بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد ما بعد فيروس الكورونا: ازمة اقتصادية عالمية منتظرة بسبب فيروس الكورونا
نشر في الخبير يوم 17 - 04 - 2020

يعيش العالم ككل منذ ظهور فيروس كورونا حالة من الفزع والخوف سرعان ما أدت الى ظهور ازمة اقتصادية عالمية لم تسلم منها أي دولة سواء الدول المتقدمة او النامية بحكم الترابط العالمي بين اقتصاديات الدول.
وأشار مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2% لهذا العام قد يكلف نحو تريليون دولار، خلافا لما كان متوقعا في شهر سبتمبر الماضي، أي أن العالم على عتبة ركود في الاقتصاد العالمي.
وفي مؤتمر صحفي عُقد مؤخرا في جنيف، قال ريتشارد كوزيل رايت رئيس قسم العولمة والاستراتيجيات التنموية بالأونكتاد، “في سبتمبر الماضي كنا نتفحّص أية صدمات محتملة تلوح في الأفق نظرا للهشاشة المالية التي ظلت دون معالجة منذ أزمة عام 2008 واستمرار ضعف الطلب… إلا أن أحدا لم يتوقع ما يحدث الآن ورغم ذلك فالقصة الأكبر هي وجود عقد من الديون والوهم والانجراف السياسي.”
وأوضحت الأونكتاد في دراسة تحليلية أن فقدان ثقة المستهلك والمستثمر هي أكثر النتائج المباشرة لانتشار العدوى. إلا أن الدراسة أكدت أن مزيجا من انخفاض أسعار الأصول وضعف الطلب الكلي وتزايد أزمة الديون وتفاقم توزيع الدخل كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى دوامة من التراجع تجعل من الوضع أكثر سوءا.
وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن مقارنة الأزمة الاقتصادية الآسيوية التي حدثت في أواخر التسعينيات مع الوضع الحالي، لكن تلك الأزمة برزت قبل أن تصبح الصين بصمة اقتصادية عالمية كما أن الاقتصادات المتقدمة كانت جيدة نوعا ما. لكن الوضع يختلف اليوم.
ووضعت الأونكتاد سيناريو يوضح تأثير هبوط أولي على الاقتصاد، ووجدت الدراسة أن العجز سيكون بمقدار 2 تريليون دولار في الدخل العالمي، و220 مليار دولار في الدول النامية (باستثناء الصين). وقال كوزيل-رايت: “في أسوأ السيناريوهات حيث ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 0.5% نتحدث هذا العام عن ضربة بمقدار 2 تريليون للاقتصاد العالمي.”
وفي هذا السيناريو، فإن أكثر الدول تضررا هي الدول المصدّرة للنفط وغيرها من الدول المصدّرة للسلع، فهذه الدول ستخسر أكثر من 1% من نموّها، إضافة إلى تلك التي تربطها علاقات اقتصادية قوية مع الدول التي ستتأثر قبل غيرها بالصدمة الاقتصادية.
وستشهد دول مثل كندا والمكسيك وأميركا الوسطى، ودول مثل شرق وجنوب آسيا والاتحاد الأوروبي تباطؤا في النمو بين 0.7% و0.9%. كما أن من تربطها علاقات مالية قوية مع الصين ربما ستكون الأقل قدرة على التعافي من تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد.
وفي أميركا اللاتينية، ستعاني الأرجنتين أكثر من غيرها من الآثار المترتبة على هذه الأزمة. ولن تكون الدول النامية التي تعتمد على تصدير المواد الأولية بعيدة عن الأزمة بسبب الديون وضعف العوائد التصديرية بسبب الدولار القوي. وقال كوزيل-رايت: “إن احتمال وجود دولار أقوى في الوقت الذي يسعى فيه المستثمرون إلى البحث عن ملاذات آمنة لأموالهم، والارتفاع شبه المؤكد في أسعار السلع مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، كل ذلك يعني أن مصدّري السلع الأساسية معرّضون للخطر بشكل خاص.”
كساد عالمي

وبعيداً عن الأضرار التي تكبدتها كل دولة على حدة، نجد أن المؤسسات والوكالات الاقتصادية الدولية قد اتفقت على خسائر مبدئية سيسببها تراجع معدّلات النمو والطلب العالمي الناجم في الأساس عن تراجع متوقع ومنطقي لمعدل النمو الصيني، بؤرة الانتشار الرئيسة للمرض، لا سيما أن العملاق الصيني يستحوذ بمفرده على 20% من التجارة العالمية في المنتجات الوسيطة.
وقد صرّحت وكالة أونكتاد بأن صادرات الصين انكمشت بنسبة 2% على أساس سنوي في شهر فيفري الماضي فقط، وهو ما يكلّف دولاً أخرى وصناعاتها حوالي 50 مليار دولار، بل إن رقم 50 مليار، وطبقاً لمديرة قسم التجارة الدولية في “أونكتاد” باميلا كوك هاميلتون، هو رقم أوليّ وقد يكون “تقديراً متحفظا”.
ووفقا لأونكتاد فإن الدول أو المناطق التي تعاني أعلى خسائر في التصدير بسبب تداعيات الفيروس هي الاتحاد الأوروبي، الذي من المتوقع أن تبلغ خسائره حوالي 15.6 مليار دولار، والولايات المتحدة بخسائر تقدر ب (5.8 مليارات دولار) واليابان (5.2 مليارات دولار) وكوريا الجنوبية (3.8 مليارات دولار) وتايوان (2.7 مليار دولار) وفيتنام (2.3 مليار دولار).
كما توقعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2020 بوتيرة أكبر مما شهده عام 2019. حيث خفّض الصندوق توقعاته للنمو في العام الحالي بحوالي 0.4% على الأقل.
من ناحية أخرى، قرر صندوق النقد والبنك الدوليين عقد اجتماعاتهما السنوية لفصل الربيع، والمقررة في الفترة من 17 إلى 19 أفريل المقبل، عبر الإنترنت خوفاً من تفشي الفيروس.
وقد رجّحت العديد من الوكالات الاقتصادية ومراكز الأبحاث التابعة لها أن يتجمد النمو الاقتصادي العالمي بنهاية العام الحالي إذا استمر انتقال فيروس كورونا بنفس السرعة إلى معظم دول العالم. حيث توقّع خبراء وكالة بلومبرج أن يكون العام الحالي الأسوأ منذ الركود العالمي الذي بلغ ذروته في عام 2009، وأن يفقد الناتج العالمي حوالي 2.7 تريليون دولار بنهاية 2020، وذلك على فرض استعادة الاقتصاد العالمي عافيته بحلول الربع الأخير من نفس العام، وسيكون الوضع أكثر سوءاً في حال عدم تحقق تلك الفرضية.
ورغم أن خبراء الاقتصاد لدى معهد التمويل الدولي يقرّون بأن “نطاق النتائج المحتملة كبير ويعتمد على انتشار الفيروس والتبعات الاقتصادية الناجمة، وكلها أمور تكتنفها ضبابية مرتفعة في هذه المرحلة”، إلا أنهم يتوقعون انخفاض النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة إلى 1.3% مسجلاً بذلك انخفاضاً من 2% عمّا كان عليه في السابق، وللصين إلى ما يقل قليلا عن 4% نزولاً عن 5.9% في السابق، مما يدفع النمو العالمي لتسجيل أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية، بما يقترب من 1% فقط، وهو ما يقل كثيراً عن نمو بنسبة 2.6% في 2019.
وقال البنك الآسيوي للتنمية إن انتشار فيروس كورونا قد يقود إلى تراجعات حادة في الطلب المحلي والسياحة ورحلات الأعمال والتجارة وروابط الإنتاج فضلاً عن تعطيل الإمدادات، مما سيضر بالنمو في آسيا، وفي أنحاء العالم المختلفة خلال العام الحالي، حيث توقع تقلص الناتج الإجمالي العالمي بين 0.1 و0.4%، بخسائر مالية من المتوقع أن تصل إلى ما بين 77 و347 مليار دولار.
وأضاف البنك في تحليل تضمن أفضل وأسوأ التصورات المحتملة، إن النمو الاقتصادي قد يتقلص بين 0.3 و1.7% في الصين وبين 0.2 و0.5% في دول آسيا النامية عدا الصين.
كما خفضت كابيتال إيكونوميكس البحثية توقعاتها للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ب 0.5% ليصبح 2% فقط نتيجة للأزمة.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن الاقتصادات الأقوى في المنطقة قد تمتص الصدمات المؤقتة لأسعار النفط، فإن اضطراب حركة التجارة وسلاسل التوريد قد تثبط النمو الاقتصادي، مع توقعات بأن يكون الاقتصاد الإماراتي الأكثر عرضة للتضرر من أزمة الفيروس في المنطقة، وألا يتجاوز أداؤه الركود هذا العام.
كما قدرت الهيئة الدولية للنقل الجوي “إياتا” الخسارة في عائدات قطاع الطيران المدني، بين 63 و113 مليار دولار، في حال انتشر الفيروس بشكل أوسع. وقالت “إياتا” إن أسوأ السيناريوهات هو خسارة 19% من العائدات العالمية في القطاع.
وأصدرت الكثير من شركات الطيران العالمية الكبرى تحذيرات بشأن تراجع الأرباح المتوقعة، في حين ألغت شركات الطيران منخفض التكلفة في كل أرجاء المعمورة الآلاف من رحلاتها. وفي بيان على موقعها الإلكتروني، أكدت شركة فلايبي التي تعد من أكبر شركات الطيران في بريطانيا أنها دخلت مرحلة الإفلاس وباتت تحت الوصاية.
والشركة البريطانية هذه تعد أكبر مشغل للرحلات الداخلية في المملكة المتحدة، حيث كانت تنقل نحو 8 ملايين مسافر سنوياً من 43 مطاراً في أوروبا و28 في داخل بريطانيا، ويعمل لديها 2000 موظف. كما أعلنت شركة الطيران الإيطالية “أليتاليا” تسريح نحو 4 آلاف عامل لديها مؤقتا.
وفي ضربة كبري لقطاع السياحة والنقل أعلنت اليابان انها تدرس جديا تأجيل أولمبياد طوكيو 2020 إلى وقت لاحق من العام الجاري، نظراً للمخاوف من انتشار الفيروس، وهو الأمر الذي أثار المخاوف بشأن إلغاء أو تأجيل العديد من الأحداث الرياضية العالمية الكبرى المنتظرة في الصيف المقبل.
كما أعلنت العيديد من الوكالات أن القيود المتصاعدة على التنقل والسياحة بكافة أنواعها قد تؤدي إلى خسائر شهرية لصناعة السياحة العالمية تقدر بحوالي 47 مليار دولار.
الاقتصاد العالمي في حالة صدمة

وصف بعض المحللين الاقتصاديين ما يتعرض له الاقتصاد العالمي من اضطراب، نتيجة الانكشاف على مرحلة الصدمة مع تزايد وتيرة تداعيات فيروس كورونا السلبي على مفاصل الاقتصاد العالمي، مؤكدين تفاقم الصدمة بسبب تزايد قيود السفر، فضلاً عن تنامي انتشار الفيروس، وتباطؤ استهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، وانحسار الإنفاق على السياحة.
ويرى المحلل الاقتصادي الدكتور خالد رمضان، أن الاقتصاد العالمي يتعرض في الوقت الراهن إلى ما يُوصَف بالصدمة نتيجة تباطؤ واضح في الأنشطة الاقتصادية، وانعكس على المؤشرات العامة لاستهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، بالإضافة إلى تدهور الإنفاق على القطاع السياحي مع القيود الرسمية المفروضة على السفر.
وبحسب رمضان، سيكون الترقب للبيانات الدقيقة حول التأثيرات الاقتصادية خلال النصف الأول من العام الحالي، باعتبار العامل الزمني في قياس التداعيات على أمل أن تتم السيطرة على الفيروس القاتل، وفقاً لبعض التنبؤات، بحلول شهر ماي المقبل.
ومع توقعات بأن يشهد الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 2.6 في المائة فقط في النصف الأول من العام الحالي، يرى رمضان أن هذه النسبة أضعف وتيرة نمو في 30 عاماً، كما أن النمو ككل في الصين هذا العام سينخفض إلى 5.4 في المائة بدلاً من 6 في المائة، مع تفاقم قيود حماية الصحة العامة التي تؤدي إلى صعوبة عودة العمال لوظائفهم.
ووفقاً لرمضان، سيتسبب ذلك في تعطيل سلاسل التوريد العالمية حيث وفقاً لآخر الأنباء، لا تزال مقاطعة هوبي موطن الوباء، التي تمثل قلعة صناعية بحجم اقتصاد دولة مثل السويد، خاضعة لحالة إغلاق جزئي، مما يعقّد مهمة استعادة الاقتصاد الوتيرة الطبيعية التي كان عليها في السابق، وعليه تتضح آثار الصدمة الاقتصادية.
ويتوقع رمضان تقلّص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.3 في المائة، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار، مشيراً إلى أنه إذا ما توسع تفشي الفيروس واستمر حتى الربع الثالث من العام الحالي، فستواصل الأسواق العالمية اتجاهها التنازلي المريع.
وعلى صعيد دول الخليج، يبيّن رمضان أن النفط يساهم بنحو 81 في المائة في المتوسط، من إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، مشيراً إلى أنه سيؤثر ضعف الأسعار والطلب النفطي من الصين التي تُعدّ أكبر مستهلك عالمي للنفط على الإيرادات، كما سيتأثر قطاع السفر والسياحة بفعل قيود السفر، مستشهداً بمثال خليجي يتمثل في مدينة دبي التي استقبلت نحو مليون زائر من الصين في 2019.

ديون وافلاس
ويرى الاقتصاديون ان من بين مظاهر تشكيل الصدمة الاقتصادية في العالم تفاقم ديون العالم، حتى على مستوى الاقتصاديات الكبيرة، حيث التوقعات تلفت إلى أن التأثيرات السلبية لفيروس كورونا ستفرز حالة من إفلاس بعض الدول قريباً.
باعتبار ان صندوق النقد الدولي يرى أن الدين العالمي وصل إلى مستويات قياسية عند مستوى 188 تريليون دولار، بما يعادل نحو 230 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

استعدادات لمواجهة تداعيات فيروس الكرونا

في وقت تتزايد في تأثيرات انتشار فيروس كورونا على اقتصادات الدول والشركات والقطاعات الإنتاجية، سارعت عدد من الدول والمجموعات الاقتصادية والمؤسسات المالية لاتخاذ إجراءات احترازية للعمل على احتواء التداعيات السلبية للازمة التي يعيشها العالم.
فقد خفّض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إلى نطاق من 1.00% إلى 1.25% في تحرك عاجل، في محاولة للحيلولة دون حدوث ركود عالمي بسبب آثار فيروس كورونا بالرغم من اعتباره ان “أسس الاقتصاد الأميركي ما زالت قوية لكن فيروس كورونا يشكل مخاطر متصاعدة على النشاط الاقتصادي”.
وعمدت كبرى البنوك المركزية عبر العالم إلى خفض أسعار فائدة الإقراض لدعم الأسواق المالية.
وصرّح رئيس مجموعة اليورو ماريو سينتينو بأن دول منطقة اليورو مستعدة لاتخاذ إجراءات مالية استثنائية لحماية اقتصاد الاتحاد من تأثيرات انتشار فيروس كورونا وقال انه “لن يتم ادخار أي جهد… لحماية اقتصاداتنا من مزيد من الأضرار”.
وأضاف أنه يمكن تعديل القواعد المنظمة للموازنة في الدول الأعضاء بما يتناسب مع النفقات العاجلة في الدول التي تواجه أزمة انتشار فيروس كورونا.
ويرتبط هذا الموضوع بشكل خاص بإيطاليا عضو منطقة اليورو، والتي تعاني من معدل دين عام مرتفع للغاية، كما أنها الدولة الأشد تضررا من فيروس كورونا في أوروبا حتى الآن.
ومن جهتها قالت المفوضية الأوروبية في تقديرات أولية إن النمو في منطقة اليورو في 2020 من المرجح أن يكون أبطأ من توقعاتها التي أصدرتها في منتصف شهر فيفري السابق والبالغة 1.2% بسبب الآثار السلبية لفيروس الكورونا.
هذا وقال المحافظ المقبل لبنك إنجلترا أندرو بيلي إن البنك المركزي البريطاني سينتظر حتى يرى أدلة أكثر وضوحا على الأضرار الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا قبل أن يتخذ أي قرار لخفض أسعار الفائدة مضيفا انه من الضروري تقديم مساعدة سريعة للشركات التي تعطلت عملياتها بسبب انتشار الفيروس حول العالم.
وفي نفس الإطار، كشف البنك الدولي عن خطة طوارئ تبلغ قيمتها 12 مليار دولار لحماية الاقتصادات من أضرار الفيروس وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس إن المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، والتي تساعد البلدان الأشد فقرا في العالم، قد تحصل على أموال إضافية في الربع الثاني من عام 2020، إذا ما جرى تفعيل صندوق تمويل حالات الطوارئ الوبائية التابع للمؤسسة، وهو ما لم يحدث بعد.
ومن جهتها، قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن الصندوق سيتحرك بخطى سريعة جدا للبت في طلبات لقروض دون فائدة أو بفائدة منخفضة من الدول التي تضررت من الانتشار السريع لفيروس كورونا وأوضحت أن صندوق النقد لديه 50 مليار دولار لمثل هذه المساعدات جاهزة للصرف السريع وحذرت من أن الانتشار المستمر لفيروس كورونا سيخفض النمو العالمي في 2020 عن مستويات العام الماضي.
وقال وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى إنهم سيستخدمون كل أدوات السياسة المناسبة لتحقيق نمو قوي ومستدام ودرء المخاطر النزولية الناجمة عن كورونا السريع الانتشار وأضافوا في بيان مشترك أن البنوك المركزية ستواصل الوفاء بمسؤولياتها ودعم استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي.
في حين حثّت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الحكومات على التحرك بسرعة وقوة للتغلب على تفشي المرض واتخاذ تدابير لحماية دخل الفئات الاجتماعية والشركات الضعيفة محذرة من أن تفشي فيروس كورونا يزج بالاقتصاد العالمي إلى أسوأ تراجع له منذ الأزمة المالية التي ضربت العالم قبل أكثر من عشر سنوات.

فرص الاستفادة من الأزمة
رجّح الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق محسن حسن تضرر عديد القطاعات الاقتصادية في تونس بمفعول الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الناجمة عن انتشار وباء كورونا وذلك بسبب انفتاح الاقتصاد الوطني على الخارج بنسبة مهمة وضعف صلابته اضافة الى التأثيرات الاقتصادية والمالية على تونس متعددة الأوجه، بالنسبة للمالية العمومية.
وقال حسن في تدوينة على حسابه بفيسبوك إنّ انفتاح الاقتصاد الوطني على الخارج بنسبة مهمة وخاصة على الفضاء الأوروبي الذي دخل في مرحلة الركود الاقتصادي والانهيار المالي سيكون له تداعيات سلبية على العديد من القطاعات خاصة في ظلّ ”ضعف صلابة الاقتصاد الوطني وهشاشته” وهو ما يحد من قدرته على تقبل الصدمات الخارجية.
واعتبر أنّ التأثيرات الاقتصادية والمالية على تونس ستكون متعددة الأوجه.
فبالنسبة للمالية العمومية توقع حسن أن يؤدي تراجع وتيرة النشاط الاقتصادي إلى تراجع موارد الدولة المتأتية من الجباية والمعاليم الديوانية بالإضافة إلى صعوبة توفير التمويلات الخارجية المبرمجة في قانون المالية لسنة 2020 والمقدرة ب 9 مليار دينار نظرا لشح السيولة على مستوى الأسواق المالية العالمية ولتوجيه الجزء الأكبر من الموارد المتاحة للمؤسسات المالية العالمية لدعم الدول المتضررة من أزمة كورونا بعد أن تحولت الأزمة الصحية في الصين إلى أزمة اقتصادية ثم مالية عالمية.

وتوقّع الخبير الاقتصادي أن تشمل التداعيات السلبية للأزمة، اضافة إلى السياحة والنقل والصناعات التقليدية والتجارة الخارجية، الصناعات التصديرية كالنسيج وصناعة مكونات السيارات والصناعات الميكانيكية والكهربائية، معتبرا أنّها ستكون الأشد تضررا خاصة في ظل انتشار الوباء في إيطاليا وألمانيا والصين، باعتبار أنّ المبادلات التجارية لتونس مع هذه البلدان تبلغ 60%من مجموع المبادلات التجارية مع الخارج.
فرصة لمضاعفة الصادرات والحد من العجز الطاقي
من جانب آخر اعتبر محسن حس أن هذه الأزمة قد تمثّل فرصة لتونس لمضاعفة صادراتها من المواد الفلاحية كزيت الزيتون والصيد البحري نظرا لما تعيشه إيطاليا من وضع حرج والتي تعتبر المزود الأول من هذه المواد لبقية دول الاتحاد الأوروبي.
واعتبر أن تراجع أسعار النفط في السوق العالمية إلى مستوى 30 دولار حاليا، نتيجة لتراجع الطلب العالمي وارتفاع الإنتاج السعودي كردة فعل على عدم تخفيض الإنتاج الروسي بعد قرار منظمة الاوبيك، يعد فرصة حقيقية لتونس للحد من العجز الطاقي وتقليص العجز الجاري شريطة التزود بعقود أجلة لاحتياجاتنا من المحروقات.
نمو سلبي
وتوقع أن يكون النمو الاقتصادي في تونس سنة 2020 سلبيا في حال تواصل الوضع الدولي على ما هو عليه وتواصل تراجع التصدير والاستثمار كمحركات نمو أساسية.
وقال إنّ الخروج من هذا الركود الاقتصادي المتوقع يتطلب التحكم في انتشار هذا الوباء والقضاء عليه قبل بداية النصف الثاني من السنة الحالية.
وبخصوص الإجراءات الاقتصادية والمالية الواجب اتخاذها للحد من الآثار السلبية على الأفراد والمؤسسات، أكّد حسن أنّه يتعين على الدولة التوجه نحو التخفيض في نسبة الفائدة المديرية وذلك للتحكم في كلفة التمويل بالنسبة للمؤسسات وكذلك الأفراد ولما لا تحريك الطلب الداخلي في ظل تراجع التصدير كمحرك للنمو.
من جانب آخر، فإن البنك المركزي مطالب بالتدخل على مستوى سوق الصرف والمحافظة على سعر صرف الدينار وذلك للحد من اختلال التوازنات الكبرى والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للمؤسسة.
وأكّد أنّه يتعيّن على الحكومة وضع خطط للدفع الاقتصادي للمحافظة على النسيج الاقتصادي الوطني وضمان استدامة المؤسسات وخاصة الصغرى والمتوسطة منها من خلال إسداء امتيازات جبائيه استثنائية وإعادة جدولة الديون الجبائية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي تمر بصعوبات اقتصادية ومالية وذلك في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2020 الذي لابد أن يصادق عليه مجلس نواب الشعب قبل نهاية جوان2020.
وشّدد على ضرورة العمل على وضع خطوط تمويل لجدولة ديون المؤسسات الصغرى والمتوسطة في القطاعات المتضررة ويشرع في تنفيذه قبل نهاية شهر جوان 2020، والنظر في إمكانية جدولة ديون المؤسسات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي تمر بصعوبات مالية وتأجيل سداد الأقساط المستوجبة.
إضافة إلى وضع خط تمويل على ذمة مؤسسات التمويل الصغير لدفع الاستثمار الخاص في المشاريع الصغرى، ووضع خطط للدفع الاقتصادي القطاعي و اتخاذ إجراءات سريعة للحد من تدهور المنظومات الإنتاجية عموما و خاصة الفلاحية منها.
وعلى الصعيد الاجتماعي قال محسن حسن إنّ الدولة مطالبة بلعب دورها الأساسي تجاه الفئات الاجتماعية الهشة والمتضررة من الوضع الاقتصادي والمالي الحالي وذلك عن طريق تحويلات مالية إضافية لضمان العيش الكريم وللحفاظ على مقدرتها الشرائية.
كما يتعيّن في السياق نفسه التحكم في الأسعار وانتظام تزويد السوق بالمواد الضرورية وكذلك تفعيل دور كل الأجهزة الأمنية والمراقبة الاقتصادية لمقاومة الاحتكار والمحافظة على القدرة الشرائية.

إمكانية تعطّل عجلة الصناعة التونسية بسبب الكورونا
رجّح متعاملون في القطاعات الصناعية التونسية تباطؤ وتيرة الإنتاج في مصانعهم في الفترة المقبلة بسبب تأخر وصول طلبيات من الصين بسبب فيروس كورونا. وأكد رئيس كنفيدرالية المؤسسات و المواطنة “كونكت” طارق الشريف وجود نقص في المواد الأولية وشبه المصنّعة لبعض الصناعات، متوقعا تفاقم الأزمة في الفترة المقبلة، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً للمصانع العاملة في تونس.

وقال إن المخاوف من خطر “شلل” المصانع بسبب نقص المواد الأولية مرده تباطؤ الإنتاج في الصين والاحتياطات الكبيرة التي تتخذ في الموانئ البحرية وتأخر تفريغ السلع القادمة من البلدان التي تعد بؤراً للفيروس.

وأفاد الشريف بأن اضطراب الحركة التجارية في كل الموانئ والمطارات ستكون له انعكاسات مباشرة على الصناعة التونسية والقطاع السياحي، خاصة مع توسّع انتشار الفيروس.

وأضاف أن المتعاملين الاقتصاديين خفضوا من وتيرة تنقلاتهم من تونس وإليها نظرا لاتساع رقعة الفيروس، لافتاً إلى أن تونس لا يمكن أن تكون بمعزل عن التداعيات الاقتصادية التي ستلحق بالاقتصاد العالمي.

وتجدر الإشارة الى ان الصين تمثل مزوّداً رئيسياً لقطاعات الصناعة التونسية بالمواد الأولية والآلات ولا سيما لقطاعات النسيج والتجهيزات الإلكترونية.
وتعتبر الصين المساهم الأكبر في العجز التجاري الإجمالي لتونس وذلك بنحو 1.8 مليار دولار سنة 2018 من إجمالي العجز الذي تقدر قيمته ب 6.6 مليارات دولار.

ولفت الخبير في استراتيجيات الاستثمار صادق جبنون إلى ارتباط الصناعات التونسية بشكل وثيق بالسوق الصينية، وقال بيّن إن “الصين مصنع العالم ومزود رئيسي لتونس بالمواد الأولية وشبه المصنعة في قطاعات حيوية وهذا ما يفسر استشعار المصانع التونسية لنقص المواد الأساسية في وقت مبكر”.
وأضاف أن كل تأخير في التزود بالمواد الأولية القادمة من الصين سيراكم خسائر المصانع التونسية مؤكدا أن التباطؤ الاقتصادي خطر يهدد كل دول العالم بسبب تفشي فيروس كورونا وتأخر إيجاد العلاج الفعال لمحاصرته.

وأكّد جبنون أنّ الأزمة ستؤثر سلبا على سلسلة الإنتاج والمبادلات مع العالم مضيفاً أنّ سعر برميل النفط تراجع إلى 56 دولاراً لدى الدول المنتجة قائلاً اننا “نخشى من انكماش دولي يؤثر على سلسلة الإنتاج المحلية في قطاعات حيوية”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.