عاجل/ أول رد لوزيرة النقل على ما راج بخصوص اضراب المساجين السياسيين..    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    تدشين مركز تثمين التراث بشنني    في مهرجان الأردن المسرحي: مسرحية «عطيل وبعد» تحصد 3 جوائز    أخبار النادي الصفاقسي: بن علي يعود وتصعيد خطير في ملف التحكيم    صفاقس: تدشين قاعة مخصّصة للطلبة المصابين بمرض السكري بكلية الحقوق بصفاقس    المهدية ..بعد تسجيل نقص في المادّتين بالأسواق ..تخصيص كمّيات استثنائية من السكر والفارينة    مع الشروق : خيارات الشراكات الاستراتيجية    بن عروس .. .مظاهر مزرية بمحيط معهد ابن منظور    الأمطار المتساقطة في تونس أقلّ من المعدّل المعتاد    المهدية: هيئة الانتخابات تنظم يوما إعلاميا استعدادا للتصويت على سحب الوكالة من أحد أعضاء المجلس المحلي بشربان    ألعاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): برونزية لمحمد أمين الزغلامي في التايكواندو    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة على مستوى البورصات العربية    كاس افريقيا للامم للرقبي السباعي للسيدات بكينيا: المنتخب التونسي يلاقي اوغندا في ربع النهائي    الفن والأدب واللغة والسلطة موضوع ندوة فكرية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة    الرابطة الثانية (الجولة التاسعة): نتائج الدفعة الاولى والترتيب    هواتف ومواد تجميل وقطع غيار السيارات: هذا ما تحجزه الديوانة في تونس    تخفيض أسعار البطاقة البرتقالية التي تحمي سيارتك في الطريق الى الجزائر وليبيا    زيادة ب41 مليون دينار في ميزانية وزارة العدل... وين بش تمشي الأموال؟    مختصون في الصحة: المضادات الحيوية جائحة صامتة    نسبة تقدّم عمليات جني الزيتون..#خبر_عاجل    المعهد الوطني للرصد الجوي: أكتوبر 2025 أكثر حرارة من المعدل العادي    عاجل يهمّ كل التونسيين: عودة خطّ الحافلة رقم 29    النائبة فاطمة المسدي تدعو الحسم القضائي في ملفي الإرهاب وتوطين الأفارقة    القضاء على حوادث الطرقات يكون بإنجاز ثورة تشريعية في المجال ( المدير العام للمرصد الوطني لسلامة المرور)    خطة لاستفزاز زعيم كوريا الشمالية عبر طائرات مسيرة سرية.."باءت بالفشل"    قنبلة الصين الجديدة.. جيش التحرير يفاجئ العالم بسلاح غامض    احباط تهريب كمية من الكبد الحيواني المجمّد..خبر_عاجل    البرازيل: رفض استئناف بولسونارو ضد حكم سجنه 27 عاماً    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بالجنوب ينظم الايام الصيدلانية 28 بالجنوب بمدينة دوز من 19 الى 21 ديسمبر 2025    معهد الإحصاء: النشاط الإقتصادي يسجّل نموّا بنسبة 2،4 بالمائة    وراء الكواليس.. وثائق جديدة للكونغرس تفضح تواصل علاقة إبستين مع النخبة العالمية بعد إدانته    الكافيين...وقتاش يتحولّ التاي والقهوة لخطر على صحتك؟    مباراة ودية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة الإتحاد العسكري الليبي    عاجل/ وزير التجارة يكشف عن آخر الاستعدادات لشهر رمضان    بسبب التأشيرة: هؤلاء اللاعبين يتخلّفون عن مباراة تونس والبرازيل في فرنسا..#خبر_عاجل    شنوّة الحكاية؟ وزارة النقل باش تحطلك توقيت الكار و المترو في تلفونك!    تحكيم تونسي في قلب نهائي المونديال: شوفوا الاسماء الحاضرة    طقس السبت : هكّا بش تكون الاجواء    فريق أحمد الجوادي يكذّب أرقام الجامعة التونسية للسباحة ويؤكّد: "ما صُرف فعلياً أقلّ بكثير ممّا أُعلن"    عاجل : لأول مرة ...منظمة الصحة العالمية تكشف عن أخطر الأمراض المعدية    هذا ما تقرّر ضد 4 فتيات اعتدين بالعنف على تلميذة في سيدي حسين..#خبر_عاجل    ترامب يعلن أنه سيناقش "اتفاقيات أبراهام" مع بن سلمان بالبيت الأبيض    عاجل: سعيّد يحمّل المسؤولين مسؤولية 'المرحلة' ويؤكّد : لا تسامح مع الإخلال بالواجب    بمشاركة "دلتا".. الجيش الأمريكي بانتظار "ساعة الصفر" لضرب فنزويلا    فرار إرهابيين من السجن: تأجيل القضية إلى ديسمبر المقبل    هيئة الانتخابات تنظم تظاهرات بالمدارس والمعاهد في الجهات لتحسيس الناشئة بأهمية المشاركة في الانتخابات    السويد: قتلى ومصابون في حادث اصطدام حافلة في ستوكهولم    توافق إفريقي بين تونس والجزائر والسنغال والكونغو حول دعم الإنتاج المشترك وحماية السيادة الثقافية    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    يتسللان الى منزل طالبة ويسرقان حاسوب..    عاجل: وزارة التربية تفتح مناظرة نارية...فرص محدودة    الجزائر: 22 حريق في يوم واحد    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    الجمعة: الحرارة في ارتفاع طفيف    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منبر الجمعة: الإحسان إلى الجيران من شروط الإيمان
نشر في الشروق يوم 06 - 12 - 2019

أوصى الإسلام بالجار وأعلى مِن قدره، فللجار في ديننا حرمةٌ مصونة، وحقوق مرعيَّة، حيث قرن المولى - سبحانه وتعالى - الإحسانَ إلى الجار بعبادته وتوحيده؛ فقال - عز من قائل -: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36]. هذه وصيةُ الله عز وجل في كتابه، أما وصية رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد جاءت في صورة جليلة، وتعبيرٍ مستفيض، يجلي مكانة وحق الجار في الإسلام، أخرج الإمام أحمد في "مسنده" عن رجل من الأنصار، قال: خرجتُ مع أهلي أريد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذ به قائم، وإذا رجل مقبِل عليه، فظننتُ أن له حاجة، فجلست، فوالله لقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جعلت أرثي له من طول القيام، ثم انصرف، فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، لقد قام بك هذا الرجل، حتى جعلت أرثي لك من طول القيام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أتدري من هذا؟)، قلت: لا، قال - صلى الله عليه وسلم -: (جبريل، ما زال يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه).
فالجار هو مَن جاورك في دارك، سواء أكان مسلمًا أم كافرًا، بَرًّا أم فاجرًا، صديقًا أم عدوًّا، محسنًا أم مسيئًا، قريبًا أم بعيدًا، وليس للجار ضابط من عدد أو غيره، والمرجع في ذلك إلى عرف الناس، فكل من عدَّه الناس جارًا لك، فهو جار تجب له حقوق الجوار.
إن حقوق الجار كثيرة ومتعددة، وهي دائرة على ثلاثة حقوق كبرى: أحدها: كف الأذى عن الجار، والثاني: الإحسان إليه، والثالث: الصبر على الأذى منه؛ فأما الإحسان إلى الجار، فهو من أفضل الأعمال والقُربات، كيف لا وهو سبب من أسباب نيل محبة الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم؟! يقول نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -: (إن أحببتم أن يحبكم الله ورسوله، فأدُّوا إذا ائتُمنتم، واصدقوا إذا حدَّثتم، وأحسنوا جوار من جاوركم). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (ما من عبد مسلم يموت، فيشهد له ثلاثةُ أبياتٍ من جيرانه الأدنين بخير، إلا قال الله - عز وجل -: قد قبلتُ شهادة عبادي على ما علموا، وغفرتُ له ما أعلم). والإحسان إلى الجيران يشمل كافة وجوه الإحسان، ولو كان شيئًا يسيرًا أو حقيرًا؛ لما له من أثر في تقريب النفوس وإزالة الأحقاد؛ جاء في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسِنَ شاة)، وفرسن الشاة هو حافرها، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: أي: لا تحقرن أن تهدي إلى جارتها شيئًا، ولو أنها تهدي ما لا يُنتفع به في الغالب، ويقول أبو ذر - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أبا ذر، إذا طبختَ مرقة، فأكثِرْ ماءها، وتعاهَدْ جيرانَك)؛ رواه مسلم. فكان أبو ذر - رضي الله عنه - إذا طبخ لحمًا، أكثَرَ ماءه وأهدى إلى جيرانه، وقال: إن خليلي - صلى الله عليه وسلم - أوصاني: (إذا طبختَ مرقًا فأكثِرْ ماءه، ثم انظر أهلَ بيتٍ من جيرانك، فأصِبْهم منها بمعروف)، ويقول مجاهد: "كنتُ عند عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وغلام له يسلخ شاة، فقال يا غلام: إذا سلختَ فابدأ بجارنا اليهودي، حتى قال ذلك مرارًا، فقال له: كم تقول هذا؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله علية وسلم - لم يزل يوصينا بالجار، حتى ظننا أنه سيورثه"؛ رواه أبو داود والترمذي.
الخطبة الثانية
إن الناظر في واقع الناس اليوم يرى كيف أن الدنيا قد ألقتْ بظلالها على حياتهم، فعصفتْ بكثير من الأخلاق والقيم، وأنْستْ كثيرًا من الحقوق والمُثُل، فتباعدَتِ القلوب، وتنافرت النفوس، حتى رأينا مَن عقَّ أباه، وقطع أخاه، وهجر جاره، ورأينا كذلك جارين في حي واحد؛ بل في بناية واحدة، يتجاوران سنوات عديدة، لا يدخل أحدهم منزل جاره، ولا يتفقَّد أحواله خلال هذه المدة، وقد يسافر الجار، أو يمرض، أو يحزن، أو يفرح، وجارُه لم يشعر بذلك، ولم يشاركه في أفراحه وأتراحه؛ بل قد ترى الشِّقاقَ والنزاع محتدمًا بين الجيران، والعداءَ ظاهرًا بينهم بالقول أو الفعل، فضُيِّعت – وللأسف - الحقوق، وقام بين الناس سوق القطيعة والعقوق، إلا من رحم الله – تعالى - ولا بد لتدارك ذلك من وقفةٍ نراجع فيها أنفسنا، ونصحح فيها أحوالنا، ونعمل من خلالها على تلمُّس حاجات جيراننا، والإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم.
إن جملة ما يحق لجار المسلم عليه أن يسلِّم عليه إذا لقيته، وإن مرض عاده، وإن مات شيَّعه، وإذا استقرضه أقرضه، وإذا افتقر اعانه، وإذا أصابه خير هنَّأه، وإذا أصابته مصيبة عزاه، ولا يستطيل عليه بالبنيان فيحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا يؤذه برائحة قِدره؛ إلا أن يغرف له منها، وإن اشترى فاكهة، يهدي له، فإن لم يفعل، فليدخلها سرًّا، ولا يخرج بها ولدُه؛ ليغيظ بها ولدَه. وجماعُ حقوق الجار على جاره: قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن عبدٌ حتى يحب لجاره - أو قال: لأخيه - ما يحب لنفسه)؛ رواه مسلم. فاتقوا الله، عباد الله، وأحسنوا إلى جيرانكم، يُحسِنِ اللهُ إليكم، واصبروا على هفوات الجار، يتجاوَزِ الله عن هفواتكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.