سيكون الأمريكيون اليوم على موعد تاريخي لتقرير مصير أمريكا بل وربّما مصير العالم بأكمله، في معركة كبرى بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن وفي جو عام يسوده الخوف والرّعب والترقب. وصوّت أكثر من 94 مليون ناخب أمريكي مبكرا في الانتخابات العامة التي تشهدها البلاد اليوم الثلاثاء، حسب إحصاء لبوابة مشروع الانتخابات الأمريكية في جامعة فلوريدا، وهو رقم غير مسبوق ويعدّ أعلى مشاركة منذ ما يقارب ال 100 عام . عديد الاسباب الداخلية والخارجية التي دفعت الأمريكيين للإدلاء بأصواتهم بهذا الكم الهائل، فداخليا تعيش البلاد على وقع حرب كسر عظام اعلاميا حيث العداء الصارخ لترامب من جانب وسائل الإعلام التقليدية التي تميل نحو اليسار والحزب الديمقراطي بشكل عام. بالإضافة الى ذلك مثّل العداء والخطاب التحريضي لترامب ضدّ المهاجرين واشتعال مواجهات دامية بسبب العنصرية التي راح ضحيتها جورج فلويد عاملا بارزا في رفض سياسية ترامب. كما مثّل وباء كوفيد-19 عاملا كبيرا ارتكز عليه الديمقراطيون في اثبات فشل ادارة ترامب في ادارة الأزمة التي عصفت بالاقتصاد الامريكي في مرحلة اولى وفي مرحلة ثانية حيث وصل إلى تسعة ملايين عدد المصابين بالوباء فيما وصل عدد الضحايا الى 229932 حالة. أما خارجيا فقد عبث دونالد ترامب بسياسة بلاده التقليدية، فمن نقله السفارة الى القدسالمحتلة و منحه الجولان المحتل الى الكيان الصهيوني الى تقويضه الاتفاق النووي مع ايران وخوضه حرب تجارية مع الصين وتودّده الى روسيا، أصبحت صورة أمريكا مهتزة وفاقدة للمصداقية والقيادة. ولم يستثن دونالد ترامب في الاطار ذاته حتى الحلفاء الذين ابتزهم ماليا عديد المرات وضرب بالشراكة التي تجمعهم عرض الحائط مفضلا مصالح أمريكا تحت شعار "أمريكا أولا". كل هذا أحدث انقساما كبيرا داخل الشعب الأمريكي(المناصر للديمقراطيين) الذي يرى أن هناك ضرورة لوضع حد لأمريكا الترامبية و ارجاع ما يعتبرونه أمريكا الحقيقية لمكانتها الطبيعية. أما أنصار ترامب وداعميه فيرون أن رئيسهم كان ناجحا وحاسما في كل الملفات الداخلية والخارجية ويسعون لمنحه ولاية جديدة لمواصلة بناء ما يعتبره ترامب "أمريكا العظيمة" و الذي ظلّ يهدّد بالفوضى العارمة كسلاح لتحقيق مراده. هذا الانقسام المجتمعي وضع أمريكا على صفيح ساخن وأوصلها الى بوادر حرب أهلية، وقد رصدت وسائل إعلامية أمريكية، ما وصفته ب"انتشار حالة من الذعر والخوف" في الشارع الأمريكي. ويتأتى هذا الخوف أساسا من نتائج الانتخابات والقبول بها خاصة من طرف ترامب الذي يجيّش أنصاره ويهدّد بالفوضى دائما هذا بالإضافة ربما الى عدم اعتراف الديمقراطيين أيضا بنتائج الانتخابات مما قد يدخل البلاد في دوامة من العنف. هذا العنف الذي يبدو أنه لن يكون مصير الشعب الأمريكي فحسب بل سيكون مصير عديد القضايا الدولية الأخرى التي سيخلّف غياب وتراجع دور أمريكا فيها فوضى كبيرة على جميع الأصعدة في وقت تستعد فيه الصين للقبض على مقود القيادة. ولذلك ستكون أعين العالم كلها مسلطة اليوم على نحو "العم سام"، فإما مزيد من الانعزالية والتوتر في ظل ولاية جديدة لترامب وإما تعديل البوصلة في ظلّ فوز المرشّح الديمقراطي جو بادين. بدرالدّين السّيّاري