صعوبة تشكيل حزام سياسي قادر على منح الثقة للحكومة المقبلة ، وضياع مسارات النقاش في تفاصيل الشروط والتحفظات ، جعلا من فرضية إعادة الانتخابات تطفو على السطح. و تصبح أكثر واقعية كلّما اقترب موعد الحسم وكلّما تعمّقت الصراعات بين الفائزين في الانتخابات التشريعية . تونس (الشروق) نتائج الانتخابات التشريعية أفرزت مشهدا برلمانيا مشتّتا عقّد مسارات البحث عن تشكيل حزام سياسي للحكومة المقبلة ، خاصة أن أغلب الكتل البرلمانية ضعيفة عدديا. وهو ما يُحتّم تجميع عدد كبير منها للحصول على أغلبية مريحة للحكومة وتجنّب مفاجآت قد تطيح بها أثناء جلسة منح الثقة . حصول حركة النهضة على المرتبة الأولى (52 مقعدا ) جعلها تصبح رسميا مكلّفة باختيار شخصية يُعهد لها تشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان . وهو ما دفع الحركة الى اتباع مسارات عديدة ونقاشات مفتوحة على أغلب الفائزين في الانتخابات. لكن الى حد الآن لم تتمكن الحركة من تحصيل نواة صلبة للحزام السياسي للحكومة . خطوات التوافق أولى خطوات البحث عن تحالف ،قادت حركة النهضة الى كتلة ائتلاف الكرامة. ويمكن اعتبار هذه الخطوة ، الإنجاز الوحيد الذي حققته الحركة في هذا المسار . والخطوة الثانية التي قادت النهضة الى حركة الشعب ( 16 مقعدا ) لم تكن موفقة خاصة ان حركة الشعب رفضت الدخول في حكومة تترأسها شخصية من داخل الحركة. كما اقترحت تولي الصافي سعيد منصب رئيس الحكومة . أما الخطوة الثالثة فقادت النهضة الى حزب التيار الديمقراطي (22 مقعدا ) . ويمكن القول إن هذه الخطوة كانت من إخفاقات الحركة في هذا المسار. حيث رفض حزب التيار الدخول في حكومة تترأسها شخصية من داخل النهضة ،إضافة الى اشتراط التيار منحه عددا من الوزارات لمساندة الحكومة . استثنت الحركة من مسار مشاوراتها حزب قلب تونس ( 38 مقعدا) و الحزب الدستوري الحر (17 مقعدا ). وهو ما جعل الامر يبدو أكثر صعوبة خاصة في علاقة بحزب قلب تونس الذي يوجد في المرتبة الثانية في المشهد البرلماني . هذا التعقيد في تحصيل سند سياسي للحكومة المقبلة ،طرح فرضية إعادة الانتخابات التشريعية . الجانب القانوني إعادة الانتخابات التشريعية ملف فيه الجانب القانوني ، وهو مؤطر بالفصل 89 من الدستور. حيث ينص على أن «... في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يُعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها. وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما..». النهضة وإعادة الانتخابات أما المعطى السياسي فيتعلق أساسا برغبة بعض القوى السياسية في إعادة الانتخابات التشريعية ، في محاولة لاستغلال المزاج العام التونسي الحالي لتحصيل أكبر عدد ممكن من المقاعد . وفي هذا السياق تبرز حركة النهضة كإحدى اهم القوى الداعمة لهذه الفرضية. ويمكن ان تذهب النهضة حتى الى تعمد إفشال مسار المفاوضات لتشكيل حزام سياسي للحكومة ، لتصل الى فرض إعادة الانتخابات. إعادة الانتخابات سيناريو يدفع اليه بعض قادة الحركة ، مرتكزين أساسا على المزاج الشعبي الحالي ،الداعم لما يسمى «القوى الثورية « في مقابل الإطاحة بالاحزاب التي تناقض هذا التيار . وهو ما تسعى قيادات الحركة الى استغلاله في تعميق نفوذها في البرلمان وتمكينها من كتلة برلمانية تساعدها على الحُكم بأريحية . قلب كل المعادلات خارج منطق مساندة باقي الأحزاب للنهضة ،فإن إعادة الانتخابات لا تعني بالضرورة توسيع كتلة النهضة . فهذه النتيجة ليست حتمية خاصة ان المزاج العام التونسي متقلب الى درجة يصعب معها التكهن بالنتائج . ويمكن لأي معطى يطرأ على الساحة السياسية أن يقلب كل المعادلات. ويلقي بحركة النهضة في ترتيب متأخر في المشهد البرلماني . أما في ما يتعلق بالاحزاب الأخرى ، فحسب ما توفر لنا من معلومات ،فإن اغلبها يرفض إعادة الانتخابات. ويدفع في سياق فرضية التصويت للحكومة المقبلة دون الانضمام الى حزامها السياسي. وهو ما يجعل حركة النهضة مجبرة على الحُكم بكتلة ضعيفة عدديّا . التيار لا يدعو الى الإعادة أكّد عضو المكتب السياسي لحزب التيار الديمقراطي أن تهديد النهضة بإعادة الانتخابات لا يعني حزب التيار . وأضاف العجبوني في تصريح إعلامي أن «التيار لم و لن يدعو إلى إعادة الانتخابات. و لكنّه لا يخشى إعادتها! ..هنالك تعهّد أخلاقي مع ناخبينا علينا احترامه. و هذا ما يعنينا أساسا! ". سنوات عجاف قال القيادي في حركة النهضة ونائبها في البرلمان ناجي الجمل «إعادة الانتخابات أقل كلفة على تونس من خمس سنوات عجاف».