عندما اندلعت الاحداث في سوريا في مارس 2011 ، كان الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان على يقين ان انصاره سيخطفون ثورة الشباب ويتربعون على السلطة.. لذلك نراه يقول في بداية سبتمبر 2012 انه ( سيذهب وأعضاء حزبه قريبا الى دمشق ليتلو "سورة الفاتحة فوق قبر صلاح الدين الأيوبي"، ثم يصلّي في جامع بني أمية الكبير، ويزور تربة الصحابي بلال الحبشي والإمام إبن عربي، والكلية السليمانية ومحطة الحجاز.) .. لكن الرئيس السوري لم يغادر البلد وصمد النظام في اجزاء من العاصمة وما تبقى له من مساحات .. وسارع اليه انصاره من ايرانيين وحزب الله بالدعم البشري والمادي قبل ان يستدعي روسيا فيما تدفق الدعم بالمقاتلين والسلاح والاموال للتنظيمات المسلحة عبر تركيا اساسا... ولسنا هنا بصدد استعراض مراحل الحرب السورية لكن اردوغان بدا اكثر اصرارا على اسقاط النظام السوري وبدا في التدخل المباشر في سوريا .. ففي فيفري 2015 قام بعملية توغل قصيرة تولى فيها نقل ضريح سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية الذي كان موجودا على مسافة عدة كيلومترات داخل الاراضي السورية. وفي عام 2016 اثار قضية الاكراد الذين اتهمهم بالارهاب وبانهم يشكلون خطرا على تركيا بالرغم من ان هناك اتفاقية امنية موقعة بين البلدين في " اضنة" في 20 اكتوبر 1996 رتبت لامن الحدود الذي ظل مستتبا الى حين اندلاع الاحداث في سوريا.. وبحجة محاربة الاكراد شن الرئيس التركي عدوانا على الشمال السوري في ديسمبر2016 في عملية واسعة سماها " درع الفرات"، مما أدى إلى الاحتلال التركي لشمال سوريا. وفي جانفي شن هجوما سماه ( غصن الزيتون) احتل فيه عفرين وقام بطرد سكانها الاكراد بل قام بتتريكها بالكامل. كانت داعش قد بدات جرائمها وتوسعها في كل من العراقوسوريا. وكانت داعش الحجة التي اتخذتها تركياوامريكا وحليفاتهما للتدخل العسكري المباشر.. وتم انشاء ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) التي جمعت اكرادا وعربا بدعم امريكي مباشر لتستقر في شرق الفرات او ما يسمى ( الجزيرة السورية) وهي اغنى مناطق سوريا ... وتجمع حاملو السلاح المنهزمون في مختلف مناطق سوريا في محافظة ادلب الحدودية مع تركيا.. وبتدخل من روسيا وايران تم التوصل الى اتفاقات مع الدولة التركية في "سوتشي" لانهاء موضوع ادلب حيث تجمع مئات الالاف من المسلحين سوريين واجانب.. وتردد اردوغان في انهاء موضوع ادلب حيث لم يعد امام المسلحين هناك الا عبور الحدود الى الداخل التركي مع ما يحمله ذلك من مخاطر واعباء . وكانت قوات سوريا الديمقراطية ومحاربة الاكراد المدخل للسيد اردوغان للبحث عن مخرج.. فطالب بما اسماه منطقة امنة على طول الحدود السورية بعمق يصل الى 30 كيلومترا معللا ذلك بانه يريد انهاء "التهديد الكردي " المزعوم من جهة ، ومن جهة اخرى يريد ان يعيد اليها ملايين السوريين الذين هربوا من الحرب الى تركيا .. ولم يقل طبعا انه ينوي ان ينقل اليها المسلحين الموالين له في ادلب وبقية المناطق الاخرى وتكون المنطقة كلها محمية تركية .. ولم يشرالى مطالبة تركيا بشمال سوريا والموصل العراقية وتلك قضية اخرى. من هنا جاءت العملية الحالية المسماة " نبع السلام" التي انطلقت وسط استياء عالمي كامل وبعد تخلي امريكا علنا عن الاكراد. التدخل الروسي يبدو انه فتح باب الحل مؤقتا حيث انتشرالجيش السوري دون قتال في مناطق على الحدود التركية. فهل فتح " نبع السلام " الاردوغاني الباب امام انهاء الفصول الاخيرة من الحرب السورية وستقبر الى الابد احلام اردوغان في الشمال السوري مثلما قبرت احلامه في الصلاة بدمشق؟