مزولة : ساعة شمسيّة اشتقّ اسمها من الزوال لاعتماده في تحديد الوقت ومعرفة أوقات الصلوات بانعكاس ظلّ الخيط المشدود إلى قائم على لوحة حجريّة أو رخاميّة خطّطت عليها وحدات الزمن لنهار أو نصفه. دوّن فتحي الجرّاي ثمانين منها من كامل البلاد ما بين قديمة وإسلامية سواء أكانت مثبتة أفقيّا أو عموديّا في معالمها – و أكثرها جوامع – أو محفوظة في المتاحف و المستودعات الأثريّة أو مفقودة منصوص عليها في الوثائق، و رتّبها زمنيّا من ق 4 م إلى أواسط ق 20 م لمعرفة تطوّرها و خصائصها في كلّ طور، ضمن دراستها، مع التعريف بصنّاعها و عرض صورها. و ذلك ما مكّن من رصد مظاهر التواصل شكلا و محتوى بين القديمة و الحديثة مع تميّز هذه الأخيرة، ومنذ ق 11 ه / 17 م، بالدقّة والثراء بالإفادات تبعا لازدهار علم الفلك و تعدّد المؤلّفات فيه. أنجزت الساعات الشمسيّة بكنيسة داموس الكرّيطة بقرطاج وموقعي أوتيكا ودقّة على كتل حجريّة يتخلّلها في نصفها العلوي تجويف في شكل ربع الكرة نفّذت عليه الخطوط والمنحيات و الرموز. و أنجزت الساعة المعروضة بموقع قرطاج على لوحة رخاميّة مستديرة، بينما أنجزت ساعة موقع حيدرة على لوحة كلسيّة ناعمة مستطيلة. فأمّا مزاول العهد الوسيط (ق 5 – 10 ه / 11 – 16 م) فقد أضافت إلى الساعات القديمة المواعيد الدينية و اتّجاه القبلة و أحيانا الأبراج الإثني عشر و الاتجاهات الجغرافية الأربعة. وأمّا مزاول العهد الحديث ( ق 11 – منتصف 13 ه / 17 – منتصف 19 م ) فتميّزت بإضافة أشرطة ثلاثة لتقسيم الوقت إلى وحدات بخمس درجات، تعادل كلّ وحدة عشرين دقيقة في شريط أوسط، وإلى وحدات بخمس عشرة درجة تعادل كلّ وحدة ساعة في شريط داخلي. وأمّا مزاول العهد المعاصر ( منتصف ق 13 – منتصف 14 ه / منتصف ق 19 – منتصف 20 م ) فقد تخلّت تدريجيّا عن التقسيم القديم القائم على 60 / 20 / 4 دقائق و أصبحت تعتمد على تقسيم 60/30/15/5 دقائق في أربعة أشرطة لكلّ وحدة قيس، كما تخلّت عن القائم المعدني مكتفية بخيط عاكس للظلّ مشدود إلى حلقة تنطلق منها خطوط الساعات في شكل شعاعي. مثلما خلت من منحنيات الصلوات اليومية، و تضمّنت أحيانا إشارات إلى الظواهر الفلكيّة والأبراج الإثني عشر والشهور الميلاديّة. هذا بالإضافة إلى أشكال نادرة من المزاول كالمزولة الثانية بجامع الزيتونة التي صنعها بركات بن محمد الظريف الحسيني الإدريسي سنة 1041 ه / 1631 م بطلب تاج العارفين البكري إذ تحتوي واجهتها الجنوبية على تشكيلة لمزولة من النوع القطبي و تتركّب من منحنى صلاة العصر ومنحنيات مدار السرطان وبرج الميزان ومدار الجدي، وخطوط الساعات مرقّمة، بينما تحتوي واجهتها الشماليّة على تشكيلة لمزولة من النوع الاستوائي و تتكوّن من خطّ الزوال وخطّ التأهيب لصلاة الجمعة و قسّمت حاشيتها إلى ثلاثة أشرطة لوحدات 60/20/4 دقائق . كما تميّزت مزولتان بتونس العاصمة من صنع محمد بن محمود، إحداهما بساحة القصبة مثبتة بجدار وزارة المالية و مؤرّخة بربيع الأوّل 1293 ه / الجمعة 19 مارس – السبت 17 أفريل 1876، وضعت بأمر الوزير خير الدين باشا و إشراف محمد العربي زرّوق رئيس المجلس البلدي، و تضمّ تشكيلة أولى في القسم العلوي للّوح الأيسر مخصّصة لقياس الوقت طيلة النهار بالساعة والدقيقة، وتشكيلة ثانية على باقي اللّوح محدّدة لمنزلة الشمس بالنسبة إلى الأبراج وعلاقتها بالفصول، و تشكيلة ثالثة على كامل اللوح الأيمن مخصّصة لعلاقة الأبراج الإثني عشر بالأشهر الميلاديّة . والمزولة الثانية بجامع القصبة وضعت سنة 1293 ه / 1876 م بأمر خير الدين باشا و إشراف محمد بيرم رئيس جمعية الأوقاف، وهي كسابقتها تعرّف بتاريخ اليوم مع الشهر والبرج دون أيّة إشارة إلى أيّ موعد ديني كما هو معروف على مزاول الجوامع . وقد تكرّرت أسماء بعض المشاهير صنّاع المزاول كأحمد بن قاسم عمّار السوسي الذي تنسب إليه ستّة مزاول منها مزولة جامع الباي بالقيروان بتاريخ 1239 ه / 1823 م، ومحمد بن محمود صاحب مزولتين بتونس مؤرّختين بسنة 1293 ه / 1876 م، وعثمان بن خليل التونسي الحنفي منجز مزولتين بالجامع الكبير وجامع سيدي أحمد غريب بالكاف وثالثة بجامع سوق العين بتبرسق في نفس السنة 1228 ه / 1813 م، وعثمان النجّار صانع مزولة الجامع الكبير بباجة سنة 1246 ه / 1830 م مع ثلاث أخرى بقرطاج بيرصة وسيدي بوسعيد والهوّاريّة، وأحمد العمري صانع خمس مزاول إحداها بالجامع الكبير بسوسة مؤرّخة سنة 1195 ه / 1780 م والأخرى بجوامع المنستير وطبربة وبنزرت والحشّان بجربة، وأحمد الحرّار صانع مزاول جوامع تستور سنة 1174 ه / 1760 م وماطر سنة 1178 ه / 1764 م ومنزل تميم سنة 1184 ه / 1770 م وطبلبة سنة 1192 ه / 1778 م . الجرّاي ( فتحي ) : قياس الوقت في تونس عبر التاريخ . – مدينة العلوم، تونس 2015 ( عربي، فرنسي، أنقليزي).