انطلقت خلال الأيام الماضية عديد الدعوات المطالبة لرئيس الحكومة المكلف بضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة القادمة وعدم انتظار حتى آخر المهلة الدستورية ، وقد اختلفت التبريرات والتوضيحات لهذا الطلب بين ما هو مصرّح به وما هو موارب. تونس الشروق : أشد هذه الدعوات وضوحا صدرت من جهتين أساسيتين على الساحة السياسية أولهما الاتحاد العام التونسي للشغل الذي شدّد أمينه العام نور الدين الطبوبي على ضرورة أن يعي كل السياسيين بالمسؤولية في تكوين حكومة في أقرب الآجال، داعيا إلى تظافر كل الجهود للخروج من الوضع المتردي الحالي وبعث أمل جديد للشعب التونسي. ولفت الطبوبي إلى صعوبة الوضع باعتبار أن 8 وزارات تسير بالنيابة مبينا أن العمل السياسي خاص بالأحزاب ولا علاقة للاتحاد بذلك باعتبار انه يبقى قوة اقتراح وتوازن حسب تقديره. وفي ذات السياق دعا حزب قلب تونس في بيان أصدره عقب اجتماع مكتبه السياسي إلى الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، دون انتظار الآجال الدستوريّة. وأرجع الحزب هذه الدعوة، إلى ما أسماها ب «حالة الفراغ التي تعيشها حكومة تصريف الأعمال الحاليّة، على إثر استقالة عدد كبير من الوزراء والمستشارين بسبب نجاحهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ممّا أحدث خللا في تسيير الوزارات المعنيّة وأثّر بشكل سلبيّ في أدائها». الهاجس الاقتصادي الدعوتان صدرتا ضمن سياق أجمع عليه كل المتدخلين السياسيين اذ لا خلاف على صعوبة المرحلة ودقتها على المستوى الاقتصادي وتأثيرها على المجال الاجتماعي ، كما أن العلاقة مع الاطراف المانحة دوليا تحتاج وضوحا في الرؤية ومسارعة في إيجاد استقرار يمكّن من التفاوض حول مشاريع الاستثمار والتمويل تساهم في دفع الاقتصاد المكبل بكثير من المصاعب في اكثر من قطاع . ولعل ما يزيد حدة الإحساس بضغط الوضع ما تشهده الإدارة التونسية من عطالة على مستوى التسيير وأخذ القرار بفعل تقلص المبادرة والإحجام عن تحمل المسؤولية من عدد هام من الاطارات العليا باعتبار إمكانية احداث تغييرات محورية على مستوى هياكل التسيير وفقا للتغيير في هيكلة الحكومة. سدّ الذرائع هذه التبريرات رغم جديتها فانها لا تعكس التخوفات الحقيقية لأصحابها والتي تتمحور خاصة حول كثرة التعيينات السياسية التي تلوح خلال المدة الأخيرة داخل مفاصل الإدارة مثل ما لاحظه النائب عن حركة النهضة سيد الفرجاني. وإضافة الى ملف التعيينات وما يمثله من مشكل مرشح للتطور اذا ما تحققت فكرة التدقيق الإداري والمالي يوجد ملف ثان تعمل الأطراف التي تطالب بتسريع تشكيل الحكومة للحيلولة دون تحققه ويتعلق بما تسعى اليه بعض الاحزاب مثل حركة الشعب في إحالة ملف تعيين رئيس الحكومة الى رئيس الجمهورية وإعطائه إمكانية التدخل فيه عبر إضاعة الوقت وتمطيط التشاور حتى انتهاء المهلة الدستورية بما يتيح تغيير الخيارات وفقا لرؤية أخرى تجعل من رئيس الجمهورية محور العملية السياسية القادمة. دعوات الاستعجال في تشكيل الحكومة القادمة تنبع من حاجة ضرورية تتعلق بتحقيق الشاغل الاقتصادي والاجتماعي الضاغط، كما تتعلق أيضا بهاجس التعطيل المتعمد والعمل على تغيير المعادلة السياسية وفق سيناريوات يمكن ان تدخل البلاد في حالة من العطالة المتواصلة الى مواعيد غير معلومة.