محمد بن احمد، أبو الريحان البيروني الخوارزمي، فيلسوف رياضي مؤرخ، من أهل خوارزم، ولد في اليوم الثاني من شهر ذي الحجة عام 362 ه في قرية من ضواحي مدينة «كات» عاصمة دولة خوارزم من عائلة مغمورة، ويقول هو عن نفسه «أنا بالحقيق لا أعرف نسبتي ولا أعرف من كان جدي» ويذكر ان أبي أصيبعة في ترجمته أنه منسوب الى بيرون في السند، وكان مشتغلا بالعلوم والحكمة، فاضلا في علم الهيئة والنجوم، وله نظر جيد في صناعة الطب، وكان معاصرا للشيخ الرئيس (ابن سينا) وبينهما مباحثات ومراسلات. درس محمد في شبابه علوما شتى ولغات عديدة، فكان يعرف اللغة الخوارزمية والفارسية والعربية والسنسكريتية والسريانية واليونانية. وكان أول معلم تتلمذ عليه يونانيا لم تذكر المصادر اسمه، وكان محمد يجمع له أصنافا كثيرة من النباتات وبذورها، ويسأله مستفهما باحثا، فيسجّلها له أستاذه اليوناني شارحا خواصها وصفاتها وفوائدها. استقر أبو الريحان في بلاط السلطان مسعود، الغزنوي، وما لبث أن أهدى اليه رسالته في علم الفلك والرياضيات وهي الرسالة المعنونة «القانون المسعودي في الهيئة والنجوم»، والملفت أنه وفي السنة نفسها التي أهدى فيها هذه الرسالة الضخمة كتب رسالة ثانية في علوم الهندسة والحسابات والنجوم وأسماها «التفهيم لأوائل صناعة التنجيم». وقد اعتبر المؤرخون أن «قانون المسعودي» أكبر موسوعة في الفلك والهندسة والجغرافية، ويذكر أن البيروني لما انتهى من وضع هذا السفر الجليل حمله الى السلطان مسعود فأراد أن يجزيه على هذا الجهد الكبير بعض ما يستحقه، فوجّه اليه ثلاثة جمال تنوء بأحمالها من نقود الفضة، فردّها أبو الريحان اليه قائلا: «إنه يخدم العلم للعمل لا للمال». أما كتابه الكبير الثاني «تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن» فقد حقّقه المستشرق السوفياتي الدكتور بولغاكوف وأعانه فيه الدكتور امام ابراهيم أحمد في ما يتعلق منه بعلم الفلك. ثم كتابه «الجماهر في معرفة الجواهر» الذي حققه المستشرق الروسي كرمكو، وقاسم مستشرق وكيماوي روسي آخر بتحقيق مؤلفاته في علوم الصيدلة والطب، ويعدّ أبو الريحان فلكيا شهيرا يجمع على معرفته بهذا العلم الغربيون والعرب، وهو في الجغرافيا الجيولوجيا علما كبيرا كما في التاريخ الذي بدا فيه مؤرخا مدققا واسع الاطلاع شامل المعرفة قادرا على الاستقراء والاستنتاج. وهو في علم الرياضيات من أساطينه أخذ عنه «نيوتن» و»غريغوري» كثيرا من القوانين الرياضية.