في البدء سوريا ونهاية أحلام أردوغان يبدو أن التغيرات الاقليمية والدولية المتسارعة خلال الايام القليلة الماضية قد رسمت مشهدا جديدا في الصراع التركي السوري، فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان اعلن مبدئيا وقفه للعدوان الذي شنه على شمال سوريا والذي استمر 9 أيام متتالية مسفرا عن مئات القتلى والجرحى وتشريد الاف الاكراد السوريين. لكن الاهم في هذا العدوان رغم مرارته والنتائج الكارثية التي تسبب بها هو انه كشف للعالم وحشية النظام التركي في التعامل مع الملف السوري وكشف زيف مبادئ وشعارات القيادة التركية التي تحاول نشرها في المنطقة العربية مدعية العفة والحكمة في التعامل مع الملفات الحارقة ومع شعوب المنطقة. ومن ابرز المكاسب التي تحققت خلال العدوان التركي الغاشم على شمال سوريا هو الهبة العربية التي نددت بشكل صريح ومباشر بالعمليات التركية في الشمال السوري وهي بادرة مهمة وقوية قد توقظ بعض الضمائر النائمة لبناء مواقف موحدة لحل مختلف الازمات التي تتخبط فيها اغلب العواصم العربية. اما المكسب الاخر من الغزو التركي للشمال السوري الذي قلب الاوراق في ملف الازمة السورية رأسا على عقب هو الانجاز التاريخي الذي حققته الحكومة السورية عبر قواتها المسلحة والمتمثل في دخول الجيش الى مناطق سورية جديدة لم تتمكن من الوصول اليها منذ 8 سنوات وهي مناطق الشمال السوري كمنبج و عين العرب وصولا الى الحدود التركية . فعمليا اصبح الجيش العربي السوري على الحدود التركية وهو انتصار جديد لم تكن القيادة السورية تتوقع بلوغه في هذه المدة الزمنية القصيرة اي فترة العدوان التركي على الشمال السوري الذي استمر 9 أيام. وبعيدا عن الخسائر التركية خلال عدوانها الهمجي على اكراد شمال سوريا، فان الايام القليلة القادمة ستكون حبلى بمفاجآت تشير في مجملها الى حل الازمة السورية بشكل نهائي وسلمي. فبعد يومين ستحتضن موسكو اجتماعا بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلادمير بوتين . وقد يفرز هذا الاجتماع تفاهمات سورية تركية قد تنتهي بمصالحة بين تركياوسوريا وقد يتم التفاهم على اخراج كل القوات التركية من سوريا مقابل قبول الحكومة السورية بتأمين الحدود التركية. وبناء على هذه المعلومات سيكون الرئيس التركي قد اصطدم بواقع سوري صلب أسقط اطماعه التوسعية. فأردوغان الذي توعّد قبل سنوات انه سيسقط نظام بشار الاسد وسيصلي في المسجد الاموي في سوريا برفقة المتطرفين الذين يدعمهم، وجد نفسه اليوم مضطرا إلى مصافحة الرئيس السوري وإلى استجدائه لحماية حدوده وبناء علاقات جديدة. منذ اعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تعليق عدوانه على الشمال السوري ،تعددت القراءات لمستقبل سوريا وما ستشهده المنطقة الملتهبة خلال الايام المقبلة . وفيما يلي سنحاول الاجابة عن اهم الاسئلة المتعلقة بهذا الملف الشائك . تونس «الشروق»: أعلنت تركيا وأمريكا، مساء الخميس الماضي، عن «تعليق» العمليات العسكرية التي أطلقتها أنقرة في سوريا، الأسبوع الماضي، لمدة 120 ساعة، وذلك بعد لقاء مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وهذا أهم ما جاء في الاتفاق: أهمية ال120 ساعة من التفاصيل المهمة في الاتفاق، ويفصل بين وقت الإعلان وبين لقاء مهم، الأسبوع المقبل، بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين (الذي يدعم الحكومة السورية التي تحالفت مؤخرا مع الأكراد السوريين) والرئيس التركي، رجب طيب اردوغان في سوتشي والذي تسعى الولاياتالمتحدة لإظهار نفوذها فيه. أين هي المنطقة الآمنة بالضبط؟ وفقا للاتفاق تطالب القوات الكردية بالانسحاب من «المنطقة الآمنة» إلا أن حدود هذه المنطقة لم توضح، كل من تركيا وأمريكا تتوافقان على أنها تدخل لمسافة 20 ميلا من الحدود التركية إلى شمال سوريا، إلا أن تركيا تقول إنها تمتد من نهر الفرات إلى الحدود العراقية والتي تتضمن مدنا كردية رئيسية مثل كوباني والقامشلي. القتال قد لا يتوقف في كل مكان الاتفاقية لا توقف بالضرورة القتال خارج المنطقة الآمنة، حيث شهدت مناطق أعمق داخل سوريا قتالا ومن المحتمل أن تستمر العمليات القتالية خلال الأيام المقبلة حول مناطق مثل عين عيسى وتل تمر والقامشلي وكلها قابعة تحت سيطرة الأكراد مع دعم متزايد من قوات الجيش العربي السوري، ولكنها قد تعتبر خارج «المنطقة الآمنة».وفق تقرير لقناة «السي ان ان « ماذا عن القوات السورية والروسية؟ الاتفاق لا يحدد شروطا على قوات الجيش العربي السوري أو القوات الروسية، وهو الأمر الذي قد يكون متعمدا، القوات الروسية سبق واخذت الدور الأمريكي السابق بمراقبة القوات الكردية السورية على الحدود مع تركيا خارج كوباني وتظهر الأعلام الروسية هناك واضحة.ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الاتفاق ليس جديا بعد، بل بداية لتجهيز طاولة مفاوضات حقيقية في سوتشي بروسيا حيث ستجلس تركيا وروسيا معا لتحديد الشروط. غموض يكتنف مصير اللاجئين والمنطقة الآمنة الاتفاق الأمريكي التركي على الهدنة بشمال سوريا، يثير كذلك أسئلة كثيرة حول مصير اللاجئين وملامح المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها. فكيف ستكون هذه المنطقة وهل ستكون آمنة فعلا ويعود إليها اللاجئون طوعا؟ ولماذا تصر أنقرة على إنشائها؟ منطقة بعمق 20 ميلاً (32 كيلومتراً) تمتد من شرق نهر الفرات حتى الحدود العراقية، هذه هي المنطقة التي تسعى تركيا إلى إنشائها في شمال سوريا لتوطين نحو مليوني لاجئ سوري فيها، وفقاً لتصريحات المسؤولين الأتراك. ورغم الرفض الكردي لإنشاء هذه المنطقة في البداية خوفاً من «تغيير ديمغرافي»، إلا أن التهديدات التركية التي تُرجمت فيما بعد إلى عملية عسكرية في شمال سوريا، بعد «ضوء أخضر» من ترامب، حسب مراقبين، جعلت الأكراد يوافقون على آخر اتفاق تركي أمريكي حول هذه المنطقة وفق تقرير نشرته قناة dw . «اتفاق ضبابي» بعد الاتفاق الجديد بين أنقرة وواشنطن، أعلن جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، أن الولاياتالمتحدةوتركيا حددتا «المنطقة الآمنة» بأنها «المنطقة التي تعمل فيها تركيا حالياً» بعمق 30 كيلومتراً في جزء رئيسي من شمال شرق سوريا. وأعلن الأكراد قبول الاتفاق الذي ينص، كما قالوا، على أن تكون هذه المنطقة محصورة بين مدينة رأس العين وبلدة تل أبيض.ورغم وصف مسؤولين أتراك الاتفاق الجديد مع أنقرة بأنه «نصر» لهم، يرى الباحث السياسي التركي إسلام أوزكان أن الوقت مبكر لمعرفة الطرف المنتصر في هذا الاتفاق، ويضيف أوزكان لمهاجر نيوز: «الاتفاق فيه ضبابية كبيرة وهناك مواد مفتوحة للتفسير بشكل مختلف»، مشيراً إلى أن المنطقة التي يتم الحديث عنها الآن لا تشكل سوى «جزء بسيط» مما تريده تركيا. المنطقة الآمنة حسب الرؤية التركية وفقاً للرؤية التركية، حسب ما نقلت صحيفة ديلي صباح الموالية للحكومة، فإن المنطقة الآمنة تشمل المساحة الجغرافية الواقعة شمال الطريق الدولي M4 الاستراتيجي، الذي يربط الشمال السوري بعضه ببعض، وتضم هذه المنطقة مدناً وبلدات من ثلاث محافظات سورية، هي حلب والرقة والحسكة، وتمتد على طول 460 كم، بعمق 32 كم على طول الحدود التركية السورية. وحسب ما نقلت صحيفة «ديلي صباح»، فإنه «سيجري توطين مليون سوري في 200 ألف مسكن، سيتم إنشاؤها في المنطقة الآمنة». وتتضمن الخطة، وفق الصحيفة، إنشاء 10 بلدات مركزية بتعداد سكاني يصل إلى 30 ألف نسمة لكل منها، وبناء مناطق صناعية فيها، بالإضافة إلى 140 قرية بطاقة استيعابية تصل إلى 5 آلاف نسمة لكل منها.