هدم 3 أكشاك قرب محطة برشلونة    وزير التجهيز يؤكد بسيدي بوزيد على ضرورة احترام الاجال التعاقدية لمشروع الطريق السيارة تونس جلمة لتدخل حيز الاستغلال بداية من سنة 2027    البنك الدولي يؤكّد إلتزامه بتعزيز الشراكة مع تونس.. #خبر_عاجل    الرئاسة الفرنسية.. ماكرون قد يعين رئيس وزراء جديدا خلال الأيام المقبلة    المعارضة النقابية تندّد    تصفيات كاس العالم 2026 : التعادل 2-2 يحسم مباراة المالاوي وليبيريا    بطولة افريقيا لكرة اليد للوسطيات: المنتخب التونسي يحقق فوزه الثالث على التوالي    أولا وأخيرا .. ولد العكري وبنت السرجان    بسبب الكسكسي: رئيس بلدية مرسيليا يتلقّى تهديدات بالقتل!!    منح الصبغة الجامعية لعدد من الأقسام    نابل: تقدم موسم جني عنب التحويل بنسبة 85 بالمائة    الليلة: أمطار بهذه الولايات مع إمكانية تساقط البرد    عاجل/ السجن 6 أشهر ضد صانع محتوى    عاجل/ افتتاح مصنع صيني لصناعة مكونات السيارات ببن عروس    بن عروس: توزيع 4000 مساعدة اجتماعية على تلاميذ أبناء العائلات المعوزة خلال الايام القادمة    انتخاب تونس لرئاسة منظمة الشركاء في السكان والتنمية للفترة 2025–2028    نقابة الصحفيين تدعو رئيس الجمهورية إلى تفعيل اليوم الوطني لحماية الصحفيين    突尼斯:中国首家汽车线束工厂在布尔杰塞德里亚工业区揭牌    ارتفاع في منسوب التحركات الاحتجاجية خلال شهر أوت 2025 (تقرير المرصد الاجتماعي)    دوخة كي تاقف؟ هاذي أبرز الأسباب والنصائح باش تتجنبها    استعد! جداول أوقات التلاميذ للسنة الدراسية 2025/2026 متاحة الآن عبر هذا الرابط وبداية من هذا التاريخ    عاجل: منحة جديدة ب100 دينار لكل صغير و120 للطلبة قبل العودة المدرسية... التفاصيل    من بينها تونس: بداية قوية لفصل الخريف وأمطار غزيرة في عدة دول عربية    عاجل/ القبض على الإبن المُعتدي على والدته في بنزرت    الترجي الجرجيسي يفوز وديا على إتحاد تطاوين    مصارعان يمثلان تونس في بطولة العالم 2025 بكرواتيا    سوسيوس كليبيست: تنظيف المدارج والساحة ومحيط المسرح الأثري بأوذنة (صور)    بعد جائزة الأسد الفضي في فينيسيا.. 4 عروض لفيلم صوت هند رجب بمهرجان تورنتو    "الفنون والاعاقة ... من العلاج الى الابداع" عنوان الملتقى العلمي الدولي ال22 الذي ينظمه الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    فريجي شامبرز : لا يمكن التفكير مستقبلًا في ضخ أموال إضافية لفائدة النادي الإفريقي    مؤشر الأسعار الدولية للمنتجات الغذائية دون تغيير يُذكر خلال شهر أوت 2025    حادثة مروعة: كهل يعنف والدته ويعتدي عليها بطريقة بشعة..وهذه التفاصيل..    أسعار الكراس المدعم لهذا العام..#خبر_عاجل    الهيئة الوطنية للمحامين تتولى قضية وفاة التونسي الذيبي في مرسيليا    إصلاح الكابلات البحرية قد يستغرق أسابيع: هذه الدُول الأكثر تضررًا    قطر تخفّض أسعار 1019 دواء    وزارة التجارة تُخزّن 12 ألف طن من البطاطا استعدادا للفجوة الخريفية    تغييرات منتظرة في تشكيلة المنتخب أمام غينيا الاستوائية؟    تقدم ساقية الداير: سنتمسك بحظوظنا رغم وجودنا في مجموعة تضم فرقا كلاسيكية في البطولة    مباراة تونس اليوم ضد غينيا الاستوائية: كل ما تحتاج معرفته عن مدينة مالابو    من التراث الشعبي للتغيرات المناخية: ماذا تعرف عن ''غسّالة النوادر''؟    عاجل/ قاصر ينفذ هجوما في تركيا ومقتل شرطيين..    استراليا: علماء يكتشفون فيروسا خطيرا جديدا    كيف الوقاية من أمراض العودة إلى المدارس؟    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    الاحتلال يدمر 50 بناية كليا و100 جزئيا بمدينة غزة منذ فجر اليوم..#خبر_عاجل    ألكاراز يهزم سينر ويحرز لقبه الثاني في بطولة أمريكا المفتوحة    عاجل/ هذه الدولة تقر إجراءات جديدة نصرة لغزة..    هجوم مسلح في القدس يسفر عن سقوط قتلى وجرحى    جبل الجلود: إيقاف مجرم خطير محل 20 منشور تفتيش    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الدورة 69 من مهرجان لندن السينمائي: 'صوت هند رجب' و'سماء موعودة' ضمن القائمة    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    الأحد: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منبر الجمعة ...الاستقامة ترجمة عملية للايمان
نشر في الشروق يوم 20 - 09 - 2019

فَرَضَ علينا ربُّنا الاستقامة على طاعته، وذلك بسلوك الصِّراط المستقيم، وهو الدِّين القويم، مِن غير تعويج عنه يمنة ولا يَسْرة، ويشمل ذلك فِعل المستطاع منَ الطاعات الظاهرة والباطنة، وترْك المنهيَّات كلها، وهي وصيَّة الله - عز وجل - لِرَسُوله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [الشورى: 15]، وهي وصيَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، فقد جاءَهُ سفيان بن عبدالله الثَّقَفي؛ طالبًا منه أن يعلِّمَه كلامًا جامعًا لأمر الإسلام كافيًا؛ حتى لا يحتاج بعده إلى غيره، فقال له: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال: (قُلْ: آمنتُ بالله، فاستقم)؛ رواه مسلم. فأجابه النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي أوتيَ جوامع الكَلِم، التي اخْتَصَّه الله بها، فجمع له في هاتينِ الكلمتينِ جميع معاني الإسلام والإيمان، اعتقادًا وقولاً وعَمَلاً، فالإسلامُ اعتقادٌ وطاعة، فالاعتقاد حاصِل بقوله: (آمنتُ بالله)، والطاعة بجميع أنواعها في قوله: (استَقِم)؛ إذ الاستقامة امتثالُ كلِّ مأمور مقدور عليه، واجتناب كلِّ منهِيٍّ عنه.
وأَصْل الاستقامة استقامةُ القلب على محبَّة الله، وإجلاله وخشيته، ورجائه ودعائه والتَّوَكُّل عليه، والإعراض عما سواه، وإرادته بالعبادة دون ما سواه، فلا الْتِفات لِلْقَلْب لغير الله - عَزَّ وَجَلَّ - هذا في ما بين العبد وربه؛ فعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيمَ لسانُه) .
وكذلك يجب أن يكونَ القلب مستقيمًا ما بين العبد وبين إخوانه المسلمينَ، فمِن مظاهر استقامة القَلْب محبَّة المسلمين، وتوقيرهم وإجلالهم لله - تعالى - لا لمصلحةٍ دنيويَّة؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عنِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث مَن كنَّ فيه، وَجَدَ حلاوة الإيمان: أنْ يكونَ الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحبَّ المرء لا يحبه إلاَّ لله، وأن يكره أنْ يعودَ في الكفر، كما يَكْرَه أن يقذفَ في النار)؛ رواه البخاري، ومسلم. ومِن مظاهر استقامةِ القَلْب محبَّة الخير للمسلمين؛ كما يحبُّه لنفسه، وكراهة الشر والنَّقص في دينهم ودُنياهم، كما يكرهه لنفسه؛ فعن أنس - رضي الله عنه - عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)؛ رواه البخاري، ومسلم.
ومِن مظاهر عدم استقامةِ القلب الكِبْرُ والتَّرَفُّع على الآخرينَ؛ فعن عبد الله بن مسعود، عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْر)، قال رجل: «إنَّ الرَّجُل يحب أن يكونَ ثوبه حسنًا، ونعله حسنا»، قال: (إنَّ اللهَ جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَر الحق، وغمط الناس)؛ رواه مسلم. فكيف يكون مستقيمَ القلب مَن هو تائه في نفسه، معجب بها، محتقر الآخرين؛ لجاهٍ، أو مالٍ، أو بسطةٍ في العلم أو الجسم، أو غير ذلك مما أنعم الله به عليه؟ كيف يكون مستقيمًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (بحسب امرئٍ منَ الشَّرِّ أنْ يحقِرَ أخاه المسلم)؛ رواه مسلم.
الجوارِحُ لا تستقيم إلاَّ باستقامة القلب، فحَرَكَات البَدَن تابِعة لِحَرَكَات القَلْب وإرادته، فإنْ كانتْ حركته وإرادته لله وحده، فقد صَلحَ وصلحتْ حركات الجَسَد كله، وإن كانتْ حركة القَلْب فاسِدة، فسدتْ حركاتُ الجسد، بحسب فساد حركة القلب. ومِن أعظم ما يراعَى استقامته بعدَ القَلْب مِنَ الجوارِحِ اللسانُ، فإنَّه تُرجمان القلب، والمُعَبِّر عنه، (ولا يستقيم قلْبُه حتى يستقيمَ لِسانُه). ومِن مظاهر عدم استقامةِ اللسان: نَقْلُ الكلام مِن غير تَثَبُّت، هل هو صدق أو كَذِب؟ فيدخل الناقِل في عِداد الكاذبينَ. ومِن مظاهر عدم استقامة اللِّسان: الكَذِب في الحديث، ونَقْل الكلام على غير ما قِيلَ؛ لا سِيَّما إذا كان للنَّفْس في ذلك حظّ، ومِن ذلك الفُجُور في الخُصُومة، ومَن هذه صفته فهو منافق نفاقًا عمليًّا، فمَن هذه حاله، فكيف يكون مستقيمًا؟ .
الخطبة الثانية
هناك فهمً خاطئ للاستقامة عند البعض منَّا، حينما يقصرها على استقامةِ الظاهر فقط، فتجده يَحْرِص على مظهره الخارجي؛ ليكونَ مستقيمًا على أمر الله، ولا يلتفت لقلبه ولسانه، فلا يخلصهما مما ينافي الاستقامة، فهذا وإن كان في الظاهر مستقيمًا؛ لكنه في الحقيقة ليس مستقيمًا بشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيم قلبُه حتى يستقيمَ لسانه)، فلا بُدَّ منَ التَّنَبُّه إلى حقيقة الاستقامة، وإصلاح القلب واللِّسان، مما ينافي الاستقامة؛ كما يصلح الظاهر.
والإسلام دين الاعتدال، فربُّنا - عز وجل - يخاطِب نَبِيَّه - صلى الله عليه وسلم - بقوله - تعالى -: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، فلَمَّا أمر بالاستقامة حَذَّرَ مِن مجاوَزة المشروع، فقد ينتهي الأمر إلى الغُلُوِّ والمبالَغة، وقد أَمَرَنَا بالاعتدال فيريد ربُّنا منَّا الاستقامة على ما أمر دون تفريط ولا غُلُوٍّ.
ومقابل ذلك يُذَكِّرنا ربُّنا - عَزَّ وجل - أنَّه لا بدَّ مِن خَلَل وتقصير منَّا في الاستقامة، بقوله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ﴾ [فصلت: 6]، فأمرنا بالاستغفار؛ إشارةً إلى أنه لا بدَّ مِن تقصيرٍ في الاستقامة المأمور بها، فيجبر ذلك الاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع إلى الاستقامة؛ وفي الصَّحِيحَيْنِ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (سدِّدوا وقاربوا وأبشروا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.