تونس – الشروق – أثار تعيين مدير جديد لمعهد الدراسات الاستراتيجية انتقادات عديدة باعتباره جاء مخالفا للتقاليد التي جرى العمل بها عند التعيين في هذا المنصب وهو ان يقع الاختيار على شخصية «اكاديمية» مختصة في مجال من المجالات. أعلنت رئاسة الجمهورية مؤخرا عن تعيين سامي بن جنات مديرا عاما للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية خلفا لناجي جلول. وقد اثار هذا التعيين تساؤلات حول المواصفات المطلوبة في مدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية، ان كانت ذات علاقة بالكفاءة العلمية والمهنية في أي مجال من المجالات ام تقتضي تخصصا اكاديميا في مجالات البحث والكتابة وتحصيل الدكتوراه.. انتقادات أثار هذا التعيين جملة من الانتقادات التي شككت في كفاءة بن جنات واعتبرت أن المنصب لا يتماشى والتقليد الذي جرت عليه العادة منذ تأسيس المعهد وهو بالخصوص تعيين شخصية ذات تكوين اكاديمي في مجال البحث وكتابة الدراسات والكتب ويكون عادة حاصلا على شهادة الدكتوراه على غرار من تداولوا سابقا على المنصب مثل زهير المظفر وحاتم بن سالم وطارق الكحلاوي.. وقال المنتقدون لهذا التعيين أنه من الناحية الاكاديمية فإن سامي بن جنات متحصل على الأستاذية (في العلوم القانونية) وعلى شهادة ختم الدروس بالمرحلة العليا للمدرسة الوطنية للإدارة سنة 2004 ثم التحق بوزارة المالية وعمل بهيئة الرقابة العامة للمالية ثم ألحق بالوكالة الوطنية للتبغ والوقيد منذ جانفي 2014 (كاتب عام - مدير عام مساعد مدير عام). كفاءة لكن من جهة أخرى هناك من يعتبر أن هذا التقليد في تعيين «دكاترة» على رأس المعهد ليس ضروريا ولا يفرضه القانون المحدث للمعهد ويمكن أن تكون على رأس المعهد كفاءة في مجال آخر. فسامي بن جنات حاصل على شهادة تخصص في مجال مكافحة الرشوة والفساد من المدرسة الوطنية للإدارة بباريس ويحمل شهادة معتمد في مجال التصرف في الميزانية حسب الأهداف ودبلوم احتراف في التدقيق الداخلي من المعهد الفرنسي للتدقيق والرقابة الداخلية الى جانب خبرته في وزارة المالية. وبالتالي يمكن أن يقدم الإضافة للمعهد في مجالات اختصاصه، كما أن عمل المعهد يرتكز أيضا على فريق من المستشارين والمتخصصين في مختلف المجالات والممثلين لعدد من الوزارات، وطريقة العمل فيه جماعية ولا ترتكز على شخص المدير العام فحسب. قانون جاء في القانون عدد 103 لسنة 1993 المؤرخ في 25 أكتوبر 1993 والمتعلق بإحداث المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن المعهد مؤسسة عمومية ذات صبغة صناعية تجارية لها الشخصية المدنية والاستقلال المالي. ويضطلع المعهد بمهمة البحث والدراسة والتحليل واستشراف آفاق المستقبل القريب والبعيد حول كل المسائل ذات العلاقة بالأحداث والتطورات الظرفية والظواهر المختلفة على الصعيدين الوطني والعالمي والتي يمكن أن تكون لها صلة بمسار التنمية للمجتمع التونسي في كل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بهدف تفسير هذه المسائل وتوضيحها أو استباق تطوراتها عبر صياغة التصورات والفرضيات المختلفة لذلك، وكذلك حول المسائل التي يكلف بها في نطاق هذه المهمة ويعد المعهد تقارير سرية بصفة دورية أو حسب الحاجة يرفعها إلى رئيس الجمهورية. ويتولى جمع الدراسات والإحصائيات والتقارير من المصادر المتاحة وتقييمها حسب المناهج والأساليب العلمية الملائمة وتطوير أدوات عمل متنوعة تمكنه من أداء مهمته وخاصة فيما يتعلق ببنوك المعطيات وبالأرصدة التوثيقية. كما إنه مطالب بربط علاقات مع المؤسسات والهياكل والجماعات ومراكز البحوث تونسية كانت أو أجنبية وبتنظيم ملتقيات وحلقات دراسية تضم خبراء على الصعيدين الوطني أو العالمي. ويتركب المجلس الاستشاري للمعهد من ممثلين عن وزارة الشؤون الخارجية ووزارة الدفاع الوطني ووزارة التنمية الاقتصادية ووزارة التعليم العالي وكتابة الدولة للبحث العلمي. ما يمكن قوله هو أن مواصفات مدير المعهد قد لا تهم كثيرا بل الأهم هو طبيعة عمل المعهد والجهود المطلوبة منه في سبيل إنارة سبيل الدولة والحكومة حول الخيارات الضرورية للنهوض بعديد القطاعات والمجالات على غرار ما نراه في المؤسسات المماثلة بالدول المتقدمة..