جميل أن يطلق شبابنا دعوة عبر صفحات التواصل الاجتماعي للقيام بحملات نظافة في كامل تراب الجمهورية التونسية داخل المدن والقرى والأرياف تحت شعار (حالة وعي) والأجمل من ذلك أن يستجيب التونسيون على اختلاف شرائحهم العمرية من أطفال وشباب وكهول وشيوخ ونساء لهذا النداء الذي أصبح مطلبا جماهيريا تبنوه على مختلف توجهاتهم وأفكارهم حيث أقبلوا بكل عفوية وحماس على تنظيف الشوارع والأزقة والساحات العامة وإزالة الأوساخ وتزيينها لتخرج في أبهى مظهر وأحسن صورة تسرّ الناظرين . إن ما نتمناه أن تحدث هذه الحملة رجة في نفوس كثير من الناس الذين يعانون من أنانية مقيتة ولا مبالاة قاتلة أصبحت جزءا من سلوكياتهم اليومية في تعاملهم مع محيطهم .فمن المخجل أن تُرمى القمامة وتقذف المخلفات في الشوارع وفي الحدائق والمنتزهات وتلوّث الشوارع والساحات العامة بالنفايات وندعي زورا أننا نتحلى بالتعاليم الدينية التي تحث على النظافة فهذا تصرف مشين لا يليق بنا كمسلمين لأن ديننا يدعونا إلى النظافة في كل زمان وفي كل مكان في داخل البيت أو خارجه كما يحثنا على التعاون من أجل المحافظة على نظافة المدينة بأحيائها وشوارعها وأزقتها وطرقاتها وقد أوكل هذه المهمة إلى كل فرد من سكانها مهما كان مركزه أو نفوذه ولم يحصرها في عملة النظافة فقط واعتبر ذلك العمل تقربا إلى الله تعالى يثاب صاحبه على القيام به. روى البخاري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما رجل يمشي في طريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه فشكر الله له فغفر له) كما روى مسلم عن أبي برزة أنه قال : قلت يا نبي الله علّمني شيئا أنتفع به قال : (اعزل الأذى عن طريق المسلمين ) والأذى هنا هو كلّ ما يؤذي الناس في طرقاتهم ويلحق الضرر بهم في محيطهم من أوساخ وفضلات وكذلك من بذاءة لسان وفحش كلام تقرع به آذاننا صباحا ومساء من طرف بعض ممن تجرّدوا من الحياء وداسوا على الأخلاق ذلك أن إماطة الأذى عن طريق الناس شعبة من شعب الإيمان وإن لفاعلها ثوابا عند الله تعالى . قال رسول الله صلى اله عليه وسلم : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان). إن إزالة كلّ ما يؤذي الناس هو تعبير عملي على الإيمان والتحضّر لأنّ النظافة والمحافظة على المحيط وحمايته من التلوّث مسؤولية مشتركة لا بدّ أن يتحمّل كلّ فرد من المجتمع قسطه فيها ويقوم بواجبه الديني والمدني ولا يكون ذلك إلا إذا احترم كلّ واحد حقّ الآخر في الحياة في بيئة جميلة وسليمة وامتنع عن إلقاء الأوساخ وبما يؤذي غيره واقتلع من نفسه جذور الأنانية وحبّ الذات. لا شك أن هذه مثل الحملات وهذه الهبّات الشبابية طيبة ومشرفة نرجو ألا تكون ظرفية بل مستمرة على مدار السنة وتساهم في جعل حالة الوعي هذه دائمة ومتيقظة في عقول كل أفراد المجتمع بكل أطيافه ومختلف توجهاته وأفكاره حتى يشعر كل واحد فينا بمسؤوليته في رقي وطنه ومجتمعه.