توغلت القوات التركية، بشكل أكبر، امس الجمعة، في شمال شرق سوريا، وهو اليوم الثالث لهجوم أنقرة عبر الحدود ضد المقاتلين الأكراد السوريين، الذي أدى إلى مقتل عشرات المدنيين والمسلحين ونزوح جماعي لعشرات الآلاف من المدنيين . وواجه «الغزو» التركي انتقادات دولية واسعة. دمشق (وكالات) استمر قصف الطائرات الحربية والمدفعية التركية يوم امس لأهداف تابعة للمقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا لليوم الثالث على التوالي في هجوم أسفر عن مقتل المئات. وقصفت طائرات حربية ومدفعية تركية امس مناطق حول بلدة رأس العين السورية، وهي واحدة من بلدتين حدوديتين يتركز فيها الهجوم. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا)، أمس الجمعة، إن الساعات الماضية شهدت تركيز العدوان التركي على استهداف الأحياء السكنية في مدينة رأس العين عبر قصف طال منازل الأهالي والمرافق والمؤسسات الخدمية، ما أدى لوقوع أضرار في محاولة لتهجير المدينة من أهلها. وأضافت الوكالة أن سلاح طيران العدوان التركي استهدف أطراف رأس العين قرب المستشفى الوطني بالمدينة. وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، اول امس الخميس، عن نزوح أكثر من 60 ألف مدني من مناطقهم شمالي شرق سوريا، جراء العدوان التركي. وأشار المرصد إلى مقتل المئات بينهم مدنيون على الجانب السوري بمنطقتي تل أبيض ورأس العين. وغداة سيطرة الجيش التركي والفصائل على 11 قرية حدودية، معظمها قرب تل أبيض، تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية»، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من استعادة السيطرة على قريتين ليلاً. ووجهت اتهامات لتركيا باتباع سياسة التطهير العرقي في شمال شرق سوريا ضد الاكراد وبتنفيذ مخطط لجذب مسلحي جماعة داعش الى المنطقة. ومن جانبه قال برنامج الأغذية العالمي، امس (الجمعة)، الذي يساعد في إطعام ما يقرب من 650 ألف شخص بشمال شرقي سوريا، إن أكثر من 70 ألفاً من سكان رأس العين وتل أبيض نزحوا عن ديارهم وسط تصاعد العنف. بينما قالت منظمة «أطباء بلا حدود»، إن المستشفى العام الوحيد في منطقة تل أبيض بشمال شرقي سوريا اضطر إلى الإغلاق بعد فرار معظم عامليه تحت وطأة القصف على مدى الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقالت المنظمة الخيرية الفرنسية في بيانها «مستشفى تل أبيض الذي تدعمه منظمة (أطباء بلا حدود) مغلق اعتباراً من الآن لأن معظم العاملين بالفريق الطبي غادروا مع أسرهم». وأشارت إلى أن البلدة الحدودية باتت الآن مهجورة فعلياً. وذكرت امس تقارير اعلامية ان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لم يتصور حتى في أسوأ كوابيسه، أَن يجد نفسه مداناً معزولاً أمام العالم بهذه الطريقة المهينة بسبب عمليته العسكرية شمال سوريا، حيث وجدت تركيا الدولة العسكرية الوازنة وأحد أقوى أعضاء حلف الناتو في موقف حرج وخطير، بسبب الغزو العسكري لمناطق الكرد بحجة تأمين الحدود وخلق منطقة عازلة تمهيداً لعودة اللاجئين السوريين. وأدت هذه العملية العسكرية حتى يوم امس إلى إطلاق أقوى موجة من الإدانات العالمية، إذ اتحدت قوى العالم بما في ذلك أمريكا وأوروبا والدول العربية والهند والصين وحتى إيران ضد الاجتياح التركي لشمال سوريا، محذرين من أن هذه العملية ستحقق هدفاً واحداً وهو إعادة إحياء دولة داعش مع موجة مهولة من القتلى والنازحين وكثير من الدماء.