريي (فيليب) : النصف الثاني ق 19 م
نشر في الشروق يوم 21 - 08 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار و الأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ و غلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
نائب قنصل فرنسا بقابس - قبل انتصاب الحماية الفرنسيّة بتونس – ثمّ بيافا بفلسطين، ومشارك في البعثات العلميّة والأدبيّة. قام بأبحاث واكتشافات أثريّة بموقع قرطاج وغيره.
الرحلة : في سنة 1878، قبيل احتلال فرنسا لتونس – باسم الحماية – بثلاث سنوات، نشر فيليب دي شوفاريي (Philippe de Chevarrie) نائب قنصل فرنسا بقابس رحلته متّجها منها إلى زغوان، مرورا بعدّة قرى ومدن، منها قفصة والقيروان، ومتوقّفا على أطلال العهد الروماني.
وكان حريصا على تدقيق أسماء الأعلام الجغرافيّة وتوضيح المواقع والمعالم بالخرائط والرسوم اليدويّة في غياب آلة التصوير الشمسي في ذلك الوقت. ورغم ذلك – ولا لوم عليه – فقد تعرّضت عدّة أسماء للتحريف نتيجة فوارق النطق لبعض الحروف عند نقلها من العربيّة إلى الفرنسيّة، كما هو معروف، إذا لم يعتمد نظام الرسم المصطلح عليه بين العلماء، وبين المستعربين بصفة خاصّة . يوم 20 ديسمبر 1876 غادر شوفاريي قابس، تاكاب القديمة، قاصدا تونس برّا، عبر الحامّة وقفصة، ثمّ القيروان، بنيّة العثور في سبيطلة – على طريق قرطاج تبسّة – على آثار رومانيّة . وإذ أعوزته الكتب والوثائق راسل صديقه الخبير في الموضوع السيّد دي صولاي (De Sauley) قصد الاستنارة بمعلوماته ونصائحه، لكن – للأسف – لم يتّصل منه بردّ في الوقت المناسب فعوّل على نفسه وانطلق في رحلته.
بعد خمس ساعات مشيا على الأقدام حينا وراكبا الحصان أحيانا وصل إلى الحامّة (Aquae Tacapitanae). وبدل أن يعثر على المدينة التي طالما ذكرت في النصوص القديمة كتاريخ ابن خلدون وكتاب وصف إفريقيا للحسن الوزّان (Léon L'Africain) عثر على ثلاث قرى عوّضتها متناثرة في الواحة، هي القصر والدبدابة وبوعطّوش (ص 3). وجد المنازل منخفضة وبائسة كغيرها من قرى الجريد. وقلّ أن يجد في بعض الجدران قطعا أثريّة . لكنّه وجد برجا من العهد التركي به أربعة مدافع واثنى عشر جنديّا تحت إمرة قائد أوزباشي ( Odo Bachi). وما حظي بالوصف والإعجاب هناك، وكان سبب شهرة الحامّة، هو عيون المياه الساخنة التي تروّي البساتين عبر قنوات حجريّة متينة محكمة والتي ينهل منها السكّان مساء ما يحتاجون إليه غدا . وهم من بني زيد، وعلى رأسهم شيخهم (ص 4).
وهو يحاذي وادي الحامّة نحو مصبّه في السبخة تذكّر – شوفاريي – مشروع رودار (Roudaire) الهادف إلى ربط شطّ الفجاج بالبحر لإنشاء بحر داخلي صالح للملاحة، وظلّ كعادته معنيّا بالوصف الدقيق لكلّ ما اعترضه من التضاريس وملاحظا ندرة الأمطار الأمر الذي اقتضى حفر سلسلة من الآبار العميقة كالمعروفة باسم «بالعوفة»، بعدد اثنتي عشرة، تدلّ أحجارها على أصلها الروماني . وهذا ما جعله يتساءل إن كانت تربط بينها طريق عتيقة زالت معالمها ( ص 4 – 5 ). وهذا أيضا ما جعله يفترض عدّة مسارات لهذه الطريق حسب الفصول وأحوال السبخة كأن تشقّها أو تعرّج بشرقيّها . ومع وصف التضاريس بنفس الدقّة وصف بعض الآثار التي اعترضته على السفح الشمالي لجبل «بالعوفة»، ثمّ توقّف معجبا بمغاور الملح بسفح جبل الخطيفة (Dj.Haddifa) حيث تقاسمت الحفر فيه قبائل المنطقة، ومعجبا كذلك بأكوام الملح إذ رآها كالثلوج على القمم، ولكن تحت شمس حارقة في أرض من لهب (ص6). وشمالا بجانب ذلك الجبل وكامل السلسلة من الجبال والمرتفعات تنحدر شلاّلات وسيول إذا أمطرت نحو السهل حيث تجاورت حدائق محاطة بجلاميد مغروسة في الأرض إلى حدّ الثلث لتحمي مساحات بنحو 80 على 60 مترا. وإلى جانبها أكوام حجارة بيضويّة أو دائريّة أو مربّعة بنحو ثلاثة أمتار على مترين، كان عاينها السيّد سانت ماري (M.de Sainte-Marie) وأثبتها في خريطته الأثريّة باسم المقبرة . فهل كانت هناك حضائر لحيوانات أقوام بدائيين في قديم التاريخ ؟ وهل كانت تلك الجلاميد خطّا دفاعيّا قديما – وهذا هو الأرجح – استعمله الرومان من جديد بوصل الجلاميد ببعضها بعضا وسدّ الفجوات بينها بمواد البناء؟ (ص 7).
عثر شوفاريي على عدّة استحكامات مثلها طوال ثلاثين كيلومترا في تلك الناحية بنفس المواصفات ممّا يمكّن المتحصّنين بها من موقع مشرف ومنيع لمراقبة العدوّ ومقاومته أو الاحتماء بالجبل عند خطر تفوّقه عليهم . وقد دلّه بعض السكّان على شيء كتلك المتارس في موقع يسمّونه هنشير القربي أو الغربي (Hr.Guerbi) (ص 8).
بعد مسير ساعة وصل شوفاريي إلى موقع أثريّ هامّ يعرف بالمحملة (Mahamla) كان قد زاره منذ سنة وعثر فيه على أحجار صقيلة ضخمة وكسور فخّار وقواعد معبد، من زخارفه مزهريّة يستند إليها من اليمين واليسار أسدان متقابلان، ونقش لقرص ترفعه امرأتان واقفتان، ونقش ثالث لحصان في غاية الروعة . وعلى مقربة من تلك الآثار توجد عقلة (Hogla) يعني بها الأعراب بئرا غير مبنيّة نظرا لقرب الماء من سطح الأرض بعمق مترين أو ثلاثة على الأكثر. وقبالة تلك الآثار نجد هنشير أولاد سي منصور وهنشير زمّيت ببّوش في اتّجاه سبخة النوايل، وبجانبها، قرب عقلة الكعوبيّة، آثار أخرى ( ص 9) .
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.