تونس (الشروق) ولد الشّاعر محمد سعيد الخلصي بتونس العاصمة بتاريخ 12 فيفري 1898 وتوفي يوم 23 ديسمبر 1962 عن سنّ تقارب 64 عاما. واشتهر في حياته بالرقة الشعرية وكُنيَ بشاعر العاطفة ورُفِعت منزلته وحُضوته من قبل حسن حسني عبد الوهاب إلذي صنّفه ضمن الشعراء الروّاد ورتّبه بعد أبي القاسم الشابي إنصافا لمآثره الخالدة. وعاش الشاعر الخلصي اليتم الأبوي المُبكر وتولّت والدته كفالته وتربيته بالحرص على تعليمه وإلحاقه بالكتّاب أين تمكّن من تحصيل ثوابت اللّغة العربية قراءة وكتابة وأضاف على ذلك بحفظ القرآن الكريم. وهذا الحرص «الأمومي» على تعليم الخلصي كان وليد شجرة نسبها العالي ومحيطها العائلي باعتبارها نجلة العلاّمة الشّاعر محمد الرياحي وجدّها الشّهير إبرهيم الرياحي ولهذا الارتباط دلالاته وتأثيراته التربوية والاجتماعية والثقافية. وللرّفع من معارفه وتنمية مواهبه انتسب محمد سعيد الخلصي للمعهد الثانوي «كارنو» بتونس فحذق اللّغتين العربية والفرنسية وطوّع أدواتها وأصولها وزاد على ذلك بشغفه بمطالعة أمهات الكتب بقديمها وحديثها والتي مكّنته من نظم الشعر مبكرا. وللإحتكاك بأدباء وجمهور جيله آختار الخلصي الإنخراط في النوادي والصالونات الأدبية التي احتضنت نصوصه بكثير من الإعجاب والتنويه والتشجيع إلى أن ارتقى لإبداع الروائع الشعرية التي حاضر في شأنها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور بإبراز شاعرية الخلصي وجمال نظمه ولغته الجميلة واعترافا لمقام «قلمه» أسندت له إدارة ورئاسة تحرير المجلة «الصادقية» سنة 1920 وبعد عام تركها واستقرّ بالمغرب أين أحرز الإجازة في الحقوق سنة 1924 ومارس مهنة المحاماة بعمالة الدار البيضاء لأكثر من عشريتيْن. وعاد شاعرنا إلى أرض الوطن سنة 1947 لرئاسة ديوان الوزير الأول ولم تمنع الرّاحل الخلصي شواغل الدراسة الجامعية ومهنة المحاماة وأعباء «سياسة» الديوان من تدوين أرقى الأشعار وأحلاها والتي بقيت حاضرة على مرّ الزّمان في ذاكرة الأحبة والنّقاد والأدباء.