تعيش الأسر التونسية في هذا الشهر الكريم نسقا متشابها، بين يوم من الصيام والالتفاف حول مائدة الإفطار مساء. غير أن وجود الأطفال في الأسرة يفرض على الأم كسر النسق العام حفاظا على حصة أبنائها فتحرص على توفير الوجبات العادية التي يتطلبها نمو الصغير. فكيف تنجح الامهات في التوفيق بين شهوات الكبار على مائدة الافطارومتطلبات الصغار؟ هذا السؤال طرحته «الشروق» على مجموعة من الامهات، فماذا كانت اجاباتهن؟ نسق عادي السيدة «هادية» موظفة وأم لطفلين تقول انها تحرص على توفير أجواء عادية لطفليها وهو ما يضطرها للقيام مبكرا لاعداد إفطار الصبح ثم تحضير اللمجة وغذاء منتصف النهار يحملها الصغار معهم الى المحضنة حيث يتناولون الغذاء. وتضيف هادية ان هذه المهمة تزيد من أعبائها لكنها مطالبة بذلك بدافع الشعور بالواجب تجاه أطفالها. السيدة ليلى موظفة وأم كذلك تقول انها تعمل حساب غذاء ابنائها منذ الليلة السابقة حيث تتعمد طبخ ما يكفي من الطعام لما يمكنها من ترك جزءا لغذاء أطفالها في اليوم التالي. لكن السيدة منية تصطدم أحيانا بتمرد أطفالها حيث يرفضون إعادة تناول نفس الطعام الذي سبق تناوله في العشاء وهو ما يصيبها بالحيرة ويضطرها لاعداد شيء آخر في السهرة لان وقتها في الصباح ضيق ولا يسمح لها بذلك. معضلة وصراع يومي السيدة حياة أصبحت تعيش معضلة حقيقية بسبب إصرار ابنتها ذات السنوات العشر على الصوم رغم بنيتها الهزيلة. وتؤكد حياة أنها منذ انطلاق شهر رمضان تعيش جدلا يوميا مع طفلتها التي ترفض تناول اى شيء منذ الصباح وهو ما يجعلها متوترة الأعصاب ومنفعلة. وتضيف أنها اضطرت الى طلب مساعدة المعلمة لاقناع الصغيرة بأن الصوم يضر بصحتها وهو ما جعلها تتراجع قليلا عن موقفها المتصلب لكن لايام فقط ثم تعود للنغمة القديمة. تقول حياة أن طفلتها مصرّة على الصيام مثل الكبار وتشعر ينشوة كبيرة عندما تجلس في نهاية اليوم الى مائدة الافطار رفقة أفراد العائلة. رقابة صارمة وذكرت حياة ان ابنتها كانت تعمد الى مراوغتها حيث غالبا ما تتظاهر بالافطار وتحمل معها لمجتها الى المدرسة لكنها لا تتناولها وتسلمها لاصدقائها، كما تفعل نفس الشيء مع غداء منتصف النهار في المحضنة، الى ان أصيب في احد الأيام بدوخة ودوّار وعندما حملتها الى الطبيب أخبرها بأنها تحتاج الى غذاء لأن جسمها لا يتحمل الصوم، خاصة وانها لا تأكل جيدا وقت الافطار ومنذ ذلك اليوم تقول حياة «فرضت رقابة صارمة على طفلتي حيث أجلس قبالتها حتى تنتهي من أكلها. الحل في اشراك الاطفال السيدة سعاد تقول ان اكثر ما يزعجها في رمضان هو عراك اطفالها حيث يكثر شجارهم عندما تكون هي في غمرة الانشغال في المطبخ وهو ما يجعلها تتصرف بعصبية ويصل الامر أحيانا الى حد ضربهم رغم أنها لا تحبّذ هذا الأسلوب. لكن السيدة سعاد تقول انها اهتدت مؤخرا الى حيلة تجنبها هذا الوضع وهي اشراك أطفالها في اعداد بعض الأشياء البسيطة، مثل طي أوراق البريك تنظيف المعدنوس من الحشائش تصفيف الخضر والغلال في الثلاجة واعداد الطاولة قبل موعد الافطار وتقول أنها لاحظت أن اطفالها يجدون متعة كبيرة في الصيام بتلك الاشياء.