بعد مرور أكثر من أسبوعين من الحملة الانتخابية التشريعية طغت الوعود الزائفة والخارجة على صلاحيات النائب أنشطة العديد من المترشحين، فما هي دوافع هذا السلوك وهل يمكن بذلك مغالطة الناخبين؟ تونس (الشروق) تتنافس 1572 قائمة انتخابية موزعة بين 163 قائمة قائمة ائتلافية و687 قائمة حزبية و722 قائمة حزبية على 217 مقعدا برلمانيا يؤثث مجلس النواب القادم، وكل هذه القائمات تمثل 15 ألف و737 مترشحا يشاركون بقدر مختلف في الحملة الانتخابية التي بدأت يوم 14 سبتمبر الجاري وتتواصل الى غاية 4 أكتوبر القادم لإقناع الناخبين بالتصويت لهم. وبعد مرور 12 يوما من الحملة الانتخابية التشريعية وقياسا بنوعية الانشطة التي تخللتها والتي ارتكزت أساسا على التواصل المباشر بالمواطنين لوحظ وجود وعود عالية السقف يندرج بعضها في خانة الوعود الزائفة بينما يتجه بعضها الآخر الى مصاف الوعود الخارجة عن نطاق صلاحيات النائب. دور النائب وتبعا لمضمون الباب الثالث من الدستور المتعلق بالسلطة التشريعيّة وبالفصول من 50 الى 70 منه، والى مضمون النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، تنقسم صلاحيات النائب الى 3 أدوار اساسية يتعلق الدور الاول بسن التشريعات والمصادقة على مشاريع القوانين ومقترحات القوانين الواردة من الحكومة ورئاسة الجمهورية والنواب ومنها أساسا قانون المالية، ويهم الدور الثاني البعد الرقابي على ممارسة السلطة التنفيذية لمهامها عبر آليات عدة منها منح الثقة أو سحبها من الحكومة وتوجيه اسئلة شفاهية أو كتابية لمراقبة أعمال الحكومة ومساءلتها، فيما يخص الدور الثالث البعد التمثيلي من خلال نقل النائب لمشاغل جهته عبر التدخل المباشر في الجلسات العامة أو حضور المجالس الجهوية والاتصال المباشر بالناخبين في أسبوع الجهات ومختلف المساهمات في أعمال اللجان البرلمانية. وعود مخاتلة وخلافا لذلك يقدم العديد من المترشحين وعودا تبدو خارج دائرة هذه الصلاحيات كالتعهد بتشغيل الآلاف من الشباب دون بيان الآليات في ذلك والتي هي اختصاص حصري للسلطة التنفيذية، أو الحديث عن بعث عدد من المؤسسات ومعالجة المشاكل الحارقة ومنها التوازنات المالية والاقتصادية وحل المشاكل البيئية وإرساء العدالة الاجتماعية وإلغاء الفوارق بين الجهات وكل ما من شأنه أن يثير وجدان الناخب حتى ان بعض المترشحين بات يروج لامكانية مراجعة العلاقات الديبلوماسية وإصلاح القضاء في تدخل سافر في صلاحيات الاجهزة التنفيذية والقضائية المخولة لذلك، فهل يعني ذلك جهل أغلب المترشحين بدور النائب وحدود صلاحياته؟ يحمل الجواب في هذه المسألة جزئين الأول يتصل بجهل عدد من المترشحين بدور النائب وحدود صلاحياته قياسا بباقي السلط التنفيذية والقضائية وبالسلطة المحلية التي تسهر على ممارستها البلديات بعد انتخابات 6 ماي الماضي، غير أن استقراء المسألة في عموميتها لا يحيل عن جهل فحسب بصلاحيات النائب حيث أن عدد كبير من النواب الذي سبق لهم أن كانوا ممثلين في البرلمان هم اليوم بصدد إعادة نفس الخطاب الوجداني المغرق في الوعود المتجاوزة لصلاحيات النائب. ويفسر هنا إصرار العديد من هؤلاء المترشحين على هذه الوعود "الوجدانية" بإدراك من قبلهم بأن بناء الحملات الانتخابية على مستوى الصلاحيات الفعلية لا يمكن أن يستميل القواعد خاصة وأنّ الانتظارات الاجتماعية الواسعة لدى المواطنين لا يشفي غليلها اي حديث في سياق حدود الصلاحيات انفة الذكر ولذلك فهم أميل الى مخاطبة وجدان الناخب بالوعود والشعارات التي تتخذ مسالك عدة منها الشعبوية ومنها الزائف والمتجاوز لحدود الصلاحيات لمغالطة الناخبين.