تتجه كل الأنظار اليوم إلى المحكمة الإدارية التي انطلقت منذ أمس في النظر في الطعون المتعلقة بنتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية في انتظار إصدار القرارات غدا الاثنين. تونس- الشروق – بعد "ضجة" نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية وما أثارته من ردود أفعال وتعاليق وجدل واسع، أصبحت كل الانظار متجهة اليوم الى المحكمة الإدارية التي تلقت 6 طعون وصفها المختصون ب"الجديّة" بالنظر الى ما قد يترتب عنها من تغيير للنتائج الأولية. وقد انطلقت أمس السبت الدوائر المختصة بالمحكمة الإدارية في جلسات النظر في الطعون. ثم استمعت الى مرافعات المحامين الذين ينوبون مختلف الأطراف المتداخلة في هذه الطعون على غرار محاميي الطاعنين ومحاميي هيئة الانتخابات. ثم تقرر حجز ملفات القضايا للتصريح بالقرارات غدا الاثنين 23 سبتمبر 2019 ، انطلاقا من الساعة التاسعة صباحا. المحكمة تحت الضغط قال متابعون إن من أبرز المخاوف المتعلقة بهذه الطعون هي عدم قدرة المحكمة الإدارية على الاطلاع في ظرف وجيز على مختلف الوثائق والمؤيدات بشكل مدقق على غرار قرارات الهايكا ومحاضر مراقبي هيئة الانتخابات ومحضر جلسة النتائج وغيرها. ورغم ما يتميز به قضاة المحكمة الادارية من حنكة وكفاءة ودراية إلا أن ضغط الوقت قد يجعلهم يتخذون قرارات بقبول أو رفض بعض الطعون بصفة متسرعة أو مرتبكة. وفي السياق ذاته يستبعد آخرون امكانية تعرض المحكمة الادارية الى ضغوطات سياسية نظرا الى ما تتمتع به من استقلالية. ولكن مهما ستكون طبيعة قراراتها والآثار التي ستترتب عنها فإنها ستثير بلا شك الانتقادات والشكوك لأن الوضع يوصف بالدقيق في ظل كل ما قيل حول نتائج الدور الاول وما تردد طيلة الايام الماضية من تحاليل وتخمينات سياسية حول فوز المترشحين قيس سعيّد ونبيل القروي... مآزق يتحدث آخرون عما ستواجهه المحكمة الادارية من صعوبات ذات علاقة بتأويل بعض المسائل وبما ستمارسه فيها من سلطة تقديرية. فبعض الطعون مثلا تعلقت بالاشهار السياسي على قنوات تلفزية خلال الحملة الانتخابية لبعض المترشحين واستندت الطعون إلى قرارات الهايكا. وهو مثلا الطعن الذي قدمه المترشح عبد الكريم الزبيدي متهما نبيل القروي ( المرتبة الثانية) وعبد الفتاح مورو ( المرتبة الثالثة) باستعمال الاشهار السياسي عبر قناتي نسمة بالنسبة الى الأول والزيتونة بالنسبة الى الثاني. وقدم مؤيدات قيل إنها قوية. لكن هناك من يرى أن الهايكا هيئة فاقدة للشرعية القانونية بعد أن انتهت آجال مهامها المضبوطة في القانون فكيف ستعتمد المحكمة على قراراتها إذن؟ وهناك من يقول ايضا إن الاشهار السياسي على القنوات التلفزية والاذاعية لم يقع فيه فقط القروي ومورو. بل وقع فيه عدد آخر من المترشحين ممن خصصت لهم حوارات مطولة وبرامج كاملة تتحدث عنهم فكيف سيقع التعامل مع هؤلاء المترشحين؟ كما يثير البعض أيضا تساؤلات حول الكيفية التي سيقع بها التعامل مع مسألة عدم تكافؤ الفرص بين المترشحين من خلال حرمان اثنين منهم من المناظرات التلفزية ( سليم الرياحي ونبيل القروي) وحرمان نبيل القروي من اجراء حوارات صحفية من السجن عكس البقية الذي أجريت لهم حوارات بالعشرات عبر مختلف وسائل الاعلام. تغيير النتائج أو إلغاء الانتخابات؟ توجد 3 فرضيات لما ستقرره المحكمة الإدارية. فإما أن تغير النتائج على ضوء الطعون وتعيد ترتيب المترشحين وإما أن تلغي الانتخابات تماما وتأذن بإعادتها في بعض الدوائر أو في كل الدوائر. أما الفرضية الثالثة فهي رفض الطعون شكلا وأصلا والمحافظة على النتائج الاولية المعلنة في انتظار استئنافها من قبل المعنيين. واعتبر مراقبون أن الفرضيتين الأولى والثانية قائمتان بقوة في ظل جدية الطعون المقدمة والتي قد لا تترك هامشا كبيرا أمام المحكمة الادارية لإقرار غير ذلك. في حين يعتبر آخرون أنه من المستبعد أن تقرر المحكمة إلغاء النتائج تماما أو اعادة ترتيب المترشحين باعتبار ان التهم الموجهة الى بعض المترشحين إما انها لا يمكن ان تؤدي الى هذه العقوبة او انها غير مرفوقة بالمؤيدات اللازمة. وهناك من يؤيد فرضية الغاء النتائج واقرار إعادة الانتخابات بالقول إن كل المترشحين بلا استثناء ارتكبوا جرائم ومخالفات انتخابية خلال حملاتهم وبالتالي لن تجد المحكمة غير تطبيق القانون على الجميع وإلغاء النتائج. الطاعنون عبد الكريم الزبيدي ( المرتبة 4) - يوسف الشاهد (المرتبة 5) - سيف الدين مخلوف ( المرتبة 8) - ناجي جلول ( المرتبة 21) - سليم الرياحي ( المرتبة 25) - حاتم بولبيار ( المرتبة 26). أهم الطعون تعلقت الطعون بمسائل مختلفة من شأنها أن تمس بنزاهة وشفافية الانتخابات وبالتالي قد تؤثر على النتائج. وكانت مرفوقة بمؤيدات عديدة. وكان رئيس وحدة الاتصال في المحكمة الإدارية عماد الغابري قد ذكر أن الطعون تمحورت عموما حول مسائل تتعلق بالحملة الانتخابية ( التأثير على أصوات الناخبين باستعمال وسائل الاتصال الاجتماعي ووسائل الاعلام السمعية والبصرية - الاشهار السياسي - تجاوز سقف التمويل المسموح به - طريقة إحصاء الأصوات من طرف هيئة الانتخابات - عدم ضمان هيئة الانتخابات معاملة متساوية بين المترشحين). محامية هيئة الانتخابات: المخالفات لم تؤثر على إرادة الناخبين اعتبرت محامية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن المخالفات الانتخابية التي تعلقت بها الطعون لم تؤثر على إرادة الناخبين ولا على النتائج التي افرزها الصندوق. ووفق هذا الرأي فإن الهيئة تتمسك بالنتائج الاولية المعلنة يوم الثلاثاء الماضي والتي يتصدر فيها قيس سعيّد قائمة الفائزين يليه نبيل القروي وعبد الفتاح مورو وعبد الكريم الزبيدي ويوسف الشاهد. وأكدت المحامية ان الهيئة تقف على المسافة نفسها من جميع المترشحين وانها حرصت على حسن تطبيق القانون خلال الانتخابات.