تونس الشروق: من الشرائح العمرية التي شاركت بقوة في الدور الأول للانتخابات الرئاسية هي بلا شك شريحة المتقاعدين. وتونس تعيش غدا على وقع الانتخابات التشريعية، أي مكان للمتقاعدين في البرامج الانتخابية للخمسة عشر ألف مترشح لهذه الانتخابات؟ ان كان ثمة من ازمة عميقة شهدتها تونس في السنوات الأخيرة فهي بلا شك ازمة الصناديق الاجتماعية التي رمت بظلالها على مصير ما يقارب المليون متقاعد الذين مهددون في الحصول على جراياتهم رغم ان غالبيتهم لا دخل لهم سوى ما يتقاضونه من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. هذه الصناديق التي فقدت خلال سنتي 2016 و 2017، 3600 مليار من مداخيلها القارة. الى ذلك من يقول مليون متقاعد فانه حسابيا وبالمنطق السياسي هم مليون ناخب يشكلون قاعدة انتخابية هامة تستهوي أي مترشح للانتخابات. فأي مكان إذا لهاته الشريحة الهامة في البرامج الانتخابية لمختلف المترشحين للانتخابات التشريعية المقررة لهذا اليوم، الاحد 6 أكتوبر 2019؟ وعود...و بعد... من بين الأحزاب المترشحة والتي أوردت ملف المتقاعدين ضمن برنامجها الانتخابي حركة مشروع تونس و التي عبر مرشحها للانتخابات الرئاسية محسن مرزوق اكدت ان « الحزب يولي الاهمية البالغة لبناة البلاد لافتا الى ان الوضعية الحالية للصناديق الاجتماعية لا تحتمل المزيد من التردد وهي في حاجة ماسة لإصلاحات جوهرية والتفكير في تنويع مصادر تمويل هذه الصناديق». و في قراءة لرؤية حزب مشروع تونس في هذا السياق، يتطلع الحزب ان فاز بالانتخابات التشريعية الى توظيف معاليم على بعض الكماليات و تخصيص نسبة من الاداءات لإنقاذ الصناديق الاجتماعية حتى تكون في مستوى انتظارات هذه الفئة الاجتماعية التي يعتبر الحزب انها ساهمت في خدمة تونس من مواقع مختلفة. كما جدد الحزب مساندته للمتقاعدين في طلبهم المتعلق بعدم تعديل الفصل 37 في سياق التعديل الالي لجراية المتقاعدين ومطالبتهم بربط التعديل بمعطيات اخرى على غرار نسب النمو والتضخم وغيرها من المؤشرات حتى لا يحرم المتقاعد لسنوات من الزيادة في منحة التقاعد. في المقابل، يراهن ائتلاف الكرامة على صندوق الزكاة و الصدقات لتوفير 3000 مليار سنويا سوف تساهم في انقاذ الصناديق الاجتماعية من الإفلاس و بالتالي ضمان استمرارية دفع الجرايات بانتظام للمتقاعدين فيما اكتفت حركة النضال الوطني بالانكباب على حل مشاكل الصناديق الاجتماعية كأولوية مطلقة. الى ذلك، يقترح حزب التيار الديمقراطي وضع استراتيجية لمعالجة وضعية الصناديق الاجتماعية تتلاءم مع التحولات الديمغرافية للبلاد وتوسيع قاعدة المضمونين الاجتماعيين. عموميات و اتحاد الشغل على الخط كان الاتحاد العام التونسي للشغل قد تقدم بمدونة شملت 101 سؤال الى المترشحين للاستحقاقين الانتخابيين من ضمنها ما جاء في النقطة 73 و المتعلقة ب « الاستراتيجية المقترحة لإصلاح الصناديق الاجتماعية؟ وما هي مقترحاتكم بخصوص إرساء الأرضية الوطنية للحماية الاجتماعية ومنظومة التأمين على المرض ومنظومة حوادث الشغل والصحة والسلامة المهنية وصيغ وبرنامج تطبيقها؟ وما هي مقترحاتكم بخصوص الإحاطة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية والمسنين؟ وما هي رؤيتكم بخصوص ضمان اعتماد الأجر المضمون كحدّ أدنى لجرايات المتقاعدين؟ «. الى انه وبالنظر الى البرامج الانتخابية لجل القائمات المترشحة سواء كانت حزبية او مستقلة فان ملف المتقاعدين لم يحظ بالأهمية التي ينتظرها اكثر من مليون ناخب سيختارون ضمن بقية الناخبين اليوم مرشحيهم في مجلس نواب الشعب. يذكر ان جل الحكومات التي تعاقبت على الحكم منذ سنة 2011 دارت في فلك حل واحد و هو الترفيع في سن التقاعد و في الترفيع في مساهمات الشغالين. و بحسب اكثر من ملاحظ فان هذه الالية عمقت من ازمة تدهور القدرة الشرائية للشغالين حتى ان البعض من الخبراء بات يتوقع ازمة اجتماعية عنيفة في مطلع سنة 2020 بسبب التوظيف الدوري للاداء على أجور العمال.