عاد فيروس كورونا في الأيام الاخيرة ليواصل تفشيه بنسق سريع ومخيف، لكن رغم ذلك لم تنجح الدولة إلى حدّ الآن في التعامل بجدّية ونجاعة مع الوضع الوبائي وفي حماية مواطنيها من الخطر. فالحكومة السابقة والحكومة الحالية فشلتا في تطوير أداء المنظومة الصحية العمومية وفي الإحاطة بالمتضررين من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوباء وهو ما يستوجب اليوم استفاقة حقيقية تقطع مع هذا الفشل. اليوم مرّ حوالي عام على بداية الجائحة، وبلغ عدد الوفيات أكثر من 4 آلاف، لكن رغم ذلك لم تنجح لا حكومة الفخفاخ ولا حكومة المشيشي في تطوير حالة المستشفيات وفي توسعة طاقة استيعاب المصابين بكورونا في ظروف ملائمة، رغم ما وفره صندوق التبرعات 1818 من أموال قادرة على تحقيق ذلك ورغم الترفيع في ميزانية وزارة الصحة. ومن جهة اخرى لم تنجح الحكومتان في الوقوف إلى جانب المتضررين من اجراءات الغلق الكلي او الجزئي الذين تقلصت او توقفت موارد رزقهم، واكتفت كل منهما في كل مرة بتقديم وعود "كاذبة" بالمساعدات والتعويضات. وهو ما دفع بكثيرين إلى العودة إلى مزاولة أنشطتهم في الأشهر الاخيرة بشكل عادي دون احترام الإجراءات والتدابير الوقائية المتخذة وذلك بسبب الخوف من البطالة و"الجوع"، فازداد نسق تفشي الفيروس بشكل خطير. وأمام الارتفاع الكبير للعدد اليومي للإصابات والوفيات، لا توجد خيارات كثيرة أمام الحكومة. فإما مزيد تشديد إجراءات الحماية والتوقي وتوسعتها، على غرار حظر الجولان ومنع التجمعات والغلق الكلي او الجزئي. لكن ذلك يتطلب حتما اتخاذ إجراءات أخرى مرافقة للإحاطة بالمتضررين من توقف موارد الرزق. وإمّا تفادي أقصى ما يمكن من غلق كلي او جزئي وترك حرية العمل والنشاط لكن مع التشدد والصرامة في التعامل مع المواطن الذي لا يحترم إجراءات الوقاية. ولا تكفي جهود الدولة وحدها للتوقي من خطر كورونا بل يتطلب الوضع مزيدا من الوعي من قبل المواطن واحترام إجراءات الوقاية والحماية وتجنب مصادر العدوى وعدم "التراخي" والعمل على توعية وتحسيس الآخر، مع مزاولة مختلف الأنشطة بشكل عادي. اليوم يجب ان يكون رقم «4000 وفاة» ناقوس خطر حقيقي للدولة وللمواطن لمزيد اتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى لا يتفشى الفيروس أكثر فأكثر وحتى لا تصبح المستشفيات غير قادرة على استيعاب المصابين ولا تصبح الإطارات الطبية وشبه الطبية عاجزة عن تقديم الخدمات الضرورية ولا يضطر كثيرون إلى فقدان موارد رزقهم في صورة العودة إلى إجراءات الغلق الكلي والحظر الصحي الشامل. فاضل الطياشي