يطلقون عليه في ليبيا لقب «فيلسوف الكرة الليبية» ويطلقون عليه في الخليج العربي لقب «ماجلان الكرة العربية» - لكثرة تنقلاته بين الفرق الكروية العربية - ولكنه يفضل لقب»البرنس» أو سفير الكرة العربية ! إنه طارق التايب اللاعب الليبي الموهوب السابق الذي وجدته أمامي بالصدفة في مطعم بأحد النزل فسلمت عليه فاحتضنني بقوة وكأننا صديقين قديمين لم يلتقيا منذ زمن طويل...ثم انطلقنا بلا مقدمات في إجراء حوار صحفي. عفوا إن طارق التايب ورغم شهرته الكروية الكبيرة لم «يتطاوس» أو يتلكأ أو يعتذر عن إجراء هذا الحوار كما يفعل بعض اللاعبين المغرورين عندنا... بل على العكس تماما تدفق في الحوار بتواضع و بعفوية صادقة وجرأة نادرة وسلاسة ظاهرة وأصر على الكلام وترك الطعام !... وكان بين حين وحين يفسح المجال لعشاقه لكي يلتقطوا معه الصور ! قلت له في البداية ما سر عشق الجمهور العربي لطارق التايب؟ في تونس تقولون «إذا حبوك ارتاح»...ومحبة الناس من محبة الله... ربما لأني قمت بواجبي في كل الفرق التي لعبت فيها وربما لأني أسعدت ذلك الجمهور... ثم إن أي لاعب يعيش و يحيا بتشجيع الجماهير له...وعليه وعلى ذلك فعلى هذا اللاعب أن يرد التحية بأجمل منها... ويجب أن يكون مثالا يحتذى به... وأبسط شيء يمكن أن يقدمه للجمهور أن يسعده بالتقاط الصور معه للوفاء والذكرى... ومن يغتر أو «يتكبر» على جمهوره هو قطعا لاعب بلا أخلاق... ويحتاج إلى مراجعة سلوكه... وأعترف أن تجربتي الاحترافية علمتني معنى أن أحترم جمهوري وأسعى إلى إرضائه ولو بالتقاط صورة معه ! كيف كانت رحلتك الكروية؟ طبعا رحلتي الكروية كانت طويلة وتمتد إلى سنوات خلت فلقد ولدت بالعاصمة الليبية طرابلس في 25 فيفري 1977،وبرزت مواهبي الكروية مبكرا، فالتحقت بفئة البراعم بنادي أهلي طرابلس سنة 1988،ثم تدرجت في جميع الأصناف حتى لعبت في الفريق الأول سنة 1994. ومن النادي الأهلي بطرابلس انتقلت إلى البرتغال ثم إلى النادي الرياضي الصفاقسي التونسي ثم إلى النجم الساحلي التونسي ثم إلى النادي الإفريقي التونسي، ثم عدت الى النادي الصفاقسي في موسم2002 -2003 الذي فزت معه بالبطولة العربية للأندية سنة 2004،بعد ذلك انتقلت إلى نادي «غازي عنتاب سبور»التركي، ثم إلى نادي الهلال السعودي الذي حققت معه العديد من البطولات والألقاب ثم إلى نادي الشباب السعودي، وفي عام 2010 قررت العودة إلى فريقي الأم النادي الأهلي بطرابلس وذلك لأني قررت إنهاء مشواري الكروي حيث بدأت كرد للجميل. لماذا يطلقون عليك في الخليج لقب «ماجلان الكرة العربية»؟ وذلك لأني كنت اللاعب الرحالة حيث لعبت في ليبيا وتونس و تركيا والسعودية والكويت وغيرها... ولكني أفضل أن يطلق علي لقب سفير الكرة العربية...سفير فوق العادة ! ولأن الشيء بالشيء يذكر فلقد تلقيت عدة عروض من أندية أوروبية كبيرة و لعل أشهرها من نادي جوفنتس الايطالي سنة 1995 لاكتشاف المواهب فتدربت لمدة شهر ولكن الظروف لم تسمح بعد ذلك لأسباب خارجة عن نطاقي...ونفس الشيء حدث لي مع الأرسنال الأنقليزي. المهم توجت هذه الرحلة الكروية بكؤوس وبطولات عديدة سواء مع المنتخب الليبي أو مع الفرق التي التحقت بها وأذكر على سبيل الذكر لا الحصرالفوز بالثنائي مع فريقي أهلي طرابلس وكأس الاتحاد الإفريقي مع النادي الصفاقسي التونسي 1998/1999 ومع الهلال السعودي فزت بكأس ولي العهد مرتين، وبالدوري السعودي الممتاز… وكنت خير سفير لبلادي. نعود إلى تونس...هل تعتبر أن تجربتك كانت ناجحة؟ إجمالا كانت طيبة...ولكن تخللتها بعض المشاكل مع بعض اللاعبين وبعض المدربين وبعض المسؤولين...فأنا كنت أفضل اللعب الحر بعيدا عن التقيد بتعليمات المدرب...وأعتقد حسب رأيي أن أي لاعب موهوب يجب أن يتحرر من الخطط التي يفرضها عليه المدرب...يجب أن يتمتع اللاعب بهامش كبير من الحرية الكروية حتى يتمكن من إبراز لمساته وفنياته وتمريراته الحاسمة على أرض الملعب...وهذا ما يرفضه أغلب المدربين في تونس... فكان التصادم وسوء الفهم...الكرة في يقيني فن وسحر ومراوغات لا كرات ثابتة فحسب... بعض المدربين يركزون على الكرات الثابتة في تدريباتهم ويجبرون اللاعبين على النط مثل البط أوالعصافير ! ويتجاهلون مواهب اللاعب... بل ويقضون على اللاعب الموهوب باكرا...الكرة عندي أشبه بالموسيقى الراقية... ألحان عذبة وعزف منفرد...وجمهور ذواق. كيف ترى الكرة التونسية ومن يعجبك من اللاعبين والمدربين التونسيين؟ لا بد أن أؤكد أولا على أن الكرة التونسية متقدمة جدا ونجاحاتها في المحافل الدولية والعربية والإفريقية تغني عن أي تعليق... ولكن الكرة التونسية تحتاج دائما إلى سحر ورجاحة عقل اللاعب السابق زبير بية وقوة شخصية اللاعب السابق عادل السليمي وأخلاق اللاعب كريم العواضي...ويجب العمل على «استنساخ « لاعبين في قيمتهم الكروية ومسؤوليتهم الأخلاقية...المواهب موجودة ولا ينقص سوى بعض التأطير النفسي... ولقد تعلمت ذلك في الخارج فمع حسن اختيار المدرب يجب عضد عمله- حتى يكون مثمرا- بتعيين مسؤولين لاعبين بعقلية احترافية مثل بية والسليمي و مؤطر نفساني يتدخل عندما يحيد اللاعب عن السكة والطريق...اللاعب في تونس خاصة و في الدول العربية بصفة عامة يحتاج إلى التحضير الذهني والنفسي بكثافة وإلى محاضرات ورسكلة وصقل مستمر وحسن إصغاء وحسن تفكير... ولقد قصدت أن أستطرد هنا...فأنا تدربت في تونس ولكن بعض المدربين لا يعتنون بهذه الناحية وهو ما جعلني عرضة للنرفزة حتى المبالغ فيها...وتواصلت النرفزة في غياب مؤطر نفساني ومسؤول واع بمشاكل اللاعب ! أغلق القوس وأعود للقول بأن من أحسن المدربين في تونس مهارة وخطط تدريب وحسن فهم لما يحبه اللاعب- حسب رأيي- هوالمدرب يوسف الزواوي...ثم يأتي بعده المدرب المتخلق مراد محجوب. كيف تقيم مردود المنتخبين التونسي والليبي إلى حد الآن؟ أبارك للجامعة التونسية حسن اختيارها للمدرب المنذر الكبير فهو مثقف ومتعلم ولمساعده عادل السليمي اللاعب السابق الموهوب و صاحب الشخصية القوية و أنصحهما بأن يكون إلى جانبهما مؤطر نفساني للاعبين كما أسلفت الذكر...قطعا الفريق التونسي على الطريق الصحيحة بما أن نتائجه إلى حد الآن إيجابية...ويعمق ذلك تعويله على نخبة من اللاعبين المحترفين ويلعب مقابلاته في تونس أمام جمهوره وهذا جيد جدا وأتمنى له النجاح المطرد. أما المنتخب الليبي الذي أتمنى له النجاح بالتأكيد حقا وواجبا وطنيا ودائما فإن ظروفه صعبة - رغم مواهب لاعبيه الكروية- بحكم ما يحدث في ليبيا طبعا...فاللاعب الليبي مشوش الذهن الآن ولن ينفعه فوزي البنزرتي بطريقته المعروفة في التدريب...والتي لم تكن تعجبني بصراحة ولن تعجب عقلية اللاعب الليبي وأنا أعي ما أقول ! وبصراحة أكثر وبلا مجاملات على فوزي البنزرتي أن يغير طريقته في التدريب حتى تواكب العصر وأمامه عمل كبير حتى ينجح مع المنتخب الليبي... أقول هذا حنى لا أقول أن نجاحه مستحيل . علمنا أن الهلال السعودي سيقيم لك حفل اعتزال كروي؟ أشكر رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، على تنظيم مواجهة كروية تجمع الهلال السعودي مع الأهلي المصري، في حفل اعتزالي للكرة كما أشكر إدارة فريقي السابق الهلال السعودي على هذه اللفتة الكريمة و اتمنى أن يتم تكريمي أيضا من أحد الفرق التونسية التي لعبت فيها... ! هل نراك يوما مدربا لمنتخب ليبيا؟ أنا الآن محلل رياضي بالهواية... وتحصلت على شهادات في التدريب... ومكاني الحقيقي هو أن أكون قريبا من اللاعبين وعلى الميدان حتى اوظف خبرة 25 سنة كرة في خدمة بلادي وفريقنا الوطني... حتما سيأتي وقت التدريب ولا أريد التسرع الآن ولكن أحب أن أشغل دور مدير رياضي فهذه الخطة ضرورية في كل فريق يريد أن يبني على أسس صحيحة...المهم أنا على ذمة بلادي متى تحتاجني. هل من كلمة تختم بها هذا اللقاء؟ الرياضة أخلاق أو لا تكون... والنتائج في الكرة مهمة... ولكن الأهم الروح التنافسية الشريفة فيها... والأهم من كل ذلك سلوك اللاعب داخل وخارج الميدان والعلاقات الأخوية والإنسانية هي الباقية في النهاية...مع تمنياتي لتونس وليبيا بالنجاح الرياضي و الاستقرار السياسي.