البريد التونسي يضع محفظة رقمية مجانية لفائدة كل مواطن للقيام بالعديد من الخدمات والعمليات المالية    عاجل/ "إنتقاما من ترامب": أوروبا تستعد لفرض رسوم على هذه المنتجات الأمريكية    القصرين : الدورة 32 من المهرجان الصيفي بتالة تحت شعار "تالة تتنفس فنًا"    الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي تواصل استقبال المشاركات حتى 31 أوت 2025    الترجي الجرجيسي- زيدان العبيدي يعزز الصفوف    عاجل/ مصرع ستيني بعد سقوطه من بناية    أهالي هذه المنطقة الساحلية يحتجّون بسبب التلوّث.. #خبر_عاجل    ثلاثي يمثل التايكواندو التونسي في الالعاب الجامعية العالمية بألمانيا    إنتقالات: نجم "شبيبة منوبة" يعزز صفوف الملعب التونسي    تونس تختتم الدورة الأولى من برنامج "طب القلب لأفريقيا"    من يلاقي الترجي في السوبر؟ مواجهة حاسمة بين المنستيري والبقلاوة!    عاجل: هذه الدولة تلغي التأشيرة على التوانسة وبقية الأفارقة... ما عدا دولتين فقط    رد بالك! خطوات بسيطة تحميك من سرقة حسابك    صادرات زيت الزيتون ترتفع...والقيمة المالية تنخفض    هل سيستمر البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة؟    تعزيز علاقات الصداقة والشراكة محور لقاء وزيرة المرأة بسفير اسبانيا بتونس    المهاجم فراس شواط ينضم الى النادي الافريقي    تنبيه: انقطاع في توزيع مياه الشرب بهذه المعتمدية..#خبر_عاجل    الدفاع عن المستهلك: تخفيضات وامتيازات لفائدة السائح الأجنبي مقارنة بالتونسي    مبيعات تونس من زيت الزيتون تزيد كمّا وتتراجع قيمة    الهند: عشرات الضحايا وآلاف المتضررين جراء الفيضان    عاجل/ فاجعة تهز قفصة..وهذه التفاصيل..    ترافيس سكوت يستعد لجولة "سيرك ماكسيموس" العالمية لعام 2025    نقابة الصحفيين تدعم ترشيح فرانشيسكا ألبانيزي لنيل جائزة نوبل للسلام..    رعاية الأحفاد تحمي كبار السن من الخرف: السرّ اللي ما تعرفوش    كيفاش تنجم تنقص من العرق الزايد في الصيف؟ نصائح سهلة وفعّالة    أريانة: إعادة فتح مكتب بريد رياض الأندلس خلال الأيام القليلة القادمة    رسميا: ابراهيما كايتا "مكشخ"    شنوا الأسماك اللي التونسي يحبها برشا وشنيا أسعارها في السوق؟    "سيد الحياة والموت".. محاكمة طبيب ألماني قتل مرضاه بشكل مروع تحت ستار الرعاية الطبية    قطعة من المريخ للبيع في مزاد بسعر خيالي... وسوذبيز تكشف التفاصيل    سيدي حسين: أحكام بالسجن في حق شقيقين تزعما شبكة لترويج الكوكايين    السردين: الحوت الصغير اللي فيه فايدة كبيرة...شنوة منفعتو وقدّاش يلزمك تاكل منّو في الجمعة    هام/ 10 أطعمة تحسن صحة الأمعاء.. أبرزها الثوم والبصل..    سيدي بوزيد: رجّة أرضية تضرب المزونة    وزارة الشؤون الاجتماعية: إلغاء إضراب أعوان الشركة التونسية للكهرباء والغاز    إلغاء إضراب أعوان ''الستاغ''    استشهاد 100 فلسطيني في غارات الاحتلال على غزة    الفنانة الفرنسية الهايتية نايكا على مسرح الحمامات: سهرة شبابية ممتعة رغم قصر مدة العرض    برنامج الدّورة 66 لمهرجان سوسة الدّولي    النفطي يشارك في حفل استقبال انتظم بمقر إقامة سفيرة فرنسا بتونس، بمناسبة العيد الوطني الفرنسي    عاجل - للتونسيين : تنجم تبعث مشروعك ب0% فوايد! ....تفاصيل مهمة    نهار الثلاثاء: شوية سحب، شوية مطر، وهذه درجات الحرارة    طقس اليوم الثلاثاء    ريال مدريد يتعاقد مع الظهير الأيسر كاريراس    بشرى سارة للتونسيين: بدائل لتسهيلات الدفع للراغبين في الاصطياف بالنزل..#خبر_عاجل    سوريا: حظر تجول في السويداء والجيش يعلن ملاحقة "خارجين عن القانون"    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أزمة ديون الجمعيات الرياضية محور جلسة عمل بوزارة الشباب والرياضة    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    مهرجان سوسة الدولي:"مقام العشاق"في الإفتتاح" والرشيدية في الإختتام    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    من الكاف إلى دبي: توأم التحدي بيسان وبيلسان يسطع نجمهما في تحدي القراءة العربي!    ب360 مليون؟ أجر نجوى كرم في قرطاج يصدم الفنانين و إدارة المهرجان توضح !    وزير التربية: قبول الحاصلين على معدل 14 من 20 فما فوق لدخول الإعداديات النموذجية    أعلام من بلادي: عزيزة عثمانة .. أميرة الورع والخير    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب الليبي فتحي نصيب ل«الشروق» : ليبيا تحوّلت إلى جحيم أرضي... وقاومت عزلة السجن بالكتابة!
نشر في الشروق يوم 17 - 10 - 2019

قضى الكاتب الليبي عشر سنوات في السجن زمن العقيد معمر القذافي بسبب مواقفه ككاتب مع مجموعة من أبناء جيله وبعد «الثورة» كان يحلم بالحرية التي سجن من أجلها لكنه وجد نفسه في المنفى الأوروبي بسبب المليشيات وغياب الدولة
تونس (الشروق)
فتحي نصيب من أبرز الكتاب الليبيين يعيش تجربة المنفى بعد أن عاش تجربة السجن وكأنه محكوم بالحرمان من الحياة في بلاده كما يحلم أي مواطن يريد أن يعيش في حرية وكرامة. كيف عاش نصيب التجربتين وكيف يرى ليبيا اليوم؟
«الشروق» إلتقته في هذا الحوار.
كيف تعيش تجربة المنفى والبعد عن بلادك ليبيا؟
أعيش في منفى اجباري وليس اختياري، لأنني أدفع ثمن قناعاتي ولأنني كنت أحلم بوطن سعيت أن يكون فيه الفرد مواطنا يعيش بحرية وكرامة ومساواة ولأنني رفضت كل أشكال الوصايا الاستبدادية والكهنوتية ولأنني قاومت ولا زلت أقاوم كل أشكال تغييب العقل.
ما أضافه البعد الجغرافي عن ليبيا هو تعميق الوعي بالتاريخ، تاريخ بلدي والمنطقة العربية الذي درسته في الجامعة كطالب بالعلوم السياسية ولكنه كان تاريخ الأسر الحاكمة والسلطة الفوقية ولم نكن ندرس التفاعلات البشرية للجموع أو قوانين تطور المجتمعات ولذا توفر لي الوقت والمساحة الآن كي احاول اعادة قراءة موقعنا في سلم التطور، ودور الثقافة والمثقف في هذه البلدان عبر استقراء الحركة الادبية عربيا وفي ليبيا لأنني اظن أن الأدب يعد أحد مقاييس المعرفة التي يمكن من خلاله دراسة تطور/أو تدهور المجتمعات في حقب زمنية مختلفة.
كيف ترى المشهد الليبي اليوم؟
إنني الآن استطيع رؤية اللوحة على نحو أفضل، لذا أوشك على الانتهاء من كتاب عن الحركة السياسية الليبية منذ الاستقلال، ولدي مخطوط مجموعة قصصية بعنوان ( الحلم الذي ينأى) كتبت معظمها وانا في الغربة القسرية، تسيطر عليها الذاكرة أكثر من التخييل، استعيد فيها حواري وأزقة بنغازي وطرابلس وألملم شظايا الصور التي كانت، وأرصد التحولات الجذرية والعنيفة التي شهدتها بلادي سياسيا واجتماعيا وفكريا، أي انني أكتب بحرية نسبية لم تكن موجودة سابقا وحاليا.
عشت تجربة السجن القاسية ماذا أضافت لك؟
(تجربة السجن قاسية وثرية للكاتب)، هي كذلك بالفعل، وأود أن أشير هنا الى أن اي كاتب مر بهذه التجربة لايستطيع أن ينقلها على الورق بتفاصيلها ووقعها على القلب والمشاعر والاحاسيس في كل ثانية وبكل موقف من عربدة الأقفال في الأبواب الصلدة الى انتظار الموت مع كل وقع قدم ثقيل مرورا برتابة الثواني القاتلة والصمت المرعب في الزنزانة الانفرادية والذي يجعل حواسك مستنفرة لسماع رفيف أجنحة طير عابر او زقزقة عصفور مار او حفيف الرياح، ناهيك عن آلام المرض ومعاناة الجوع وانقطاع الاخبار عن الأهل والاحبة وغياب الكتاب وقسوة الانتظار للذي يأتي ولا يأتي.
هي تجربة استغرقت عشر سنوات في السجن السياسي لدرجة أننا كنا نحسد المجرمين العاديين المسجونين في جنح او جنايات لأنهم يتمتعون بحقوق خيالية مقارنة بسجناء الرأي، وتلخصها طرفة سمعتها ممن سجنوا قبلي فحواها ان احدهم سأل شابا عن تهمته فأجاب: الزنا، فقد مسكوني مع امرأة فقال الاول (احمد ربك، عقوبتك سهلة، فقد مسكوني مع كتاب).
لكنني تعلمت منها أن الانسان يمتلك قوة داخلية لاتظهر الا في المحن وأنه يستطيع التأقلم في أشد الظروف تطرفا، وانه يبتكر ويبدع كي يعيش، شرط أن يمتلك وعيا وهدفا وحلما، سأضرب لك مثلا واحدا:استطعت في احدى الزيارات تهريب ردايو صغير الحجم وكنت استمع الى البرامج الثقافية في الاذاعات كاذاعة دمشق وصفاقس وتونس والقاهرة والكويت الخ ..كان لدي قلم رصاص فشرعت اكتب الاخبار الثقافية واصدارات الكتب او بعض الندوات والحوارات مع الكتاب واردت اشراك رفاقي بهذه المعلومات كي لانفقد رباطنا بالخارج ومن ثم اصدرت مجلة اسميتها( النوافير) تحوي اخبار المناشط الثقافية التي كانت تبثها الاذاعات وأضفت اليها القصص والقصائد التي كان يكتبها الاصدقاء من السجناء. كتبتها على ورق السجائر وبغلاف من علب الحليب المقوى، وعرضتها على كل السجناء في القسم وكانت تجربة ناجحة حيث شارك البعض بالكتابة في الاعداد التالية، وساهمنا باصدار كتب عن الشعر بعنوان (جدل القيد والشعر) وآخر بعنوان (العقلانية في الفكر العربي) ،كل هذا في السر ودون علم السجان الذي كان يبث على الدوام اغنية (أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق) ولم نكن نعرف هل يسخرون منا أم من أنفسهم.
والمقصود اننا سجنا ككتاب لمنعنا من أن نقول رأينا في وطننا، وكان رد فعلنا أننا قاومنا الموت بالكتابة وفتحنا في الجدران الصلدة نافذة، كنا نغنّي للحياة ونؤمن ان أجمل الايام تلك التي لم نعشها بعد.هل كنا واهمين وقتها؟ ربما، لكنه وهم جميل .
عشت بين المليشيات ودوي الرصاص قبل أن تغادر ليبيا كيف ترى هذه التجربة؟
نعم عشت بين البنادق والميليشيات، وصدقني إن قلت لك ليس هناك اسوأ من شخص يمتشق الكلاشينكوف دون وعي أو قضية نبيلة يدافع عنها بل تسيطر عليه ثقافة الغنيمة وان كل شيء مباح .
وهذا واقع يدفع ثمنه الليبييون العاديون كل يوم، ففي غياب الوعي الحقيقي بالاختلاف والتداول السلمي على السلطة وارتهان بعض القوى السياسية بالخارج وانتشار السلاح واختفاء مؤسسات الدولة وتحول النفط من نعمة الى نقمة وتكالب المصالح الأقليمة والدولية، هذا كله حوّل ليبيا الى جحيم أرضي بعد أن كانت توصف ( بأرض الزهر والحناء) واصبح الليبيون كأضيع من الايتام على مائدة اللئام.
هل هناك أصوات جديدة في ليبيا لافتة؟
هناك أصوات ليبية أدبية جديدة في القصة والرواية والشعر اتابعها عن كثب، الا أن اغلبها لم ينضج بعد ربما بسبب الظروف الحياتية والمعيشية وغياب الانشطة الثقافية، وكذلك الوجود المحتشم للمجلات الثقافية وسيطرة الهم السياسي في القنوات التلفزية الا أن البعض في الداخل والخارج مازال يكتب مثلما كنا نكتب ونحن في السجن، الا أن الاعمال الناضجة أدبيا والتي تؤرخ للمرحلة الراهنة تحتاج الى سنوات أخرى كي ترصد هذه الفسيفساء والتشظي بكل أشكاله ومختلف مضامينه.
ربما سنوات المحنة هذه تعد البوتقة التي ستقدم أدبا مميزا وجيدا لأنها تجربة جديدة يعيشها الليبييون مواطنين ومثقفين والتي لن تستمر الى الأبد، لابد أن يرهق المتناحرون يوما ما ولابد أن تتوافق الأطراف الداخلية والخارجية لوضع حد لهذه المهزلة العبثية، والتي تؤثرسلبا على دول الجوار .
فتحي نصيب في سطور
كاتب وقاص / ليبيا
بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية / جامعة بنغازي
دبلوم دراسات عليا بقسم العلوم السياسية بجامعة بنغازي
مدير تحرير ورئيس تحرير صحف ومجلات / الهدف/ الهلال/ فضاءات/ البلاد
إعداد برامج أدبية في الإذاعة منها البرامج الآتية:
(الباب المفتوح) – (محراب الفكر) – (كاتب وقصة ) -(مرفأ الليل )-(أدوات الاستفهام) (ديوان العرب)-(قصص وحكايات)
أمسيات قصصية وندوات في عدد من المدن العربية ومنها:
بغداد/القاهرة/دمشق/عمان/تونس/ القيروان /أصيلة/مراكش/ اسفي / بنغازي/طرابلس
الكتب:
(المد) مجموعة قصصية مصادرة
( مرايا السراب ) مجموعة قصصية
(مقاربات في الفكر والادب) مقالات فكرية ونقدية
( الحلم الذي ينأى) مجموعة قصصية تحت الطبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.