أكد رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي أن المشاورات خلال الأيام الأخيرة يتم تخصيصها للحسم في قائمة الأحزاب التي ستشارك في الحكومة من عدمها ليتم الشروع في مرحلة ثانية في النظر في الأسماء المرشحة. تونس الشروق : احجم حبيب الجملي عن تحديد الأطراف التي قبلت المشاركة في الحكومة المقبلة حتى لا يصدم التونسيين ويعلمهم بما اصطدم هو به ، وما يمثل ظاهرة فريدة في عالم السياسة وهي ان الجميع هارب من المشاركة ويخشى تبعاتها ويحاول التنصل من تحمل المسؤولية بكل ما اوتي من تعلات . ورغم انه من حق الأحزاب اختيار البقاء في المقعد الوثير للمعارضة والنوم فيه ان شاءت ، غير ان ذلك يكون عادة بعد تحديد الطرف الذي ستعارضه ، أي بعد تشكيل حكومة واختيار أعضائها وتبين عدم التوافق مع خطها وأهدافها وخياراتها ، اما التشبث بتلابيب الرفض والركون الى ثقافة الضد ابتداء فذلك امر مبتكر النهضة تخفف الحزب الوحيد الذي اعلن صراحة مشاركته في الحكومة القادمة هو حركة النهضة ، وحتى هذا الحزب اختار مشاركة خفيفة نسبيا بعد ان قرر الجملي تحييد وزارات السيادة ، اذ اتجه اهتمام النهضة بالوزارات ذات البعد الاجتماعي والخدماتي وبالتالي ابتعدت عن الوزارات ذات الثقل في نوعية الملفات الاستراتيجية التي تعرف مشاكل عويصة تحتاج رؤية متكاملة وظروفا أخرى غير متوفرة في الوقت الحالي . ورغم ان مجلس الشورى انتخب خمسة من أعضائه في الدورة الأخيرة لتعزيز دور المكتب التنفيذي في تجويد الخيارات سواء في الوزارات او في الأسماء فان ما يروج في دوائر حبيب الجملي انه تحصل على قائمة بعدد من الوزارات التي تستهدفها النهضة مثل الفلاحة وتكنولوجيا الاتصال والمالية والشباب والرياضة كما تم اعطاؤه عددا من الأسماء لكفاءات شابة من غير الوجوه السياسية المعروفة . وهو ما يحصر عمل اللجنة المشكلة من مجلس الشورى في المتابعة والتعقيب وليس في تجويد الخيار ابتداء . بقية الأحزاب تتملص وبعيدا عن الأسماء والحقائب الوزارية التي تستهدفها النهضة فان الثابت على الأقل مشاركتها في الحكومة خلافا للبقية اذ عبر حزب قلب تونس لرئيس الحكومة المكلف في اخر لقاء معه انه غير معني بالمشاركة الرسمية وفي المقابل سيصوت لها ولو عبر نصف كتلته ، وكذلك فعل حزب تحيا تونس بعد ان انطلق في عمله الحزبي اثر اجتماعه الأخير الذي قرر خلاله استثمار أعضائه الذين بثهم في مفاصل الدولة في إعادة البناء الحزبي ، غير مدرك ان هؤلاء هم اول من سيغادرون مواقعه بعد عملية التدقيق التي سيقوم بها الجملي اذا لم يكن حزب تحيا تونس ممثلا في الحكومة فيكون بذلك قد خسر عنب الشام وبلح اليمن . نفس الامر ينطبق على حزب التيار الديمقراطي الذي رفض التنازل عن مطالبه متشبثا بكل شيء او لا شيء ، واختار البقاء في مسرح باردو يلقي فيه الخطب العصماء عن غزوات دون كيشوت في محاربة الفساد . ولعله يستيقظ من غفوته بعد فوات الأوان ويدرك انه ما كان عليه الانصات الى حركة الشعب التي لا يعرف احد بالتحديد ماذا تريد فهي مازالت تطالب بتحديد البنى الفوقية وعلاقتها بالبنى التحتية وما الى ذلك بعيدا في سماء التعطيل لعل الاماني تتحقق بالذهاب الى حكومة الرئيس . يبقى الدور على كتلة الإصلاح الوطني المترددة اكثر من اللازم بسبب تناقضاتها الداخلية وهشاشة توافقاتها كما انها محكومة بالتنافس مع الحزب الدستوري الحر وبالتالي لا تملك الا مجاراة رفضه ومعارضته حتى لا تحرق مراكبها الانتخابية . ورغم انه كان من المتوقع ان يشارك ائتلاف الكرامة بيسر ودون شروط في الحكومة الا ان عددا من أعضاء كتلته اصبحوا غاضبين عن المنحى الذي اتجهت اليه المشاورات وقرر عدد منهم عدم المشاركة . وهو ما يطرح بجدية التساؤل عمن سيكون داخل هذه الحكومة ، وهل يبقى الجميع خارجها وفي نفس الوقت يصوتون لها ليس لسواد عيونها بل رغبة في البقاء في مجلس النواب والتنعم بالحصانة والاجر المجزي فينالون بذلك الزبدة وثمنها في نفس الوقت .