قضت دائرة الاستئناف بالمحكمة الادارية يوم أمس باسقاط كل الطعون المقدمة في نتائج الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية وهو ما حسم الجدال بشان وضعية احد المترشحين للدورة الثانية وأكد مواجهة البلاد لمأزق. تونس - الشروق: دخلت البلاد يوم أمس بشكل نهائي وفعلي في ما أطلقنا عليه سابقا تسمية «المأزق» حيث أصبح نبيل القروي مترشحا وبشكل نهائي غير قابل للطعن الى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية وأصبحت الانتخابات مهددة على خلفية وجود احد المترشحين في حالة ايقاف. لقد نبه سابقا الكثيرون من هذا الوضع المعقد الذي ادى اليه تزامن الاجندة الانتخابية مع الاجندة القضائية لكن عدم قدرة وزارة العدل والجهاز القضائي على التعامل مع هذا الوضع جعل الانتخابات تدخل مرحلة خطرة على أكثر من مستوى. ويتمثل التهديد الاول في عدم قدرة المترشح نبيل القروي على القيام بحملته الانتخابية وان لم يقرر الطعن في المرحلة الاولى من الانتخابات بحكم ترشحه للدور الثاني لكن لا شيء يمنعه من الطعن في نتائج الدور الثاني من الانتخابات خاصة وانه ليست هناك موانع قانونية تسقط ترشحه كما انه سيتحصن بالدستور والقانون الانتخابي والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لاسقاط الدور الثاني. تلك هي الحقيقة التي عملت الاحزاب والحكومة على تجاهلها لكن القانون الذي يدير اللعبة السياسية في البلاد لا يمكنه تجاهلها وحتى هيئة الانتخابات حذرت من تلك الوضعية واقرت بخطورة التهديدات التي تواجه الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية. ثانيا هناك مستوى آخر كان على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الانتباه له قبل غيرهم وهو المعطى الاقتصادي الدولي فقد انطلقت الحكومة في وضع مشروع قانون الميزانية لعام 2020 وستكون نسبة كبيرة منه متاتية من القروض الخارجية وخاصة من صندوق النقد الدولي. وهنا هل ضمن الجهاز التنفيذي في تونس الحصول على قروض في حين ان الرئيس المحتمل قابع في السجن وحتى ان خسر الدور الثاني من الانتخابات فان خصمه سيسقط بالطعن في تلك النتيجة أم سيتم تجاوز القانون حينها واقرار تلك النتائج لكن ما الضامن انه سيتم القبول خارجيا؟. لقد طرح المتابعون والمحللون هذا السؤال الذي كان من المفترض ان لا يُطرح لان المسألة داخليا لكن من منطلق الوعي بان الدور الخارجي في الدول التي تشبه تونس موجود ولا يمكن انكاره وخاصة من الجهات المانحة التي تعتبر احترام الضمانات الديمقراطية والقانونية من اهم شروط دعم تلك البلدان فهل ستمنح تونس قروضا وقد خرقت العهد الدولي للحقوق والحريات؟. طبعا ذلك لن يكون ممكنا ونتاكد من هذا المصير بالرجوع الى المواقف الاوروبية خاصة التي اعتبرت ان الانتخابات الرئاسية في تونس تواجه مصيرا مجهولا بسبب عدم تمكين احد المترشحين من القيام بحملته بل ان هناك حملات اليوم في كواليس الاتحاد الاوروبي وخرجت منها تسريبات وحتى تصريحات كلنا نعلم فحواها. ان مازق الانتخابات الرئاسية التونسية لا يتعلق فقط بمتهم موقوف حتى تثبت ادانته او براءته وانما هي أعمق من ذلك بكثير فهي وحسب تصريحات داخلية وخارجية تلاعب بالقانون من اجل فرض نتائج الانتخابات قبل وقوعها وهذا هو المازق الحقيقي. أمين محفوظ ...الطعن وارد... حتى مع تسريح القروي غدا اكد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ ضرورة اجراءالانتخابات الرئاسية في دورها الثاني بشكل يكفل ان تكون حرةونزيهة ومتساوي يتضمن تكافؤ الفرص بين المترشحين وذلك عملابالدستور والقانون الانتخابي وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وشدد الاستاذ امين محفوظ على امكانية إلغاء الانتخابات التي لايقع فيها احترام هذه المبادئ الدستورية لافتا الى ان الاشكال المتعلق بعدم تكافؤ الفرص اشكال جسيم يخرق الدستورويسيء لصورة تونس بالخارج والانتقال الديمقراطي. واوضح أمين محفوظ أنّه في صورة الإفراج عن نبيل القروي غداالأربعاء تبقى فرصة إلغاء نتائج الانتخابات قائمة لأن القضاءالدستوري في النزاع الانتخابي يُعطي الأولوية القصوى للحرية والمساواة وتكافؤ الفرص والنزاهة في الانتخابات.