اتحاد الشغل يعبر عن تضامنه مع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات..    إحتياطي تونس من النقد الأجنبي يعادل 25 مليار دينار..    ترامب يلتقي أمير قطر ورئيس وزرائها خلال توقف في الدوحة    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد – الجولة 11: الترجي والنادي الإفريقي يحافظان على الصدارة    حجم احتياطي النقد الأجنبي    عاجل: بداية من الإثنين...الصيدية ماعادش تعطيك الدواء بهذه الصيغة    مع الشروق : مادورو وصدام المجيد    علي الباروني: طيار الطائرة الشراعية التونسي الوحيد في ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجربة    الرابطة 2.. نتائج الدفعة الأولى من مواجهات الجولة السادسة    كأس الاتحاد الافريقي لكرة القدم: الملعب التونسي يغادر المسابقة رغم فوزه على اولمبيك آسفي المغربي 2-1 في الاياب    في ملف حجز 370 ألف قرص مخدر و12 كغ كوكايين ...6 متورّطين من بينهم رجل أعمال أجنبي    طقس الليلة    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر .. أكثر من 20 مسرحية ...وندوة فكرية حول هوية المسرح التونسي    كوثر بن هنيّة مخرجة فيلم «صوت هند رجب» ل «الشروق» .. حين يتحوّل العجز الإنساني إلى قوّة سينمائية    الافريقي يتصدر وقتياً و المتلوي تنتصر في الوقت البديل    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    تأجيل محاكمة مهدي بن غربية وأحمد العماري في قضية ذات صبغة إرهابية إلى ديسمبر المقبل    البنك المركزي : تجاوز الإحتياطي من العملة الأجنبية 25 مليار دينار بتاريخ 24 أكتوبر 2025    منوبة: افتتاح مهرجان الشاشية بالبطان إطلالة على التاريخ واحياء للذاكرة الشعبية    منوبة: أنشطة توعوية وترفيهية متنوعة تؤثث فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الإقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    اختيار دار الثقافة بالرقاب لانجاز مشروع مختبر الإبداع ضمن برنامج "مغرومين"    المهدية: البحث في آليات تطويع التكنولوجيا لخدمة المجتمع خلال ملتقى "الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية بربوع المهدية"    تونس تجدد التزامها الثابت بحقوق الإنسان    شنوا الجديد في مقترح قانون تشغيل أصحاب الشهائد العليا العاطلين منذ سنوات؟    إيمان الشريف :'' ابني هو من اختار زوجي الحالي و غناية جديدة على قريب ''    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    مطار قرطاج : استقبال بيسان وبيلسان أبطال تحدي القراءة في دبي    عاجل: مباراة النجم الساحلي و نيروبي يونايتد غير منقولة تلفزيا    اطلاق المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر الاثنين 27 اكتوبر الجاري    ترامب يعلن عن رغبته في لقاء رئيس كوريا الشمالية خلال جولته إلى آسيا    عاجل/السجن لهاذين المسؤولين السابقين..    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    بطولة العالم للتايكواندو بالصين - محمد خليل الجندوبي يتوج بذهبية وزن تحت 63 كلغ    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن 93 عاما    خبير عسكري: شبح الحرب النووية يخيّم على الصراع الروسي الغربي    تجميد صفقة توماهوك وتأجيل القمة.. ترامب يراجع حساباته مع بوتين    أزمة جمركية جديدة مع ترامب.. شوف شنوة صاير؟    شاب صيني يبيع كليته لشراء آيفون وآيباد... الثمن؟ حياته    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    رضا الكشتبان يحاضر حول "تاريخية العلاقات التّونسيّة الإسبانيّة"    عاجل: موسم فلاحي قياسي في تونس...خبير يكشف    عاجل: وزارة التربية تعيد فتح المناظرة الخارجية لسنة 2024 لتوظيف أعوان..الرابط والآجال    دراسة تكشف: اللي فرحان يعيش بصحة أحسن    تناول ماء الحلبة يوميًّا لمدة أسبوعين.. فوائد ماكش باش تتوقعها    وزير الشباب والرياضة يجتمع برئيس جامعة كرة القدم وأعضاء الإدارة الوطنية للتحكيم    بشرى سارة..العالم على مشارف "دواء سحري".. يعالج الصلع في 3 أسابيع    الإفراج عن السائق وعون الصيانة بعد حادث سقوط التلميذ!    رزنامة جديدة للامتحانات؟....رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ يوّضح    رسميا/ أودي "A6 سبورت باك إي ترون" في تونس: أيقونة السيدان الكهربائية.. فخامة واداء..مميزاتها وسعرها..    كأس الاتحاد الافريقي : الملعب التونسي والنجم الساحلي من أجل قلب المعطيات والمرور الى دور المجموعات    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في الحصانة التي يتمتع بها أعضاء مجلس نواب الشعب
نشر في الشروق يوم 11 - 11 - 2019

ظهرت خلال الفترة الأخيرة وبمناسبة الانتخابات التشريعية التونسية مجموعة من الحملات التي انتشرت بصفة ملحوظة عبر وسائل الإعلام وخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول الحصانة التي يتمتّع بها أعضاء مجلس نواب الشعب. ولتوضيح معنى الحصانة والغاية منها وكيفية رفعها عن النّواب التونسيين، نساهم بهذه القراءة.
تكفل الدساتير لأعضاء المجالس البرلمانية حصانة وذلك لعدم مؤاخذتهم عمّا يبدونه من أفكار وآراء خلال ممارسة أعمالهم سواء في الجلسات العامة أو في أعمال اللجان البرلمانية وهو ما يطلق عليه عدم المسؤولية البرلمانية. كما لا يجوز بالحصانة اتخاذ أية اجراءات جزائية ضد عضو مجلس الشعب (ما عدا حالة التلبس) إلا بعد رفع الحصانة عليه.
وتزول هذه الحصانة عن عضو البرلمان إذا ضبط في حالة تلبس إذ أن حالة التلبس هي حالة تسقط معها الحصانة لأن الجريمة تكون مؤكّدة.
ظهرت الحصانة البرلمانية في انقلترا سنة 1688 على أثر قيام الثورة الإنقليزية وإقرار الوثيقة الدستورية، حيث نصّت هذه الوثيقة على أن حرّية القول والمناقشات والإجراءات داخل البرلمان لا يمكن أن تكون سببا للملاحقة القضائية أو محلا للمساءلة أمام أي من المحاكم. وإقرار هذه الحصانة كان أساسا لحماية النواب من سلطات الملوك، وليس حمايتهم من المواطنين. وكانت هذه الحصانة مقتصرة على الدعاوى المدنية إضافة إلى الإجراءات الخاصة بالدعاوى الجزائية البسيطة.
ولهذا فقد كان من الممكن دائما القبض على عضو البرلمان في أي جريمة دون رفع الحصانة عليه، كما استثنت من الحصانة البرلمانية الجرائم التي ترتكب من أعضاء البرلمان ضدّ المحاكم وقد أطلق على هذه الجرائم "جرائم إهانة المحكمة". وقد حدث تطور هام خلال القرن الثامن عشر في مجال الحصانة البرلمانية بصدور قانون ينظم أحكامها ويضع بعض القيود والضوابط لكيفية مباشرتها.
أما في فرنسا فقد أقرت الحصانة في معظم المواثيق الدستورية بنفس المضمون الذي كانت عليه في المواثيق الإنقليزية، فقد وقع التنصيص عليها في قرار الجمعية التأسيسية الفرنسية الصادرة سنة 1789، ثم في دستور سنة 1791، ثم في دستور 1795 وكذلك كل الدساتير المتتالية.
أما بالنسبة لتونس فقد تضمّن دستور 1959 فصلين حول الحصانة البرلمانية (26 و27). أقرّ الفصلان أنّه لا يمكن تتبّع عضو مجلس النواب أو مجلس المستشارين ( أضيف بعد تنقيح سنة 2002) أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها أو أعمال يقوم بها لأداء مهامه النيابية داخل كلّ مجلس. كما لا يمكن تتبّع أو إيقاف أحد أعضاء مجلس النواب أو مجلس المستشارين طيلة نيابته في تهمة جنائية أو جناحية ما لم يرفع عنه المجلس المعني الحصانة. أما في حالة التلبس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه ويعلم المجلس المعني حالاّ على أن ينتهي كل إيقاف إن طلب المجلس. وخلال عطلة المجلس يقوم مكتبه مقامه.
أما بالنسبة لدستور الجمهورية الثانية (دستور 2014)، فقد تضمن في فصله 68 ما يلي: "لا يمكن إجراء أيّ تتبّع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب، أو إيقافه، أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها، أو أعمال يقوم بها في ارتباط بمهامه النيابية." أما الفصل 69 حول التمسّك بالحصانة وحالة التلبس، فقد أقرّ، أنّه إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة، فإنه لا يمكن تتبّعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة. أمّا في حالة التلبّس بالجريمة فإنّه يمكن إيقافه، ويعلم رئيس المجلس حالّا على أن ينتهي الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك.
أما بالنسبة للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فقد خصّ الحصانة بباب كامل وهو الباب الرابع الذي يحتوي ستة فصول (الفصول من 28 إلى 33). ونجد في هذه الفصول:
يتمتّع عضو مجلس نواب الشعب بالحصانة طبقا لأحكام الفصل 68 من الدستور. ويمكن للنائب المعني عدم الاعتصام بالحصانة.
يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضيّة إلى رئيس مجلس نواب الشعب. ويتولّى رئيس المجلس إعلام المعني وإحالة طلب رفع الحصانة ومرفقاته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تتولّى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة أحد زملائه من الأعضاء لإبلاغ رأيه أمام اللجنة. تتولّى اللجنة النظر فيما يعرض عليها من ملفات وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة. ترفع اللجنة تقريرها إلى مكتب المجلس الذي يحيله إلى الجلسة العامة.
ولا يجوز لأي عضو لا ينتمي إلى هذه اللجنة حضور أشغالها إلا للإدلاء بأقواله أو الإجابة على أسئلة اللجنة وفي حدود المدة الضرورية للاستماع إليه.
عندما يكون المعني بطلب رفع الحصانة عضوا بهذه اللجنة، تنظر اللجنة في ملفه دون حضوره إلى حين رفعها التقرير بشأنه.
ويتم طلب إنهاء إيقاف عضو باقتراح من عضو أو أكثر وبقرار يتخذه المجلس على ضوء تقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية الذي يتم تقديمه في أجل أقصاه ثماني وأربعون ساعة وبعد الاستماع إلى صاحب الاقتراح أو إلى أول من أمضى في تقديمه.
ينظر المجلس في هذه الطلبات على ضوء التقرير الذي تعده اللجنة والذي يوزع على كافة الأعضاء قبل انعقاد الجلسة العامة. ويتمّ الاستماع إلى تقرير اللجنة ثم إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك أو لمن ينيبه من زملائه الأعضاء. ثم يتخذ المجلس قراره في خصوص طلب رفع الحصانة أو إنهاء الإيقاف بأغلبية الحاضرين من أعضائه. ويتولى رئيس المجلس إعلام من يهمهم الأمر بقرار المجلس. وتكون الجلسات المتعلقة بالحصانة سرية. وإذا اتّخذ المجلس قراره برفض طلب رفع الحصانة أو اقتراح إنهاء الإيقاف، فإنه لا يمكن تقديم طلب أو اقتراح ثان يتعلق بنفس الأفعال التي كانت موضوع الطلب الأول أو الاقتراح المرفوض.
وبالتّالي فإن النائب وبنصّ الدستور محصّن ضد أيّ تتبع قضائي أو إيقاف أو محاكمة لأجل آراء أو اقتراحات أو أعمال مرتبطة بمهمته وهذا أمر ضروري لحسن أدائه ولتوفير كل الضمانات له.
أما بالنسبة للحالات الأخرى ومنها إقرار الدستور عدم إمكانية التتبّع طيلة المدة النيابية إذا تمسك النائب بالحصانة وكذلك تقديم النظام الداخلي لضمانات كبيرة تبدو في ظاهرها مرتبطة بجملة من الإجراءات الداخلية، إلا أنها تزيد في تحصين النائب ضد أي تتبع قضائي. ويعتبر تنقيح الفصول الواردة بالنظام الداخلي خلال المدة النيابية القادمة أمرا ضروريا لإيجاد توازن بين الضمانات المقدّمة للنائب والتحصين النهائي أمام التّتبّعات القضائية. كما أن إقرار مدوّنة سلوك خاصة بالنواب تفرض عليهم التقيّد بمجموعة من الضوابط داخل المجلس وخارجه ستساهم في الحد من طلبات رفع الحصانة.
عبد الباسط الحسناوي
(متصرف رئيس بمجلس نواب الشعب)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.