لا يتردّد أكراد العراق هذه الأيام في ذرف «دموع التماسيح» وفي تصوير أنفسهم وكأنهم ضحية مؤامرة يقولون إن جهات عراقية «حبكت» خيوطها ضدّهم بعد أن كانوا في السابق «يروّجون» لأنهم ضحايا نظام صدام متناسين في الأثناء أنهم لم يكونوا في واقع الأمر إلا ضحايا لأنفسهم وأنهم خدعوا أنفسهم قبل أن يخدعوا غيرهم من خلال تحالفهم مع الأمريكان وتطبيلهم و»تهليلهم لهم وتعبيدهم» الطريق أمامهم لغزو العراق.. واللافت أن القيادات الكردية تصرّ وبشكل غير مسبوق منذ فترة على المطالبة بالإنفصال وبعدم التعامل مع أكراد العراق ك»مواطنين من الدرجة الثانية» كما يقولون إضافة إلى مطالبتهم بما يصفونها ب»فيدرالية ديمقراطية» محاولين بذلك استثمار ارتمائهم في أحضان الأمريكان لأجل هذا الغرض وهو الأمر الذي «استفز» عدّة أطراف عراقية وأثار مخاوفها. ومكمن هذه المخاوف بالخصوص هو أن تكون مطالب الأكراد هذه «نوايا مبيتة» وخطوة خطيرة قد تؤدي الى تقسيم العراق وتمزيقه الى دويلات فتات الأمر الذي قد يمهد لتحقيق الأهداف التي كثيرا ما روّج لها الاحتلال تحت ذرائع ومسميات شتى. وفي الحقيقة فإنه ليس من قبيل المجانبة للصواب القول بأن مطالب الأكراد (أكراد العراق) تنطوي على قدر كبير من الخطورة ذلك أن المتأمل في المشهد يلاحظ بوضوح حجم الأخطاء التي وقع فيها الأكراد حين دأبوا على ربط قضاياهم بقوى خارجية وخوّلوها الى أداة بيد سياسات الاحتلال الذي لم يعرف عنه «الإخلاص» لأية قضية (ماعدا القضايا التي تخدم مصالحه) والذي اشتهر بتلاعبه حتى بالقضايا الدولية العادلة وباستخدامها ضدّ أصحابها بعد استنفاد أغراضه منهم. ولعل من بين أخطاء أكراد العراق وأخطرها على وجه الخصوص مراهنتهم على تحقيق مطالبهم على حساب العرب واعتقادهم بأن قوة غازية يمكن أن تمنحهم «حقوقا» طا لما «حلموا» بها «مغرّدين» بذلك خارج سرب بلدهم بذريعة المطالبة بنمط من تنظيم سياسي «مشبوه» في الوقت الذي يمعن فيه المحتل في الجانب الآخر في تقتيل العراقيين وفي الدوس على رقابهم.. وعلى حقوقهم المشروعة.. كما أن هذا الأمر لا يعدو أن يكون في واقع الأمر سوى جزء من جملة من الأخطاء بحيث أن أكراد العراق لم يتردّدوا في مقابل ذلك في اقامة «صداقات حميمة» مع الصهاينة في كردستان العراق حتى أن هذه المنطقة أصبحت أشبه ب»فلسطين محتلة جديدة» هذا فضلا عن توافدهم بشكل سري على اسرائيل وألاعيبهم التي لم تعد خافية على أحد والأعمال المشبوهة التي يمارسونها تحت «خيمة» الاحتلال من خلال تجسسهم على المقاومة العراقية مقابل حفنة دولارات يقبضونها من الغزاة.. وعلى هذا الأساس فهل مازال من الممكن اليوم تصديق تلك التصريحات التي يتناوب على اطلاقها أكراد العراق والتي «يتباكون» فيها عن «حقوقهم المضطهدة» كما يقولون في الوقت الذي توجد فيه وقائع عدة تدحض مزاعمهم وتكشف عورتهم؟.. وهل مازال من الممكن بعد كل هذا وذاك تصديق «الغيرة» عن وحدة العراق التي يتحدثون عنها بعد أن تكشفت فصول «المسرحية» التي لها يروّجون؟