تنتهي عند منتصف الليل الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية، بعد أن أغرقت البلاد طوال ثلاثة عشر يوما في التعددية والمنافسة الشريفة والنزيهة. ويصرّ قادة ومرشحو الأحزاب المعارضة على أن الحملة الانتخابية مرّت في كل أيامها في مناخ ديمقراطي تعددي طبعه حياد الادارة التام، وانخراطها الكامل في تيسير مهام كل المترشحين والمساواة بينهم، وهو ما جعلهم يقومون بحملتهم وإبلاغ مقترحاتهم وتصوراتهم بكل حرية وأمان في كل المناطق الحضرية منها والريفية، بعيدا عن أجواء الاستفزازات والمناوشات، وحتى التجاوزات القانونية، التي كانت مألوفة في مناسبات سابقة، والتي لا تغيب أيضا في أعتى الديمقراطيات وأعرقها. وتؤشر هذه الأجواء الديمقراطية، التي وقف عليها الملاحظون والصحافيون الأجانب الذين تقاطروا على بلادنا خلال الأيام الأخيرة الى حصول انتخابات نزيهة وبلا شوائب أو ملاحظات، تعوّد المنهزمون في كل المحطات الانتخابية، وفي عديد البلدان ابداءها بعد انتهاء الانتخابات وبلا حجج أو مؤيدات. وينتظر أن يتواصل هذا المدّ الديمقراطي والأجواء التعددية والتعامل الحضاري بين كل الأطراف بعد غد الأحد أثناء يوم الاقتراع، الذي يمثل أدق مراحل العملية الانتخابية، باعتباره يجمع كل المتنافسين والناخبين في مكان واحد، وفي وقت يتعاظم فيه الرهان الانتخابي، والرغبة في النجاح. ورغم أهمية الرهان بالنسبة لكل الأطراف المشاركة في الانتخابات، فإن القناعة لديهم كبيرة بضرورة تطبيق القانون الانتخابي بكل تفاصيله، والوصول الى انتخابات يتعمق فيها المسار الديمقراطي والتعددي، ويتكرّس فيها حق الاختلاف والاختيار أمام كل الناخبين. ولا شكّ أن ما حفلت به المجلّة الانتخابية من ضمانات ستجعل يوم الاقتراع، كما كان الأمر بالنسبة للحملة الانتخابية، يتم في كنف الشفافية والنزاهة والقانون وحياد الادارة ورضا كل الأطراف المشاركة والمتابعة أيضا. والأكيد أن هذه الضمانات التي تضاف الى عمل المرصد الوطني للانتخابات الرئاسية والتشريعية الذي أذن ببعثه رئيس الجمهورية، والذي يضم كفاءات وطنية معروفة بإشعاعها وحيادها واستقلاليتها ستغني أحزاب المعارضة وغيرها من القائمات المشاركة في الانتخابات عناء توفير الملاحظين والمراقبين، خاصة وأن عديد القياديين قالوا انهم يثقون مسبقا في سير العمل في مكاتب الاقتراع، في ظل ما توفر من تشريعات وهياكل، وما ساد الفترة السابقة من مناخ مشجع على العمل السياسي التعددي، وهو ما سيؤدي في النهاية، وبعيدا عن النتائج الى نجاح لتونس التي راهنت على مسار ديمقراطي تدرجي وعقلاني وواثق الخطوات أعطى أكله وجنب بلادنا الرجات والهزات والوقوع في الفوضى التي كانت مصير تجارب بلدان أخرى تمسكت بالقفز في المجهول.