يبلغ سكان ولاية الكاف حسب إحصاء 2014، 243.2 ألف ساكن منهم 105.9 آلاف بالوسط الريفي. ونظرا الى غياب المرافق الحياتية وموارد الرزق فإن نسبة النزوح في تزايد من الوسطين الحضري والريفي . الكاف (الشروق) وحسب الأرقام التي تحصلت عليها « الشروق» من المعهد الوطني للإحصاء فإن نسبة الأمية بالكاف تناهز 26.1 % وجلها في الوسط الريفي مع ارتفاع نسبة الأمية لدى الإناث بنسبة 34.8 % وتراجع نسبة السكان النشيطين من 47.5 % سنة 2008 إلى 43.6 % سنة 2014 علاوة على تراجع عدد التلاميذ بالمدارس الريفية بالتريشة وبئر حدي والملاحة بالسرس وغلق 5 مدارس بالكاف الشرقية والساقية والدهماني والجريصة . قرية ملاق الكارثة وفي نفس السياق يرى الجمعي الصالحي أن سكان القرى الجبلية والحدودية بالكاف في تراجع مستمر لعدم تهيئة المسالك الفلاحية والربط بشبكة التزود بالماء الصالح للشراب والنور الكهربائي بقرية ملاق وفك عزلة القرى الجبلية بالساقية والقصور والطويرف ونبر وغيرها بالمناطق الحدودية في القلعة الخصبة وقلعة سنان . وأمام تدني خدمات مراكز الصحة الأساسية ومكاتب البريد في الأرياف وعدم تفعيل قرار تقريب الخدمات الاجتماعية من المواطن، فإن جل السكان خيروا النزوح والتفريط في أراضيهم بعد أن تعقد نمط عيشهم لعدم جدية الدولة في حل مشاغلهم اليومية. وقد أبدت السيدة الجبالي استياءها العميق من استمرار الدولة في سياسة المماطلة والوعود الكاذبة وذلك بحل أزمة الطرقات ودعم المرأة الريفية في إطار برنامج «رائدة « الذي تشرف عليه وزارة المرأة وذلك بتقديم قروض بلا فوائض والحال أن هذا القرار مخالف للواقع لتجد باعثة المشروع الفلاحي أوالحرفي نفسها إزاء حزمة من الصعوبات ,وأولها صعوبة الإجراءات وكثرة الوثائق التي يقدمها الباعث للبنك التونسي للتضامن دون أن يظفر برد يحل أزمة عيشه في منطقة وعرة يفتقر سكانها إلى وسائل النقل والماء الصالح للشرب مثل منطقة فج التمر بالجريصة، مما دفع بالمتساكنين إلى هجر أراضيهم ومساكنهم بحثا عن سبل العيش في المناطق الساحلية كالعمل في حضائر البناء والضيعات الفلاحية الكبرى ومعامل النسيج بعد أن غابت المعامل بالجهة . خدمات صحية معدومة وأمام تدهور البنية التحتية بالمؤسسة الصحية وغياب طب الاختصاص وتعطل مشروع الاستعجالي وقسم العيادات الخارجية بالمستشفى الجهوي بالكاف وتعطل خدمات بعث قسم الأشعة والتحاليل والأسنان وتطوير الخدمات ببعض المستشفيات المحلية مثل ساقية سيدي يوسف والسرس فإن بعض سكان الأرياف والمدن خيروا النزوح إلى المناطق الساحلية بحثا عن العلاج . هذا علاوة على الوعود التي لم تر النور وهي بعث مستشفى جامعي ومستشفى جهوي صنف «ب» بالدهماني . برامج محدودة ومن أبرز المطالب المطروحة على الجهات المعنية ومصالح الشؤون الاجتماعية بالكاف هي تحسين المساكن والتمتع بدفاتر للعلاج المجاني بما يعادل 2500 مطلب لتحسين المسكن بكل معتمدية و200 طلب إضافي للحصول على دفتر علاج مجاني بعد تمكين حوالي 1500 مواطن بهذا الدفتر بكل معتمدية . ورغم حصول البعض على منح لتحسين مساكنهم إلا أن حجم الدفوعات المقدر ب 2000 أو3000 دينار لم يعد يفي بحاجة المنتفع للقيام بكل الإصلاحات وذلك لارتفاع كلفة مواد البناء واليد العاملة . تهديدات نفسية الدكتور عبد المجيد ناصر (مختص في علم النفس) بين أن المطالب الاجتماعية التي يرفعها المواطن تهدف مجتمعة إلى البحث عن الاستقرار النفسي، وفي غياب التفاعل الإيجابي وتلبية الرغبة فإن القوى النفسية تصبح متشنجة بعض الشيء بما يدفع للتفكير في تغيير الواقع والبحث عن فضاء أرحب وأجمل للعيش ولوفي إطار يوصف بعدم التوازن، كأن يتنقل ساكن الريف أوالحي الشعبي إلى حي راق بالعاصمة أوبالساحل يكفيه فخرا أنه انتصر لرغبته وحققها دون أن يرتقي مستوى عيشه إلى نمط عيش الآخرين، أوأن البعض ينتابه الركود والانعزال بما يمكن أن تنتج عنه حالة من الانتحار والمطلوب في هذه الحالة هوالتحسيس والتوعية النفسية بخطورة هذه التحولات للارتقاء بمستوى الثقة بالنفس والقدرة على العيش والتعايش وحسن تقدير الذات لمواجهة الصعوبات الاجتماعية والنفسية . خلل اجتماعي والحل في التعويل على الذات من جهتها أكدت سميرة الولهازي (مختصة في علم الاجتماع) أن النزوح ظاهرة تاريخية وبشرية، والكاف هي الولاية الوحيدة التي تراجع عدد سكانها بسبب النزوح حسب آخر الإحصائيات، وهي من الولايات الطاردة لسكانها بحثا عن العمل أوالدراسة أوالزواج .ويعود تفاقم الظاهرة إلى غياب التنمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي مفسرة ذلك ب «الكذب السياسي» واستغلال مختلف الفئات الاجتماعية كرصيد انتخابي ثم التنكر لمطالبهم ، وهوما أدى إلى فقدان الثقة في الدولة وخاصة لدى الفئات الشبابية . ومع تخلي مؤسسات الدعم عن دورها فقد وجد المواطن نفسه بلا مورد رزق . والحل هوبذل المجهود الفردي والتعويل على الذات خاصة في القطاع الفلاحي ,فالتواكل والاعتماد الكلي على الدولة لا يمكن أن ينتج إلا الخلل الاجتماعي وبالتالي يجب على كل الأطراف أن تتحمل مسؤوليتها لخلق التكامل بين مختلف المجالات .