التأمت بكوبنهاغن – العاصمة الدّنماركية - يومي السبت والأحد السابع والثامن من مايو 2011 دورة إيمانيّة استهدفت الأسرة المسلمة في الغرب بالتركيز على مناحي التربية العمليّة على خصال الإيمان... وقد حضر للغرض النّبيل صاحب المشروع الإيماني الشيخ الشاب الكريم الفاضل – نحسبه ولا نزيك على الله – سالم عبدالسلام الشيحي بدعوة من مكتب الأسرة بالمجلس الإسلامي الدّنماركي... افتتحت الدورة بتلاوة مباركة للقرآن الكريم اختار آياتِها الحافظ بلال جبّاري حفظه الله، فكانت متحدّثة عن الإيمان وآثاره، ثمّ قُدّم الضيف الكريم من قِبل الدكتور جهاد عبدالعليم الفرّا مسؤول العلاقات العامّة بالمجلس...
ابتدأ المحاضر الكريم القول بما مهّد إليه المقدّم، فذكر الحديث الصحيح الذي رواه عامر بن سعدٍ عن الْعبَّاس بْن عبد الْمُطَّلب رضي اللهُ عَنْهُ الذي قال فيه أَنَّه سمِع رسول اللَّهِ صلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ يَقُول "ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً"، وقد جاء في بعض الرّوايات (وبمحمّد نبيّا)، وجاءت روايات أخرى بالجمع (وبمحمّد نبيّا ورسولا)... شارحا أنّ الرّضى هو الاكتفاء؛ فمن جعل شعار بيته هذا الثلاثي أو هذه المراتب الثلاث بلغ بها أسمى الأهداف ألا وهو تذوّق حلاوة الإيمان...
نصح الشيخ في البداية بالنّظر إلى هذه الدورة على أنّها مشروع يستوجب توفير جانبه الإداري المعتبر قصد إنجاح تنفيذه في البلاد الدّنماركية، نادبا إلى ضرورة اعتماد الحركات الإسلاميّة أو الأفراد المسلمون فكرة المشاريع في كلّ أعمالهم وتدريباتهم والحرص على تنفيذها بدقّة وحسب خطّة تضمن النجاح... ثمّ بيّن أنّ الدورة مشروع إيمانيّ؛ يأتي استجابة لشكاوى كثيرة من ضعف الإيمان وخواء القلوب... كما أشار إلى أنّ المشروع ليس وليد اللحظة ولكنّه أسّس على ملاحظات ومعايشات استمرّت على أكثر من عشر سنوات... وإذ شكر للسابقين الأفذاذ جهودهم وكتاباتهم المطوّلة حول الموضوع (موضوع الإيمان)، فقد آثر الانطلاق - لتنفيذ هذا المشروع الإيماني - من الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، والذي جاء فيه عن النّبيّ صلّى الله عيه وسلّم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأوضعها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"... - والحديث مرويّ بألفاظ أخرى لا يخرج معناها عن هذه المعاني - ... مبيّنا أنّ تحصيل الشعب كلّها يقود حتما إلى تحصيل الإيمان... فما الدين إلاّ إيمان وإسلام وإحسان؛ وقد جاءت الشعب كلّها متحدّثة عن الإيمان والإسلام والإحسان ومرسّخة له...
وإذ أفاض الشيخ في استعراض مجمل شعب الإيمان التي عدّها كاملة ثمان وسبعين شعبة، فقد أبدع في بيان العلاقة بين ثلاثي التديّن الإيمان والإسلام والإحسان والثلاثي المكوّن للإنسان؛ فإنّ العقل قد اهتمّ بالإيمان والجسم أو الجسد قد تفرّغ لتنفيذ الإسلام في حين مالت الرّوح إلى الإحسان تنظّم به علاقاتها مع الله ومع مخلوقات الله... وقد أعجبتني هذه الوقفة منه وهو يحكي عن المخلوقات فيقول: سبحان الله الذي جعل كلّ صنف خادما للذي يعلوه، فقد شاء سبحانه أن يخدم الجمادُ النّباتَ فيسخّر له في حين سخِّر النّبات للحيوان يُعيشه وسخّر الحيوان للإنسان يتقوّى به... على أنّ النظر في الموضوع يُفضي إلى أنّ الجميع قد سخّر لبني آدم؛ فحريّ به إذن أن يكون في مستوى هذا التشريف شاكرا لأنعم الله جلّ وعلا...
الدورة اشتملت على الكثير من العناصر الحائمة حول إدارتها ومراحلها ووسائل تنفيذها... وفي الدورة أسئلة استفزّت الشيخ فأظهر بالإجابة عنها معرفته الجيّدة بما رتبط بالإعجاز العلمي ما يزيد من حبّنا له والثقة به... فكانت الدورة مفيدة، وكانت فاتحةً لأبواب التفاؤل المحدّث بالاستفادة من تنفيذها، ولعلّ الحاضرين يتمكّنون من إشاعة هذا الخير كلّ بما يستطيع... ليجعل الله من ذلك الخير الوفير وليضاعف أجر الشيخ سالم ويثقل موازينه بالحسنات، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه... والله من وراء القصد...