تتطلع تونس في السباق الانتخابي الذي تعيش على وقعه البلاد الى مواصلة السير في تكريس الاليات الديمقراطية وذلك عبر حدث تنظيم مناظرات تلفزية بين مرشحي الانتخابات الرئاسية لأول مرة، والذي تجري فيه استعدادات كبرى، فكيف يمكن الاستفادة منها في ترسيخ القواعد الديمقراطية؟ تونس الشروق:: وأكدت التلفزة الوطنية أنها ستخوض تجربة المناظرات التلفزية بين المترشحين للانتخابات الرئاسية وذلك في النصف الاول من الحملة الانتخابية حيث سيكون الانطلاق يوم الاثنين القادم 2 سبتمبر، من خلال حصة تلفزية مباشرة عنوانها الطريق الى قرطاج. ومن المنتظر ان تعقد التلفزة التونسية في غضون هذا الاسبوع ندوة صحفية لتقديم تفاصيل اجراء المناظرات التلفزية ومواعيد بثها وترتيباتها الاساسية وذلك اثر امضائها لاتفاقية شراكة وتعاون بين ممثلين عن الاعلام العمومي ونقابة الاذاعات الخاصة ومبادرة مناظرة التي اشرفت عليها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري. وأوضح عضو الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" هشام السنوسي في تصريح ل››الشروق›› أن المشاركة في المناظرات ليست مفروضة على المترشحين لافتا الى ان ترتيباتها العامة وقع تضمينها في القرار المشترك الصادر عن الهايكا والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حيث انها ستجرى بشراكة بين الاعلام العمومي والخاص، واعتماد القرعة في تقسيم المترشحين الى مجموعات وفي تنظيم الجلوس وتوزيع الكلمات اضافة الى صياغة اسئلة بشكل منسق وتنظيم الردود والمحاججات ضمنها. ورجح السنوسي امكانية اعتماد ميثاق اخلاقي بين المترشحين للالتزام بجملة من الضوابط في ادارة الحوار تجنبا لتحوله الى حلبة صراع بين المترشحين سيما وان المناظرات التلفزية تهم منصبا في قيمة رئاسة الجمهورية، فكيف يمكن الاستفادة من هذه المناظرات وماهي اهم التحديات التي يمكن ان تواجهها؟ ترشيد المنافسة وقياسا بالتجارب العالمية الرائدة في الديمقراطية فإن للمناظرات التلفزية بين المترشحين أهمية بالغة التأثير في اتجاهات الناخبين من خلال توجيههم الى برامج المترشحين وجعلهم يهتمون بها، وفي هذا السياق يرى استاذ القانون توفيق بوعشبة في تصريحه ل››الشروق›› ان المناظرات التلفزية ستمكن الناخبين من التعرف اكثر على المترشح، وستمكن الناخبين من المقارنة والانتقاء بناء على العرض السياسي المقدم وعلى قاعدة الافضلية. واشترط المتحدث توفر العديد من الشروط المستوجب توفيرها في سياق الاستفادة من المناظرات التلفزية بين المترشحين في اتجاه ترشيد المنافسة بينهم، ومن ضمنها ضرورة وضع الهيئات الاعلامية المشرفة عليها لقواعد ومعايير سلوكية مدونة يلتزم بها المترشحون، علاوة على وضع نظام جزائي يتضمن الطرد الفوري لكل مشارك يسمح لنفسه بالخروج عن نطاق اللياقة ويستهدف المشاركين الاخرين بدلا من عرضه لبرنامجه والسعي من ورائه الى اقناع الجمهور ببرنامجه. الحد من حملات التشويه وبتطور مجال تأثير الوسائط الاجتماعية واتساع دائرة تأثيرها في الرأي العام، اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بشهادة الملاحظين تتداخل بشكل مباشر في العمليات الانتخابية، وقياسا بذلك شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الاخيرة نشرا واسعا لحملات التشويه التي مست جل المترشحين عبر تلفيق تصريحات وهمية أو بث ادعاءات واهية يراد من خلالها توجيه الناخبين على قاعدة ماترسخ في الاذهان، ولمواجهة هذا الخطر المحدق بالعملية الانتخابية و الذي تتسم آليات مواجهته بالقصور التشريعي واللوجستي فان للمناظرات التلفزية دورا مهما في اخراج الناخبين من دائرة الاهتمام بالصراعات المفتعلة الى الاهتمام بالبرامج والبدائل وقدرة كل مترشح على اقناع المواطنين بها. تقريب الصورة من الناخبين هذه المناظرات التلفزية وفي صورة النجاح في ادارتها فانها تقدم جملة من الاستفادات التي يلخصها عضو الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري هشام السنوسي في تكريس حق الناخب في التعرف على المترشحين وانارة الناخبين واطلاعهم على افكار المترشحين وبرامجهم، وفي تكريس التجارب الديمقراطية الرائدة التي تعاضد التجربة الديمقراطية فضلا عن تتويج مؤسسات الاعلام في ابراز دور الاعلام في الانتقال الديمقراطي. صعوبات وتحديات وتطرح التجربة الاولى عادة جملة من الصعوبات، حيث يمثل استعداد المترشحين للتناظر أهم تحد لانجاحها، وقبل كشف التلفزة الوطنية خلال الندوة الصحفية المرتقبة لقائمة المترشحين الذين قبلوا المشاركة برزت دعوات بامكانية رفضها على غرار المترشح عمر منصور والذي قال في تصريح سابق للشروق إنه من الممكن ان يرفض الحضور اعتبارا منه أن البرامج موجهة للناخبين وهي مختلفة ومتباينة احيانا ولا يمكن اخضاعها للصراع بين المترشحين،كما جرى حديث في الكواليس السياسية حول نوايا رفض بعض المترشحين لمواجهة مترشحين اخرين. كما يطرح تعدد الترشحات صعوبة تحقيق الاستفادة للمتلقي وهو مابرر بعض الدعوات الى الاقتصار على التناظر بين المرشحين في الدور الثاني لما في هذا الخيار وفق رايهم من جدية في تحقيق الاهداف المرتقبة من المناظرات التلفزية والتي تتعلق اساسا باطلاع الناخبين على البرامج والتصورات التي حظيت بالمرور الى طور التنافس الحاسم. كما يتعلق موقف آخر برفض ربط الصلة بين القدرة الاتصالية في التناظر والقدرة على الفعل السياسي ويرجح في النهاية امكانية رفض عدد من المترشحين لهذا التناظر الذي من شأنه أن يمس حظوظهم بشكل مباشر ناهيك وأن التجربة يتم اعتمادها لأول مرة. في المحصلة فان المناظرات التلفزية بين المترشحين للانتخابات هي تكريس لتطور الديمقراطية في المجتمع من خلال ابراز القدرة على مناقشة البرامج السياسية بانفتاح أمام الشعب والاعلام ، بما يستوجب تضافر الجهود بين المؤسسات الاعلامية والمترشحين في سياق انجاحها. قواعد المناظرات اصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري قرارا مشتركا يوم 21 أوت الجاري تضمن الترتيبات العامة للمناظرات وقواعد ترتيبها والتي تتلخص في: المساواة بين المترشحين: وذلك من خلال اخضاع جميع اجراءات التناظر الى القرعة بحضور عدول تنفيذ وتوزيع المجموعات المتناظرة باعتماد شرط توفر في كل مجموعة على الاقل لحزب ممثل في البرلمان ، وكذلك من خلال الزام الصحفيين بقواعد ادارة المناظرة وبالاسئلة المحددة وبتوزيع الكلمات وفق مدة زمنية محددة. حق التظلم: واقر القرار المشترك المذكور حق التظلم من قبل المترشحين المشاركين في المناظرات لدى الهيئتين ليتم النظر في الشكاوى في اجل لا يتجاوز 24 ساعة وذلك بخصوص جملة من الحالات من بينها عدم اعلام المترشح بموعد المناظرة او اعادة بث المناظرات خلال الحملة الانتخابية أو ملاحظة عدم الحياد في ادارة النقاش.