تستعد تونس الاسبوع المقبل لخوض غمار الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها و تحسبا لاي تشويه قد يطال الحملات الانتخابية فقد تجندت العديد من الجهات لمراقبة التمويل من بينها محكمة المحاسبات التي منحها المشرع الجزء الاكبر من الرقابة على التمويل . تونس (الشروق) فأي دور لقضاة محكمة المحاسبات؟ وكيف ستتم الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية ؟ وما هي الاشكاليات المطروحة؟ أسئلة اجابت عنها رئيسة اتحاد قضاة محكمة المحاسبات فاطمة قرط في لقاء لها مع « الشروق» كثر الحديث هذه الأيّام عن مصطلح تمويل الحملة الانتخابيّة ما هو معنى هذا المصطلح؟ تتيح العمليّة الانتخابيّة للمترشّحين التّنافس لنيل ثقة النّاخب والحصول على صوته، ويتطلّب ذلك بالأساس تنظيم أنشطة مختلفة يتمّ خلالها التّعريف بالمترشّح وببرنامجه الانتخابي وهو ما يعبّر عنه بالحملة الانتخابيّة، ويحتاج ذلك إلى تمويل أي إلى توفّر مبالغ ماليّة تمكّن من إنجاز مختلف المصاريف الانتخابيّة. وباعتبار أهميّة المال في هذه الصّورة حيث يعتبر عنصرا جوهريّا لإنجاح الحملة الانتخابيّة واستمالة النّاخبين فقد أقرّ المشرّع قواعد مضبوطة في القانون الإنتخابي لتأطير مصادر الحصول على هذه الأموال وشروطها وكيفيّة صرفها. اذا كيف تتمّ الرّقابة على تمويل الحملات الإنتخابيّة؟ تمثل رقابة تمويل الحملات الانتخابية إحدى الآليات الهامة للحفاظ على نزاهة الانتخابات وشفافيّتها، حيث تساهم هذه الآلية في اكتشاف وتفادي مصادر التمويل المشبوه والمال السياسي الفاسد الذي يمكن أن يؤثر على إرادة الناخبين، كما أنها تضمن إخضاع الأطراف الفاعلة في العملية الانتخابية (الأحزاب السياسية والمترشّحين) إلى مبدأ المساءلة وتعزّز شفافية العمليات المالية المنجزة. بصفة عامّة تمكّن عمليّة الرّقابة من إضفاء المشروعيّة على المسار الانتخابي ككلّ، بالإضافة إلى ضمان الالتزام بالإطار القانوني من قبل الجميع. وفي هذا الإطار تتعدد الأطراف المتدخلة في إنجاز عمليّة الرّقابة سواء بصفة متزامنة أو لاحقة للحملة الانتخابيّة المعنيّة ونخص بالذكر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري والمؤسسات المالية والبنك المركزي ولجنة التحاليل المالية والديوانة والسلطة القضائية. وفي هذا الخصوص عهد إلى القاضي المالي ضمان مصداقية وشفافية العمليات المالية المنجزة خلال الحملات الانتخابية حيث أسند القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء كما تمّ تنقيحه وإتمامه لاحقا اختصاص رقابة تمويل الحملات الانتخابيّة لمحكمة المحاسبات والبت في المخالفات الانتخابية المتعلقة بها كما عهد إليه مسألة ضبط المنحة العمومية. تصدر محكمة المحاسبات تقريرا عامّا بخصوص الرّقابة على تمويل الحملات الإنتخابيّة، لكن هل يكفي ذلك لردع المخالفين؟ تنقسم الرّقابة على تمويل الحملات الإنتخابيّة الّتي تقوم بها محكمة المحاسبات إلى مرحلتين مرحلة رقابيّة ومرحلة قضائيّة. وتهدف المرحلة الرّقابيّة خاصّة إلى التثبّت من إنجاز كلّ المصاريف المتعلّقة بالحملة من خلال الحساب البنكي الوحيد المفتوح للغرض ومسك كلّ مترشّح لحسابيّة ذات مصداقيّة تتضمّن بيانات شاملة ودقيقة حول كلّ عمليّات القبض والصرف ذات الصّلة بالحملة الانتخابيّة ومن مشروعيّة مصادر المداخيل واحترام المترشّحين لسقف الإنفاق الإنتخابي والطّابع الانتخابي للنفقة وذلك وفقا لمنطوق الفصل 93 من القانون الإنتخابي... وتتوّج هذه الأبحاث بصياغة تقرير عامّ يضمّن نتائج الرّقابة وينشر بالرّائد الرسمي للجمهوريّة التّونسيّة وبموقع محكمة المحاسبات. أمّا فيما يتعلّق بالمرحلة القضائيّة، وفي ضوء ما تمّ الوقوف عليه من تجاوزات، فيتمّ خلالها التعهّد بمختلف الإخلالات الّتي من شأنها أن تشكّل جرائم انتخابية على معنى القانون الانتخابي. ويقصد بالجريمة عموما كلّ أمر إيجابيّ أو سلبيّ يعاقب عليه القانون سواء كان مخالفة أو جنحة أو جناية وذلك حسب درجة خطورة الإخلال. وتختصّ محكمة المحاسبات بالمخالفات الماليّة والانتخابيّة المنصوص عليها بالفصول 98 و99 و100 و163 من القانون الانتخابي المذكور أعلاه وذلك على غرار عدم إيداع الحساب المالي وتجاوز السّقف والتمويل الأجنبي. وقد تولّت محكمة المحاسبات البتّ في عديد المخالفات وإصدار أحكام في الغرض تضمّنت عقوبات ماليّة وانتخابيّة تهمّ مختلف المحطّات الإنتخابيّة التّي شهدتها البلاد التّونسيّة منذ انتخابات المجلس التّأسيسي وآخرها الإنتخابات البلديّة. وفي هذا السّياق، تولّت مختلف الهيئات الحكميّة إصدار قرارات ابتدائيّة تعلّقت خاصّة بإسقاط عضويّة الفائزين بالمجالس البلديّة تبعا لعدم إيداعهم لحسابهم الماليّ في الآجال القانونيّة. أمام مختلف التنقيحات الّتي شهدها القانون الإنتخابي، هل يمكّن هذا القانون من تحقيق رقابة ناجعة لتمويل الحملات الانتخابيّة؟ ولئن عرف القانون الإنتخابي تنقيحين هامّين إلاّ أنّ المشرّع قد تغافل عن جملة الثغرات الّتي تضمّنها باعتباره حجّر عديد الممارسات المتعلّقة بالتمويل دون اقتضاء العقوبة ذات الصّلة. ويذكر في هذا الشأن حالات التمويل من قبل ذوات معنويّة والتمويل المقنّع هذا فضلا عن عدم تحميل أيّ مسؤوليّة قانونيّة للوكيل المالي بالرّغم من أهميّة دوره في عمليّات القبض والصّرف. وفي سياق متّصل تطرح مسألة الإجراءات لدى محكمة المحاسبات في المادّة الإنتخابيّة إشكاليّات عديدة حيث أحال القانون الانتخابي عند إصدار الإحكام الابتدائية واستئنافها إلى الإجراءات المقرّرة بالقانون الأساسي المنظّم لمحكمة المحاسبات. وتتعلّق هذه الإجراءات بالبت في حسابات المحاسبين العموميين في حين أن طبيعة الرقابة القضائية في المادة الانتخابية ( طبيعة المتقاضين - المادة- أهداف ..) تستوجب وضع إجراءات خاصة بها.