أشياء كثيرة تغيرت في تونس وفي التونسيين في السنوات القليلة الماضية ... اليوم في تونس سيصبح توفير الأمن في الشوارع والأحياء والمدن مطلبا أكثر إلحاحا وحضورا من مطلب توفير الشغل والخبز للتونسيين... في كل يوم جديد يستيقظ التونسيون على خبر جريمة جديدة... الاعتداء بالأسلحة البيضاء والقتل العمد لأتفه الأسباب أصبح أمرا ملفت للانتباه كل يوم ونخشى أن يتحول إلى ظاهرة عادية لا تثير ولا تحرك التونسيين... عائلات كثيرة فقدت أبناءها في جرائم قتل والحديث عن ال"براكاجات" اصبح على لسان كل التونسيين ... للأسف أعمال العنف تفشّت كثيرا في الشوارع والأحياء والمدن ووسائل النقل تعرف كل يوم اعتداءات رهيبة على المسافرين.. لماذا تغيرت تونس الى هذا الحد ولماذا تفشى العنف وارتفع منسوب الإجرام وانتشرت ظاهرة استهلاك المخدرات حتى صرنا نسمع عن جرائم قتل الابناء لأمهاتهم وآبائهم... لا نتهم أحدا ولا نحمل المسؤولية لطرف معين لكن هناك جهات لابد لها ان تتحرك وتعيد النظر في برامجها وفي عملها وفي طرق التصدي والمعالجة ... لا نريد ان تتحول شوارعنا في الليل كما في النهار الى شوارع للخوف ... الخوف من الاعتداءات ومن ال"براكاجات". الأمر صار يتطلب معالجة حقيقية وتدخلا ناجعا لحماية الناس والتصدي للعنف والجريمة . ندرك ان الأمن يقوم بمهامه لكن قد يكون هناك خلل ينبغي تصحيحه. و قد تكون هناك تقديرات خاطئة وأيضا قد تكون هناك برامج وخطط غير ناجعة لكن في كل الحالات علينا ان تعترف بأن الوضع صار خطيرا ويمكن ان يزداد خطورة وتنفلت الأمور أكثر... الأمن مسؤولية الجميع لكن في المقام الاول هو مسؤولية رجال الامن... ليس عيبا ان نراجع كل البرامج وكل التشريعات وليس عيبا ان نطالب بتطوير اجهزة امننا لتواكب تطور الجريمة في المجتمع، العيب هو ان نخفي العيوب والأخطاء ونغمض اعيننا على الواقع الذي نعيشه... لنعترف ان هناك اخطاء واخلالات، لنعترف ان منسوب الانحراف في مجتمعنا ارتفع بشكل صار يخيفنا جميعا ولننطلق في صياغة الحلول... لا نتهم احدا لكن على الجميع ان يتحملوا مسؤوليتهم فالأمر صار خطيرا...