تتواصل فعاليات الدورة التاسعة للملتقى الدولي للخزف الفني في زاوية سيدي قاسم الجليزي مقر المركز الوطني للخزف الفني التي تم ترميمها بين سنتي 1977 و1981 لتحتضن المركز صناعة الفخار من الحرف الفنية التقليدية في تونس تونس (الشروق) منذ عهد البربر وتطورت مع الفنيقيين والرومان وشهدت تحولات كبرى مع وصول العرب المسلمين وقد نقل التونسيون هذه المهنة والفن اليدوي إلى كامل منطقة المغرب العربي وأشتهر أبو الفضل قاسم الجليزي الولي الصالح الذي عاش في العهد الحفصي وكان مقربا لسلاطين وأمراء الحفصيين الذين اهمتوا بصناعة الفخار و أولوها عناية فائقة. كما أشتهر الخزف في القيروان منذ « القرن التاسع الميلادي أي في عهد الأغالبة شاع الخزف ذو البريق المعدني في القيروان. وقد أثبتت ذلك مواقع العبّاسية وصبرة المنصوريّة. إنّ أبرز ما يختصّ به هذا الفخار هو استعمال الكتابات الكوفّية القديمة داخل الصّحن أو خارج الجرّة ورسم الحيوانات والأشخاص. وأسهم الفاطميون والصّنهاجيون في إشعاع هذا النّشاط. والتحقت مدينة تونسبالقيروان في هذا الشأن. وقد ذكر ابن حوقل هذه الصّناعة إذ قال: «يصنع بتونس فخار حسن الصّباغ وخزف حسن كالعراقي المجلوب» وفي عهد الموحّدين والحفصيّين ركّز حرفيو هذه الصّناعة على الأشكال الهندسية والنباتيّة. وابتعدوا عن الكائنات الحيّة. حمل الأندلسيون الوافدون على الشمال الإفريقي فنّ الكويرا دي سيكا. وهي طريقة عزل الأكاسيد الملوّنة لكي لا يمتزج في بعضها ببعض في أثناء عملية الحرق. ويعدّ قاسم الزليجي وزاويته أشهر من يجسّد هذا الفنّ. وقد شيّدت زاوية حول مقامه الذي أصبح مركزا وطنيا للخزف الفنّي. ولمّا قدم العثمانيون إلى تونس جلبوا معهم طريقة الجليز (القاشاني) ذي اللّون الأحمر القرمزي وخصّوا به المنازل والجوامع والزوايا». وتضيف الموسوعة التونسية»وقلّد التونسيون هذا الفنّ ونشروه إلى خارج الحدود (الجزائر وليبيا ومصر) في القرنين السابع عشر والثامن عشر، إذ حافظت مدينة تونس في هذه الفترة على مكانتها الأولى في إنتاج الخزف المطليّ. ومن أشهر نقاط الصّنع آنذاك حي القلاّلين. وأصبحت صناعة الفخّار في مجتمعنا الحديث تدرج ضمن الصّناعات التقليديّة. وهي تتفرّع إلى فخّار ريفيّ يدويّ يعتمد على القولبة بالأيدي ويستهلك على عين المكان. وهو من خصائص المرأة وربما كان موروثا مباشرة عن الحضارات التي لم تتمدّن وفخّار آلي متنوّع الوظائف والخصوصّيات وموجّه إلى الاستهلاك المحلّي والخارجي» وجهة عالمية الملتقى الدولي للخزف الفني بلغ في دورته التاسعة مستوى عالمي إذ يشارك فيها خزافون من القارات الخمس وستكون أعمالهم الفنية على ذمة الجمهور وقد كان هذا الملتقى شبه ممنوع على الخزافين التونسيين وخاصة الشبان منهم لكنه شهد تحولا كبيرة منذ ثلاث سنوات في مستوى المشاركة التونسية وخاصة الشبان وفي هذه الدورة يشارك عشرون خزافا من مختلف أنحاء العالم ومن خلال جولة في ورشات الخزافين تظهر الفوارق في التجارب الفنية من الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى العراق وأسبانيا وتركيا ومصر والا ردن وتايلاندا وجورجيا وغيرها ويبقى الأمل في أفتتاح متحف الخزف الفني المغلق منذ أحدى عشرة عاما ليكتشف الجمهور من خلاله أبداعات الخزافين الشاهدة على قرون من صناعة الخزف الفني الذي أشتهرت به تونس المعروفة بخصوصيات مدرستها .