في خِضمّ الحَملات الانتخابية يعود المنتخب إلى ساحة الأحداث بمُواجهة ودية وبإطار فني جديد على رأسه ابن البلد المنذر كبيّر. هذا الاختبار الودي سيحتضنه رادس وسيجمعنا بالشقيقة مُوريتانيا التي ستكون شَاهدة على دخول المنتخب الوطني مرحلة جديدة. ومن المفروض أن يكون لقاء الأشقاء نُقطة البداية لإصلاح الأوضاع وإزالة الفوضى التي عِشناها مع سيء الذّكر «آلان جيراس» الذي ساهم في اغتيال «الحلم الافريقي» بفعل خياراته العجيبة وتصرّفاته الغريبة في مُنافسات ال»كان». الليلة يفتح المنتخب صفحة جديدة ومن الضروري أن تترك عناصرنا الدولية انطباعات جيّدة لتستعيد ثقة الجماهير التونسية التي كانت تُمنّي النفس بالحصول على الكأس الافريقية لا مُشاهدة تلك العروض الهزيلة والهفوات المُضحكة - المُبكية لمُدافعينا وحُرّاسنا الثلاثة: بن مصطفى وحسن وبن شريفية. ويحتاج المنتخب اليوم إلى تقديم أداء مُقنع ليَتصالح اللاّعبون مع الأحباء وليَحصل المدرب الجديد المنذر كبيّر على جرعة أوكسيجين تساعده على مُقاومة حَملات التشكيك التي رافقت تعيينه على رأس الإطار الفني للمنتخب الذي يتأهّب لخوض التصفيات المُؤهلة ل «الشَان» و»الكَان». ومن المُنتظر أن يضع المنذر كبيّر عصارة تجاربه مع الجمعيات التونسية وصُلب الإدارات الفنية ليُغيّر ملامح المنتخب ويقوده إلى النجاح «الحقيقي» وهو الظفر بالنّجمة الافريقية الثانية وبلوغ الدّور الثاني للمُونديال فضلا عن استعادة لقب «الشان». وما دون هذا فهو مُجرّد «مكاسب» عادية ولا تَرتقي أبدا إلى مستوى التطلعات وهذا ما ينبغي أن تستوعبه الجامعة المُحتفية بالفوز على «بنما» المغمورة والوصول إلى المربّع الذهبي لكأس افريقيا. المنذر كبيّر ليس ابن البارحة بما أنه جاب البلاد من بنزرت إلى جربة كما أنه يقف على عتبة الخمسين لذلك ننتظر أن يثبت للجميع بأنه الرجل المناسب في المنصب المُناسب ولم تأت به الصُّدف والظُروف خاصة أن الجامعة كانت قد وضعته كخيار ثان وربّما ثالث عند ضبط قائمة المُترشحين التي ضمّت كذلك نجم 2004 راضي الجعايدي والسيّد معلول الرافض بكل وقاحة لعرض الجريء بحجّة أنه لا يستطيع العمل ما لم يكن بجواره «سكرتيره الخاصّ» نادر داود. ويحظى المنذر كبيّر بدعم الكثير من الناس المُؤمنين بكفاءته ونزاهته. كما أنه يتمتّع في الكواليس بمساندة العديد من الشخصيات العامّة والوجوه الرياضية الفاعلة من بنزرت إلى العاصمة. لكن هذا الدعم لا وزن له ما لم يدخل الرجل قلب الشعب الباحث عن الانتصارات ومعها الإقناع والروح «القِتالية» التي افتقدناها مع منتخب «جيراس» والتي وجدناها وأحببناها في المنتخب الجزائري بقيادة المدرب المحلي جمال بلماضي. وستكون الكرة في ملعب المنذر كبيّر ليُحدث «انقلابا» في المنتخب ويكسب ثقة الجمهور ويقطع في الوقت نفسه الطريق على المشكّكين في قدراته والمتربّصين به وهم كُثر وفيهم طبعا «أيتام» معلول الذي يريد ايهام التونسيين بأنه لا نجاح للفريق الوطني إلاّ تحت حُكمه بدليل فضيحة الرأس الأخضر و»زِلزال» بلجيكا. لقاء مُوريتانيا يُشكّل المُصافحة الأولى مع المدرب الجديد لذلك الفوز يبقى السيناريو الأفضل لتبدأ عملية الإصلاح وهي مُضنية وتحتاج إلى «رجل قوي» وهذا ما نتمنى توفّره في المنذر كبيّر المُطالب بفرض كلمته على اللاعبين وتحقيق استقلاليته عن مسؤولي الجامعة التي حطّمت الأرقام القياسية في تغيير المدربين (8 بين 2013 و2019). بالتوازي مع رغبة اللاّعبين ومدرّبهم المنذر كبيّر في مُصالحة الجمهور واسترجاع الهيبة المفقودة قد تُشكّل هذه المواجهة الودية فرصة مِثالية لإدماج الوافدين الجُدد من أوروبا. والأمل كلّه أن تكون التعزيزات الخارجية في مستوى الانتظارات لا مُجرّد أرقام هَامشية نُثقل بها كاهل الفريق بتأثير من الوكلاء الذين يتدخّلون في ضبط القائمات بالتعاون مع رئيس الجامعة والمُحيطين به من أحباب وأصحاب. وبالحديث عن منافسنا في هذه المباراة الودية يعترف المتابعون بأن الكرة المُوريتانية تعيش قفزة نوعية وهو ما تجسّد على أرض الواقع من خلالها ترشّحها التاريخي لكأس افريقيا. وقد شاءت الصُّدف أن يَصطدم منتخبنا بمُوريتانيا في ال»كَان» والحقيقة أن الأشقاء أحرجوا فريقنا وفرضوا عليه التَعادل. ومن الواضح أن مُوريتانيا قادرة على الأفضل بقيادة الفرنسي «مَارتيناز» المُستاء من الوصول المُتأخّر لبعض لاعبيه إلى مُعسكر تونس التي يُعاني منتخبها أيضا من «التسيّب» بدليل العقاب المُسلّط على الشعلالي. ونأمل طبعا أن يكون هذا الإجراء من المُؤشرات الدالة على «قوّة» المنذر كبيّر ورغبته في فرض الانضباط وليس لأسباب أخرى يتحدّث عنه جمهور «الفايس بوك» الفاهم للّعبة الرياضية وحتّى السياسية. وخِتاما نقول: المُنتخب أمانة وعن الأمانات ستُسألون. البرنامج لقاء ودي في رادس (س19 و15 دق): تونس - مُوريتانيا (الحكم المصري ابراهيم نورالدين)