اثارت مساندة بعض الفنانين المعروفين لعدد من المترشحين للانتخابات و الترويج لهم جدلا واسعا بين الفنانين وحتى بين عموم المواطنين . اذ رأى فيها البعض تجاوزا لمبادئ الفنان والمبدع عموما المطالب بالانحياز لفنه لا غير وعدم التأثير على الناخبين ، في حين اعتبرها البعض الاخر حقا من منطلق ان الفنان هو مواطن من حقه مساندة من أراد . فما هو دور الفنان و المبدع عموما في مثل هذه الحملات الانتخابية ؟ تونس – "الشروق" –: "الشروق" طرحت السؤال على عدد من المبدعين فكانت الإجابات التالية إبراهيم اللطيف (سينمائي) الفنان ليس محايدا وعليه دخول المعترك السياسي حسب اعتقادي، كفانا اعتقادا بأن الفنان يجب أن يكون بعيدا عن السياسة، والعمل السياسي، بتعلّة أن الفنان محايد، وهي تعلّة غير صحيحة، فالفنان ليس محايدا، فضلا عن أنه أيضا مواطن، ومن حقه أن تكون له توجهات سياسية، وحان الوقت للإدلاء برأيه وموقفه السياسي. فاليوم، من الضرورة بمكان، أن يكون المثقف أو الفنان فاعلا في العمل السياسي، وصاحب موقف واختيار واضح في الانتخابات ومن السياسيين، وفي أعرق الديمقراطيات، هناك من خيرة المثقفين والفنانين، من يعلنون عن اختياراتهم.. ولسائل أن يتساءل، هل المثقف معصوم من الوطنية، حتى لا يكون لديه توجه يعلن عنه؟ لكن دعنا نقول، إنّ عددا من الفنانين، لديهم النزعة التجارية، ويفضلون عدم الإفصاح عمن يرشحون ومن سينتخبون، هؤلاء يتعايشون مع أي كان، حتى إن اختلفوا معه في قرارة أنفسهم، أما بالنسبة لي، فموقفي واضح وجلي أيضا، فعلى الفنان أن يدلي بموقفه السياسي، وأن فعلت ذلك، فلأنني مستقل سياسيا، ولا أنتمي إلى أي حزب، أساند مترشحا مستقلا في الانتخابات الرئاسية. رؤوف بن يغلان (مسرحي) هلمّوا بنا نعمر المقاهي والشوارع بالفن والثقافة هذا الطرح في صميم تجربة أسعى لتنفيذها وقريبا إن شاء الله، وهذه التجربة هي برنامج "أقنعني"، وهو عبارة عن مساءلة ثقافية في مقهى ثقافي بين المواطنين والمترشحين، وسنحاول في هذا البرنامج، العمل على توعية المواطنين والسياسيين على حد السواء، فعبارة أقنعني موجهة للطرفين، بمعنى، أن السياسي عليه أن يقنعنا ببرنامجه حتى نصوت له، والمواطن في المقابل عليه أن يقنعنا لماذا اختار التصويت لهذا السياسي أو لهذا الحزب دون غيره. ومن هذا المنطلق، فإن استقالة النخبة اليوم، سيكون لها تداعيات خطيرة، والسياسي أصلا هو في انتظار هذه الاستقالة، وبالتالي، مشاركة الفنان في الحملات الانتخابية أصبحت أكثر من ضرورية، فالفنان هو ضمير المجتمع، وإذا لم يقم هذا الضمير بواجبه، فهو ضمير مريض، وواجب الفنان اليوم، كشف الحقائق التي تهم المواطن، حتى يساعده على الاختيار. اليوم، نحن كفنانين عملنا لا يقتصر على تقديم الفرجة، والحضور فوق الركح، حضورنا يجب أن يكون في الشارع، والمقاهي و"البطاحي"، ومن هذا المنبر أوجه نداء لكل الفنانين: "هلموا بنا نعمّر المقاهي والشوارع بالفن والثقافة، حتى نتواصل ونحسن بما في حالنا حتى بالكلمة ما يمكن أن نحسن، ونبني المعنى. نحن اليوم في حاجة إلى تأثيث العقول وبناء القيم، ولا خيار لنا إلا أن نكون في الصفوف الأولى بجانب المواطن، ولا ولاء لنا إلا للشعب التونسي قبل الأحزاب والأشخاص.. نحن في حاجة إلى وعي جماعي لننقذ تونس من الأزمات الحادة التي نعيشها، ونخرجها من المتاهات المصطنعة. لذلك أجدد دعوتي إلى كل أهل الرأي والمعرفة، بأن نوحد صفوفنا، لنكون سلاحا معرفيا ثقافيا، فكريا في خدمة المواطن والضعفاء، ويجب أن نجنّد أنفسنا خدمة لوحدة الوطن، ولا خيار لنا غير الصفوف الأولى... الشاذلي العرفاوي (مسرحي) حزب الفنان... فنه -المثقف، أذكى من السياسي. وهنا نتحدث عن المثقف العضوي بالمعنى الغرامشي، في علاقته بوطنه. بمعنى أن المثقف أو الفنان عليه أن يقدم منتوجه الثقافي أو الفني كما يجب، من خلال معالجة المواضيع الهامة والحارقة. فالمثقف لديه نظرة استشرافية أكبر وأبعد مدى من السياسي، لأنه يعرف أغوار مجتمعه ومعاناته بحكم التصاقه بالناس، وهو لديه أيضا دور الرقيب، فيصيغ باستمرار عملا ابداعيا في اختصاصه، يطرح من خلاله القضايا الموجودة، ويقدم أحيانا حلولا لها، وبالتالي المثقف، دائما في حملات على كل ما هو ظواهر ومشاكل في مجتمعه. وحسب رأيي المثقف أو الفنان لا يجب أن يكون واجهة لأي حزب ولا بوقا لأي شخص، وإنما هو مبدع في مجاله يطرح مشاكل وشواغل المواطن، وبالتالي دور المثقف ليس موسميا، وإنما هو عمل يومي، فالمثقف هو أيضا سفير تونس في المحافل الدولية، وهو المرآة التي تعكس المجتمع. ومن هذا المنطلق حزب الفنان هو فنه... محمد الجبالي (مطرب) بفنك يمكن أن توعي المجتمع -نحن في عالم ثالث، لذلك أعتقد أنه على الفنان ألا يبوح باختياراته، فكما في كرة القدم مثلا، يفضل ألا يبوح الفنان بفريقه المفضل، وفي السياسة نفس الشيء لا يبوح الفنان باسم الشخص أو الحزب الذي سينتخب، حتى يحافظ على جمهوره الذي ينتمي لمختلف الحساسيات الحزبية. وشخصيا أتابع السياسة وبرامج الأحزاب وكذلك برامج المرشحين للانتخابات الرئاسية، لكن بحكم مهنتي، أرى أنه من الأفضل عدم الكشف عن اختياراتي، لأنني في حل من عداوات مجانية، لكن من جهتي يمكن أن يكون لي دور توعوي بأغنية مثلا تحث على الذهاب للانتخاب، والوقوف لتونس في هذه الفترة العصيبة، حتى يأتي يوم نصبح فيه من الشعوب المتقدمة، وقتها سأبوح باختياراتي. عادل بندقة (ملحن) المكان الطبيعي للفنان هو المجتمع المدني -دور الفنان في الواقع خلال هذه الفترة ليس بمعزل عن دوره بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، فعلاقة المثقف بالبلاط مسألة تاريخية، واليوم عديد المثقفين والفنانين اختاروا الاصطفاف وراء هذا أو ذاك، وثمة من دقت الأحزاب أبوابهم ومنهم من قبل ومنهم من رفض، ومنهم من ظل يناور... عموما الفنان أو المثقف هو صورة عند الناس، ومن هذا المنطلق، إذا أراد الفنان أن يكون فاعلا في الحملات الانتخابية وفي الشأن السياسي عموما، فإن مكانه الطبيعي هو المجتمع المدني، الذي يراقب الانتخابات وسير العمل فيها ممارسة حقيقية، أما فنيا، فيجب أن ترتبط أعمال الفنان بالقيم، أي أن يكون ملتزما ومترفعا عن الصراعات، وساعيا إلى تكريس القيم الحقيقية للديمقراطية وقيم الوطن. جمال المداني (ممثل) الفنان مواطن -الفنان مواطن، والمواطن يجب أن يقوم بدور المواطنة، وعلى هذا الأساس، من حق الفنان أن يؤيد الشخص الذي يراه مناسبا في الانتخابات الرئاسية، وأن يعلن دعمه لفلان أو لآخر، وبما أن المواطنين لديهم عديد المشاغل في الحياة، فلا يتابعون مختلف المترشحين، لذلك كثيرا ما يسألون الفنان ويطلبون منه مساعدتهم في اختيار الشخص أو الحزب الذي يستحق تصويتهم، وشخصيا لا أبخل بالنصيحة على أحد. بل كلما قدمت وجهة نظري فسرت كل الجوانب والدوافع التي جعلتني أختار ورئيسا أو حزبا، فأراؤنا يجب أن تكون مبنية على أسس ومعطيات صحيحة، لأن ما يهمنا كفنانين ليس الأشخاص وإنما مصلحة الوطن، وشخصيا اخترت من سأساند في الرئاسية لكن الشخص الذي اخترته في صورة نجاحه، سأكون أول المصطفين في الصفوف الأمامية لنقده في حال عدم ايفائه بوعوده وببرنامجه.