ولاية سوسة: نحوإعادة تشغيل الخط الحديدي القلعة الصغرى – القيروان    ندوة اقليمية حول آفاق تصدير زيت الزيتون الاقليم الثالث يوم 3 ديسمبر 2025 بسوسة    هذا السبت: التوانسة يتوقّفون عن الشراء!    عاجل : الكشف عن هوية هجوم واشنطن    المرصد الوطني لسلامة المرور يدعو مستعملي الطريق الى التقيد بجملة من الاجراءات في ظل التقلبات الجوية    وزارة النقل: اقرار خطة تشاركية تمكن من الانطلاق الفعلي في مزيد تنشيط المطارات الداخلية    وزارة البيئة: تركيز 850 نقطة اضاءة مقتصدة للطاقة بمدينة القيروان    عاجل: البنك الدولي يتوقع انتعاش الاقتصاد التونسي و هذه التفاصيل    تونس تعزّز تشخيص سرطان الثدي بتقنيات التلّسَنولوجيا والذكاء الاصطناعي...شنوّا الحكاية وكيفاش؟    العراق: غازات سامة وحالات اختناق في أكبر ''غيمة تلوث''    شوف أعلى الكميات متع الأمطار    البرتقال فيها كنز: اكتشف قوة الخيوط البيضاء    دراسة: 68% من الشركات الألمانية تفكّر في نقل إنتاجها إلى الخارج بسبب الحروب التجارية    سريلانكا.. مصرع 20 شخصا وفقدان 14 بسبب الأمطار الغزيرة    الحماية المدنية : 501 تدخلات خلال 24 ساعة الماضية    القضاء البنغالي يصدر حكما جديدا بحق الشيخة حسينة    السكن الاجتماعي: شنوا الشروط والمعايير للمنتفعين ووقتاش باش يتسلموا القسط الثاني؟    حظر للتجول واقتحامات.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في طوباس    24 سنة سجناً مع النفاذ العاجل للمدير العام السابق لشركة الحلفاء و6 سنوات للكاتب العام الجهوي السابق لاتحاد الشغل بالقصرين    عاجل : لسعد الدريدي مدربًا جديدًا للملعب التونسي    أرسنال يهزم بايرن ميونيخ وينتزع صدارة رابطة أبطال أوروبا    الترجي الرياضي: الوفد يشد الرحال إلى لواندا.. وحصة تمارين واحدة في البرنامج    المنتخب الوطني: اليوم شد الرحال إلى الدوحة.. وسداسي في الرحلة    المنتخب الوطني للكرة الطائرة يشد الرحال إلى عمان    "منع التصوير وعضوية بنظام الدعوات فقط".. مشروع فاخر جديد لرونالدو    عاجل/ 16 قرار غلق لهذه المراكز..    عاجل: معهد الرصد الجوي يعلن اليقظة الصفراء في عدة الولايات    شنوا الفرق بين التبروري والثلج ؟    الجمهور يتأثر: الإعلامية المصرية هبة الزياد رحلت عن عالمنا    البنك المركزي التونسي يعزّز شراكته مع البنك الإفريقي للتصدير والتوريد من أجل فتح آفاق تعاون أوسع داخل إفريقيا    الاولمبي الباجي - نصف شهر راحة للمدافع الغيني شريف كامارا بعد تدخل جراحي على مستوى اليد    النفيضة ..احتجاجات وغلق طريق في عين مذاكر لهذه الأسباب    ر.م.ع ''عجيل'' يطمّن التوانسة: قوارير الغاز متوفّرة    تهديد إعلامية مصرية قبل وفاتها.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها    محرز الغنوشي يُبشر: ''ثلوج ممكنة بالمرتفعات والاجواء باردة''    زلزال بقوة 6.6 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    حريق هونغ كونغ.. 44 قتيلا واكثر من 200 مفقود    من قتل النقد الأدبي؟    ارتسامات تشكيليّة    انهزامك مستحيل    بين الرّموز والواجهات الافتراضية ..الحبّ تحت طبقات من الضجيج الرقمي    البنك الدولي يتوقع انتعاش الاقتصاد التونسي في 2025 بنسبة 2.6%    أرق    غرفة مصعني المرطبات تنبه    طقس الليلة.. بارد مع امطار غزيرة بهذه المناطق    عاجل/ وفاة مسترابة لمحامية داخل منزلها: تطورات جديدة في القضية..    وزارة الداخلية تنتدب حفّاظ أمن: شروط وآليات الترشّح    منظمة الصحة العالمية تحذر من الاستعمال العشوائي للمضادات الحيوية دون وصفة طبية    نجاح أول عملية استئصال لورم كبير في الرحم بهذا المستشفى الجهوي..#خبر_عاجل    علاش بكات إلهام شاهين في مهرجان شرم الشيخ    ارتفاع عدد وفيات فيروس ماربورغ في إثيوبيا    طقس اليوم: أمطار غزيرة والحرارة في انخفاض    اليونسكو تطلق مشروعا جديدا لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس بقيمة 1.5 مليون دولار    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمادة الأطباء ووزارتا الصحة والتجارة..التداوي بالحجامة العشوائية... خطر
نشر في الشروق يوم 28 - 02 - 2019

انتشرت العديد من محلات الحجامة في تونس مستغلة عودة المواطنين الى التداوي بالطرق التقليدية منها التداوي بالأعشاب والطب البديل الذي يعتبرونه أقل كلفة ومخاطر على الصحة من الطب الكيميائي. لكن هل يتمتع أصحاب محلات الحجامة بتكوين مختص وهل تراقب أنشطتهم؟
تونس (الشروق):
تتناسل محلات الحجامة في جل المدن والأحياء التونسية. ويتوزع هذا النشاط -الذي يبدو أنه يشهد عودة الإقبال عليه من التونسيين في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة- إلى قسمين الأول يبدو منظما. إذ يشرف عليه بعض الأطباء في الغالب من قطاع الطب العمومي. فيتكونون في هذا المجال. ويقومون بهذا النشاط في ظروف صحية سليمة. كما يقوم بهذا النشاط أيضا عدد من محلات التمريض الخاصة كما تنتشر في مراكز العلاج الطبيعي وفي كل هذه الحالات فإن ظروف حفظ الصحة تتم مراعاتها. ويمكن إدراج هذا الصنف من العلاج ضمن تقنيات الطب القديم التي تم إحياؤها وإعادة العمل بها في الطب الحديث وفق ما يتم تداوله. لكن في الواقع فإن وزارة الصحة التونسية وعمادة الأطباء لا تعترفان بهذا النشاط مطلقا ضمن الطب البديل. وتعتبرانه شعوذة وجب عقاب مرتكبها سواء كان طبيبا أو دون ذلك.
شعوذة
لكن أكثر ما لفت انتباهنا هو انتشار ممارسة الحجامة في محلات ومنازل غير مهيأة للقيام بهذا النشاط. كما أن الأشخاص الذين ينشطون في مجال الحجامة يمارسون هذه "المهنة" الشعبية دون الحصول على تكوين في هذا الاختصاص. والملفت للانتباه أن البعض منهم يحصل على تكوين من "أطباء" يدعون أنهم مختصون في مجال الطب البديل من عدة دول. ويسندون شهادات "وهمية" في الاختصاص. وأكثر من كل ذلك فإن العديد ممن ينشطون في هذا المجال تعلموها عن آبائهم وأجدادهم وورثوا عنهم طرق تطبيقها. وهو ما يثير مخاوف العديد من المتابعين في الأوساط الطبية الذين يعتبرون أن فوائد الحجامة لا يمكن أن تتحقق دون ممارستها بشكل صحيح من قبل تقنيين مختصين يراعون شروط السلامة الصحية للمرضى. ومن بين هؤلاء الناشطين في المجال السيدة سعاد (منقبة) ورثت هذه المهنة عن زوجها الذي توفي منذ أشهر. وقد علمها تقنيات تعالج حسب زعمها كل الأمراض بتعريفة منخفضة لا تتجاوز 15دينارا. وتختلف من شخص الى آخر حسب حالته الاجتماعية. وتعالج سعاد "مرضاها في إحدى غرف منزلها المتواضع بأحد الأحياء الشعبية بجهة أريانة دون مراعاة أدنى ظروف حفظ الصحة. والمراقب لنشاط سعاد وزميلتها فاطمة المنتصبة بالمنيهلة يرى أنه أقرب الى الشعوذة منها الى التطبيب. ذلك أن هناك خليطا بين الرقية الشرعية وهذا العلاج...
اختصاصات
كل الأمراض تعالج تقريبا بالحجامة وعلى رأسها العقم الذي يلتهم جزءا هاما من ميزانية الأزواج الذين يبحثون عن العلاج. وتشير فاطمة وسعاد إلى أنهما لا تداويان سوى النساء والأطفال. أما الرجال فيعالجهم "مختصون" في المجال من الرجال. كما تعالج الحجامة حسب زعمهم الروماتيزم وعرق النسا وآلام الظهر وآلام الرقبة والأكتاف و"الستراس" والانفلونزا والصداع ...وغيرها من الأمراض الشائعة. وخلال بحثنا عن عناوين محلات الحجامة وجدنا أحد الناشطين في هذا المجال يعلن عبر شبكة الفايس بوك عن نشاطه في جهة بن عروس وينشر رقمه عبر صفحته فاتصلنا به فأعلمنا أنه لا يعالج سوى الرجال وأنه ينتقل الى منازل الحرفاء من طالبي العلاج. كما أنه لا يعمل سوى في المنطقة التي يعود اليها بالنظر. أي أنه لا يتنقل خارج ولايته. وأضاف أن هذا النشاط متوفر في كل الولايات وفي العديد من مراكز العلاج الطبيعي. والملاحظ فعلا أنه لا يكاد يخلو حي من الأحياء من المحلات التي حوّلها أصحابها إلى شبه عيادات خاصة بما يسمى الحجامة النبوية. ويرى البعض أنها من الطب النبوي لذلك فإنها لا تدرس بطرق علمية. بل يتم اكتسابها عن طريق ما يتم تداوله من السيرة النبوية والملفت للانتباه أن الأسعار التي يطلبها عدد من هؤلاء المشعوذين لا تختلف عن الأسعار التي يعمل وفقها أطباء مختصون في الحجامة. وهي تتراوح بين 25دينارا (في بعض الجهات) و30دينارا في المدن الكبرى.
تجاوزات خطيرة
عديد المحلات المعدة للقيام بالحجامة لا تخضع لمراقبة صحية. كما أن هذه المحلات يتم فتحها دون الحصول على تراخيص من أي جهة كانت فلا وزارة الصحة تسند هذه الرخص ولا وزارة التجارة وهو ما أكده لنا أكثر من مصدر. ومن الواضح أن غياب المراقبة جعل التجاوزات في هذا القطاع تتجاوز كل الحدود. وهو ما كشفه قيام شرطة النجدة في نابل يوم الجمعة الماضي بعملية مداهمة لمحل معد للسكن يستغله شخص لتعاطي الشعوذة والسحر ومعالجة الناس باستخدام أدوات الحِجامة. ويشار الى أن المشعوذ صاحب المحل كان يقدم نفسه للحرفاء على أنه دارس للطب. وهو من مواليد 1975. وقد حجز أعوان شرطة النجدة في محله على أدوات جراحية غير قابلة للاستعمال منها أدوات صدئة بالإضافة الى الأوساخ والوضع الكارثي للمحل الذي يبدو أنه كان معدا ل"علاج" النساء من عدة أمراض منها العقم. والأكيد أن هذه التجاوزات منتشرة بكثافة.
والسؤال المطروح ما الذي يجعل التونسي يقبل على التداوي بالطرق التقليدية رغم تطور العلوم وتقدم تونس في مجال صناعة الأدوية الجنيسة والطب؟ الأكيد أن الأسباب عديدة. ويبدو أن من أهمها حسب حديثنا مع عدد من التونسيين أن المسألة لا تقتصر على فوارق السعر بين الطب البديل والطب الكيميائي وتتعلق أساسا بأن هذه الطرق في التداوي التقليدي أو الحجامة التي كان يمارسها حلاق الحي زمن أجدادنا توفر لعديد "المرضى" نوعا من الراحة النفسية متأتية من أن جل الحرفاء يتصورون أنهم يعانون من أمراض لا يقدر العلم على علاجها تنصب في الغالب في خانة السحر أو "العكس" و"الستراس" لذلك فإن جل حرفاء يشعرون بالرضا عن هذه التقنية رغم ما يحف بتطبيقها من مخاطر.
الدكتور محمد الرابحي مدير حفظ صحة الوسط والمحيط بوزارة الصحة
من المفروض أن تدرج الحجامة في نشاط الرقابة الصحية
أفاد الدكتور محمد الرابحي مدير حفظ صحة الوسط والمحيط بوزارة الصحة بأن نشاط محلات الحجامة غير مراقب من قبل فرق المراقبة الصحية رغم وجود تجاوزات خطيرة في هذا القطاع منها إمكانية عدم تغيير شفرات الحلاقة التي تستعمل في "التشليط" لاستخراج "الدم الفاسد" من حريف الى آخر أو عدم تعقيم الأدوات المستخدمة للغرض.
د. منير يوسف مقني عميد الأطباء السابق ل«الشروق»
الحجامة تطبّب مواز وشعوذة
اعتبر د. منير يوسف مقني عميد الأطباء السابق أن الحجامة مهما كان ممارسها طبيبا أو غيره هي نشاط مواز لا يمكن تصنيفه ضمن الطب البديل لأنها ليست طبا. بل مجرد شعوذة و"دجل". وأضاف أن الأطباء الذين يمارسونها يعرضون أنفسهم الى المسار التأديبي. وهو ما تعرض له فعلا عشرات الأطباء في عديد الجهات بتونس. فهذا النشاط غير معترف به في وزارة الصحة التونسية. ولا يخضع الى تكوين علمي مضيفا أن الطب البديل يشمل العلاج بالأعشاب.
د. طه زين العابدين مدير التفقدية الطبية بوزارة الصحة
قريبا إدراج هذه القطاعات ضمن الرقابة الصحية
ذكر الدكتور طه زين العابدين من التفقدية الصحية بوزارة الصحة أن الرقابة الصحية لا تتدخل في محلات الحجامة الا في حال وجود شكاوى من المواطنين في الغرض. وأضاف أن هذه الأنشطة لا تتحصل على تراخيص من وزارة الصحة. واعتبر أن هذا القطاع أقرب الى رقابة وزارة التجارة منه الى الصحة. (وهي مسألة نفتها مصادر من وزارة التجارة تحدثنا اليها في هذا الشأن). وأضاف أن هناك مشروعا سيتضمن اختصاصات لم تكن تشملها رقابة التفقدية التابعة لوزارة الصحة منها مراكز التدليك والحجامة...
صدر هذا المقال في النسخة الورقية للشروق - تاريخ النشر : 2019/02/28


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.