ما يزال تواصل حبس المرشح الثاني للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية السيد نبيل القروي يلقي بظلال الشك حول المسار برمته. ويطرح أسئلة ملحة حول مآلات العملية الانتخابية والتداعيات التي تتهدّد سلامتها. «الشروق» طرحت السؤال على الأستاذ عبد الله الأحمدي فأجاب. ما هي تداعيات عدم تمكين المترشّح الثاني نبيل القروي من المشاركة في الحملة الانتخابية الرئاسية؟ إنّ حرمان المترشح السيد نبيل القروي من المشاركة في الحملة الانتخابية الرئاسية بسبب إيقافه بموجب بطاقة إيداع صادرة عن دائرة الاتّهام بمحكمة الاستئناف بتونس له تداعيات هامّة على سلامة العملية الانتخابية. وهو يشكل خرقا واضحا للمعاهدات الدوليّة والتشريع الوطني التونسي لأن هذا الحرمان مسّ من المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها أي انتخاب. ومن أهم تلك المبادئ المساواة بين المترشحين التي أقرّتها المعاهدات الدولية والقوانين الوطنية من ذلك أن المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص صراحة على حقّ كل مواطن في «أن يشارك في إدارة الشؤون العامة وفي أن ينتخب ويُنتخب في انتخابات نزيهة تُجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري». ويُؤخذ من عبارات هذه المادة ضرورة احترام وتكريس مبدإ المساواة بين المترشحين. ولا شكّ أن هذه المساواة تنعدم إذا حُرم أحد المترشحين من المشاركة في الحملة الانتخابية ممّا يحول دون تمكين المترشح من التعريف وبيان توجهاته في مختلف الميادين وخاصّة السياسية منها وما هو داخل في صلاحياته التي ضبطها الدستور. ولا شك انّ هذا الحرمان يمثّل خرقا واضحا لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي له قوّة ملزمة وينطبق على الانتخابات التي تُجرى في البلاد التونسية عملا بأحكام الفصل 20 من الدستور الذي ينص على أن «المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها أعلى من القوانين وأدنى من الدستور». ومعلوم أن الدولة التونسية صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بمقتضى القانون عدد30 المؤرخ في 29 نوفمبر 1968 وبذلك فإنّ هذا العهد يلزمها ويمكن التمسّك به أمام القضاء التونسي. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء ضبط المبادئ المنظمة للحملة الانتخابية بالفصل 52 ومن أهم المبادئ الواردة فيه الشفافية وخاصة «المساواة وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشّحين». يتبيّن مما تقدم أن حرمان أحد المترشحين من حقه المشروع في تنظيم حملته الانتخابية وتقديم برنامجه يشكل خرقا واضحا للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية. وفي اعتقادنا أنّ عدم احترام مبدإ المساواة بين المترشحين يشكّل خللا جوهريا له تأثير كبير على سلامة العمليّة الانتخابيّة. إذ لا يمكن الحديث عن منافسة حقيقية إذا انعدمت المساواة بين المترشحين. اذ لا يمكن الحديث عن منافسة حقيقيّة بوجود مترشّح واحد على الميدان واقصاء المترشّح الثاني. هل يمكن الطعن في نتائج الانتخابات إذا تمت في الظروف الحالية؟ إن الطعن في الانتخابات حق مشروع لكل مترشّح. وقد تعرض المشرّع لحق الطعن في نتائج الانتخابات وضبط الإجراءات التي يجب اتباعها والآجال التي يجب أن يتم خلالها الطعن وذلك بالفصل 145 وما بعده من القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء. وبطبيعة الحال إذا كانت الطعون وجيهة ومُدعّمة بالأدلّة وأنّه لم يقع احترام مبدإ المساواة بين المترشحين وكان لذلك تأثير مباشر على النتائج فإنّه لا شيء يمنع من قبول الطعون أصلا إذا كانت مقبولة شكلا وإلغاء نتائج الانتخابات وذلك تكريسا لدولة القانون وعلويّته. ويمكن تفادي هذه النتائج المحتملة وذلك بضمان تكافؤ الفرص والمساواة بين المترشحين وتمكين كل مترشّح من تنظيم حملته الانتخابيّة والتّعريف ببرامجه وأفكاره تطبيقا للقانون وتدعيما للمسار الديمقراطي في البلاد. وهو من أبرز مكاسب الثورة.