عاد الترجي من المغرب بتعادل ثمين في انتظار أن يحسم الترشّح إلى الدّور القادم من الكأس العربية على هامش مباراة الإياب المُبرمجة يوم 23 نوفمبر في أولمبي رادس. وهُناك شبه اجماع على أن رحلة الترجي إلى آسفي كانت ناجحة تنظيميا ورياضيا. فقد حظيت البعثة التونسية بإسقبال حار. كما أن أبناء الشعباني خطفوا هدفا غاليا وقد يكون وزنه من ذهب في حسم التأهل إلى المحطّة المُوالية من المسابقة الاقليمية. رسالة شكر بالكاد انتهى لقاء أولمبيك آسفي والترجي لتُصدر هيئة المدب بَيانا تضمّن كلّ عبارات الشكر للأشقاء خاصّة أنهم استقبلوا البعثة التونسية بالزهور وقدّموا لها كلّ التسهيلات والخدمات انتصارا للعلاقات القَوية بين البلدين وتأكيدا على أن النّشاز التي تَعزفه مجموعة من الوداديين مجرّد "لعب عيال" ولا يُمكنه بأيّ حال من الأحوال أن يقطع حبل المودّة بين أندية البلدين. وقد وعدت إدارة الترجي بأنها ستردّ التحية بأفضل منها على هامش لقاء الإياب يوم 23 نوفمبر. وفي السّياق نفسه نشير إلى أن رحلة المغرب لم تقتصر على تبادل المُجاملات بين مسؤولي الناديين بل أن اللاعبين قدّموا بدورهم درسا كبيرا في الروح الرياضية حيث انتهت مباراة أمس الأول على عناق حار بين أبناء الكيسر والشعباني. والأجمل من ذلك أن الأجواء بين أحباء الفريقين كانت رائعة حتى أن البعض منهم حرصوا على تناول الطعام سويا. والحقيقة أن جميع هذه الصّور تؤكد أن كرة القدم أعمق بكثير من مجرّد الربح والهزيمة كما أن هذه المشاهد تُثبت أن تونس والمغرب شعب واحد ولا يمكن للعلاقات أن تَفسد بسبب شرذمة من الأحباء المُتعصبين والمسؤولين الهُواة مِثل الجريء ولقجع. التحكيم مُتّهم لم تُخف البعثة الترجية انزعاجها من الأخطاء التي ارتكبها طاقم التحكيم بقيادة العراقي علي صباح. فقد تغافل الحكم عن اشهار ورقة حمراء في وجه لاعب أولمبيك آسفي على خَلفية تدخّله المُتهوّر والعنيف على اللّيبي حمدو الهوني في حدود الدقيقة 47. وكانت اللّقطة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وكان من المفروض اقصاء اللاعب الذي تعمّد ضرب الهوني بالمرفق وعلى مرأى ومسمع من الجميع. ولم تتوقّف هفوات التحكيم عند هذا الحدّ بل أنه وقع حرمان الفريق من هدف شرعي ولا غبار عليه في الدقيقة 82 وذلك بداعي التسلّل. وقد أثبتت الصّور التلفزية أن هدف الترجي سليم بنسبة ألف بالمائة. ويُمكن القول إن هذا الخطأ الفادح غيّر مسار اللقاء خاصّة أن الهدف المُلغى جاء في الوقت الذي كان فيه الترجي مُنتصرا بهدف لصفر. ولاشك في أن احتساب هذا الهدف كان سيمنح الفوز للفريق التونسي بهدفين لهدف بدل التعادل بهدف من الجَانبين. واللاّفت للإنتباه أن الترجي نبّه إلى هذه الهفوات التحكيمية دون الإنخراط في البُكائيات ليقينه الرّاسخ بأن الاحتجاجات لن تُفيده في شيء. هفوة اليعقوبي بعيدا أن الأخطاء التحكيمية يتحمّل لاعبو الترجي جانبا من المسؤولية في إضاعة انتصار في المُتناول على أرضية المسيرة الخضراء. فقد حكم محمّد علي اليعقوبي على الفريق باللّعب بنقص عددي بعد مرور 33 دقيقة فحسب من انطلاق اللقاء. وكان اليعقوبي قد تحصّل على بطاقتين صفراوين بين الدقيقتين 28 و33 وهو ما أدّى إلى طرده. وقد يقول البعض إن هذا الإقصاء لا يخلو من التعسّف خاصّة أن الحكم العراقي تَغافل عن مُخالفات أخطر وأوضح على غرار تَعنيف لاعب آسفي للهوني. لكن هذا لا يحجب أبدا مسؤولية اليعقوبي الذي تصرّف بطريقة فيها الكثير من الإهمال ليخرج في توقيت مُبكّر ويتسبّب في متاعب كبيرة لزملائه حتى أن القائد خليل شمام اعترف بأن هذا الإقصاء بعث أوراق الفريق. للمُراجعة بالتوازي مع التأثيرات السّلبية لإقصاء اليعقوبي ارتكب دفاع الترجي هفوات كبيرة على صعيد التمركز سواء في الشوط الأوّل أوالثاني. ولأنّ الجرّة لا تسلم في كلّ مرّة فقد استثمر محمّد المرابط سوء تمركز أبناء الشعباني ليخطف هدف التعادل في اللّحظات الأخيرة من اللّقاء. صُورة الهدف أظهرت المساحة الشاسعة التي تركها دفاع الترجي لمحمّد المرابط ليتقدّم بالكرة ويسدّدها بأريحية كبيرة وأمام بهتة بن شريفية الذي يتحمّل قسطا من مسؤولية هذا الهدف. وكان بن شريفية أحد أبرز العَناصر الترجية في لقاء آسفي لكن هدف المرابط نسف كلّ ما فعله على امتداد 86 دقيقة. بالإضافة إلى الهفوات المرتكبة في التمركز فتحت التغييرات التي قام الشعباني باب النقاشات ولم يقتنع البعض بتبديل المهاجم "واتارا" بزميله في المركز نفسه وهو الخنيسي. كما تحفّظ البعض الآخر على لعب ورقة بن شوق في الدقيقة 89 مُعتبرين أن هذا التغيير كان مُتأخّرا ولا طائل منه. وما هو ثابت أن الترجي عاد من المغرب بتعادل ثمين في انتظار معالجة العديد من النقائص حتى ينجح في المواعيد المُرتقبة وعلى رأسها اللقاء المُؤجل ضدّ بنزرت وذلك يوم الخميس القادم في أولمبي المنزه.