مدرّب راحل وآخر قادم. هذا هو حَال المنتخب الوطني الذي عزل خلال السّاعات الأخيرة الفرنسي «آلان جيراس» في انتظار أن تعثر الجامعة على البديل لسدّ الشُغور واسكات الجمهور الغاضب بفعل الخيبة الكبيرة في ال»كان» والمسبوقة بفضيحة مُدوية في المُونديال. ويُمكن القول إن ابعاد «جيراس» ينضاف إلى قائمة الأدلة التي تُثبت أن جامعة الكرة تعبث منذ أعوام بمصالح المنتخب دون حسيب ولا رقيب. فوضى المدربين تُشير لغة الأرقام إلى أن الجامعة الحالية راهنت على خدمات سبعة مدربين في ظرف ستة أعوام فحسب (بين 2013 و2019). هذا طبعا دون احتساب الفنيين الذين أشرفوا على الفريق بصفة ظرفية مثل نزار خنفير وحاتم الميساوي وماهر الكنزاري ومراد العقبي. وتضمّ لائحة الفنيين المُتعاقبين على تدريب الفريق الوطني سامي الطرابلسي ونبيل معلول والهولندي «رود كرول» والبلجيكي «جورج ليكنز» والبولوني - الفرنسي «هنري كاسبرجاك» وفوزي البنزرتي والفرنسي «آلان جيراس» (مع العلم أن معلول حظي بشرف قيادة المنتخب في مُناسبتين في الفترة المذكورة). والحقيقة أن هذا «الجيش» الكبير من المدربين يعكس حجم الفوضى في جامعة الكرة حيث غابت الاستراتيجيات وحضرت الخيارات العشوائية وسياسة المُحاباة بدل تكريس منطق الكفاءة خاصّة أن الأمر يتعلّق بأحد أرفع المناصب الرياضية في البلاد. الطّريف في هذا الملف أن بعض المدربين انتهت تجاربهم قبل أن تبدأ كما هو شأن فوزي البنزرتي الذي وقع طرده بعد ثلاث مُباريات فحسب. مجرّد مسرحيات يعرف المواكبون لكواليس الجامعة بأن الكلمة الأولى والأخيرة للرئيس وديع الجريء. وهذه الحقيقة ثابتة ولا يُمكن انكارها رغم كلّ التمويهات والمسرحيات التي تقوم بها الجامعة من أجل «التستّر» على تحكّم الرئيس في ملف المدرب الوطني. وكانت الجامعة قد اعتمدت في بعض الأحيان على التصويت و»الكَاستينغ» لإضفاء «الشرعية» على خياراتها المتعلّقة بتسمية المدرب الوطني غير أن هذه «الحِيل» لا تنطلي على أحد. وقد انكشفت هذه الخُدعة أثناء الاختبار المزعوم بين اثنين من المُرشحين وهما نبيل معلول وخالد بن يحيى وذلك تحت إشراف الإدارة الفنية الخاضعة كما هو معروف لإملاءات رئيس الجامعة. وكان المنطق يفرض انتقاء المدرب الوطني بواسطة الإدارة الفنية شرط أن تكون فَاعلة وسيّدة نفسها لا ضعيفة و»مُطيعة» كما هو الحال في الوقت الراهن. وكان بوسع الجامعة الاعتماد على «مدير رياضي» ليتكفّل بمعالجة الملف في كنف الاستقلالية وعبر المعايير الموضوعية المُتعارف عليها. وطالما أن إدارتنا الفنية «مضروبة على يديها» وطالما أن الجامعة لديها حساسية من أهل الكرة لتضع أحدهما في خطّة «المدير الرياضي» فإن لغة العقل تُحتّم عليها الاستئناس بآراء الخبراء وذلك أضعف الإيمان. الوقت المهدور المعروف أن الوقت من ذهب في حياة الجمعيات والمنتخبات لكن يبدو أن الزمن بلا قيمة في «فلسفة» المكتب الجامعي وإلاّ كيف نفسّر إهدار 36 يوما بالتَمام والكمال لفسخ عقد «ألان جيراس»؟ فقد انتهت المشاركة التونسية في كأس افريقيا بمواجهة نيجيريا يوم الأربعاء 17 جويلية وكان من المفروض ابعاد «جيراس» بصفة فورية لا التلاعب بالملف إلى غاية يوم الأربعاء 21 أوت. وهذا «التسويف» فيه خسارة للوقت ومضرّة للمنتخب التي تنتظره رهانات كبيرة تتمثّل في التصفيات المُؤهلة ل»شان» 2020 و»كَان» 2021. وقد كان بوسع الجامعة طرد «جيراس» بمجرّد العودة من مصر خاصّة أن الاجماع حاصل على «إفلاسه» الكبير وسلوكه الغريب. وكان بوسع الجامعة تمكينه من مستحقاته و»تعويضاته» بسهولة في ظل الانتعاشة المالية «التاريخية» التي تعرفها الجامعة بفضل المليارات المُتأتية من «الفيفا» وال»كاف» (عائدات المُونديال وال»كان» فضلا عن المنح التي يرصدها الاتحاد الدولي لتطوير اللّعبة في مختلف الدول الأعضاء). الطريف في الأمر أن خصمنا المُرتقب في تصفيات كأس افريقيا للاعبين المحليين وهو الفريق اللّيبي كان قد انطلق في الاستعداد لمواجهة تونس منذ فترة طويلة. هذا في الوقت الذي مازالت فيه جامعتنا تبحث عن مدرب جديد. والحقيقة أنه لا يوجد أي تفسير لتأجيل قرار ترحيل «جيراس» غير رغبة الجامعة في التغطية على خيبة ال»كان» بما أن الجريء ظهر في التلفزة وأكد أن مشاركتنا كانت «تاريخية». وقد كان لِزاما عليه أن يستهلك بعض الوقت قبل أن يتخلّى عن المدرب و»يُوهم» الناس بأن الانفصال عَادي ولا صِلة له بنتائج كأس افريقيا المُنتهية منذ أكثر من شهر. نتائج مُخيّبة للآمال في ظل الفوضى التسييرية التي تُرافق أنشطة المنتخبات الوطنية بكلّ أصنافها كان من المنطقي أن نحصد نتائج مُتواضعة إن لم نقل إنها هزيلة. على الصّعيد العالمي عادت تونس إلى أجواء المونديال دون النجاح في تحقيق حلم الأجيال وهو بلوغ الدّور الثاني. وعلى المستوى القاري بلغنا المربّع الذهبي لكأس افريقيا وهو مكسب «صَغير» خاصة أن المنتخب خاض «الفينال» في 1965 و1996 وتحصّل على اللّقب في 2004. الاخفاق لم يقتصر على المونديال وال»كان» بل أنه امتدّ إلى كأس افريقيا للاعبين المحليين حيث فشلت الجامعة الحالية في مسابقة ال»شان» بعد أن كان الفريق الوطني قد تُوّج بلقب هذه المسابقة ال»صّغيرة» والحديثة في 2011 بقيادة سامي الطرابلسي (زمن علي الحفصي). شيء واحد يُمكن للجامعة الحالية أن تُفاخر به وهو القفزة التاريخية التي عرفها المنتخب في الترتيب الدولي ولو أن هذا «المكسب» معنوي بالأساس ولا أهمية له على أرض الواقع بدليل أن الجزائر تُوّجت بكأس افريقيا رغم تأخّرها في سلّم الترتيب مقارنة بمنتخبات افريقية وعربية أخرى مِثل السينغال وتونس التي كان بوسع منتخبها أن يصنع العجب لولا «الفَساد العظيم» على مستوى التسيير. مدربو المنتخب في عهد وديع الجريء سامي الطرابلسي (كان متعاقدا مع الجامعة قبل انتخاب الجريء) نبيل معلول رود كرول جورج ليكنز هنري كاسبرجاك نبيل معلول فوزي البنزرتي آلان جيراس مُلاحظة: استعان المنتخب كذلك بعدّة مدربين «مُؤقتين» نذكر منهم نزار خنفير وحاتم الميساوي وماهر الكنزاري ومراد العقبي. المواعيد القادمة للمنتخب 6 سبتمبر: لقاء ودي أمام موريتانيا (في رادس) 10 سبتمبر: لقاء ودي ضدّ الكوت ديفوار (في فرنسا) بين سبتمبر وأكتوبر: مواجهة مكرّرة ضد ليبيا (تصفيات «شان» 2020) بداية من نوفمبر: انطلاق التصفيات المُؤهلة ل»كان» 2021 (تونس تتواجد في المجموعة العاشرة رفقة ليبيا وغينيا الاستوائية وتنزانيا) قائمة المرشحين لقيادة المنتخب نبيل معلول - المنذر كبيّر - عمّار السويح - شهاب اللّيلي – سامي الطرابلسي (ولو أن الطرابلسي قد يسقط من الحسابات في ظل التزاماته مع «السيلية» وحجم الامتيازات التي يتمتّع بها في قطر)