شهر رمضان مناسبة جيدة لاحياء سنّة التزاور بين الناس وتشجيع العائلات على قضاء سهرات مشتركة تسهم في الالفة الاسرية... فبعض العائلات تختار تناول إفطار مشترك وتعود إلى فكرة «اللّمة» فتجمع الام ابناءها وزوجاتهم وبناتها وازواجهم لتناول فطور جماعي وسهرة عائلية.. ولكن بعض الازواج ممن لا تتاح لهم فرصة السهرات الجماعيّة يسارعون الى مغادرة المنزل مباشرة بعد الافطار نحو المقهى أين يلتقون باصدقاء غادروا هم أيضا منازلهم وتركوا زوجاتهم وأطفالهم في البيت من أجل السهر الجماعي في المقهى اين يقضون الوقت في لعب الورق والتدخين والاستهلاك ليمرّ وقتهم سريعا ولطيفا ولكن هل تساءلوا عن حال الملل التي يتركون عليها زوجاتهم. هل يفكرون بعض الشيء في امر زوجة قضت صباحها في العمل في المكتب او المدرسة ثم عادت لتدخل مباشرة الى المطبخ لاعداد الاكل بعد أن تكون قد مرّت طبعا على الاسواق لتأمين متطلبات البيت ثم وبعد الافطار تجد نفسها وحيدة امام التلفزيون تقلّب القنوات وتعيش حيوات ابطال المسلسلات لان السيد المحترم زوجها قد غادرها مسرعا لجلسات الانس في المقهى مع اصحابه. طعام أمي أزواج آخرون يبدون شديدي التعلق بمائدة امهاتهم خلال شهر الصيام وحتى خارج شهر الصيام فلا يعترفون بموائد البيت الزوجي فلا طعام يعلو فوق طعام الأمّ وبهذا تجبر الزوجة على مغادرة منزلها ومرافقة زوجها الى بيت اهله كل يوم وإذا رفضت تعرّض نفسها لموجة عارمة من المشاكل او تضطر للافطار والسهر وحيدة. ايضا تتآكلها الوحدة ويقضمها الضجر اذا لم تسهر هي ايضا مع بعض الجارات. إنه العمل وخارج شهر الصيام وفي الايام العادية يقضي معظم الازواج أوقاتهم في العمل ولا يعودون الا عند العشاء وربما عاودوا الخروج بعده في اتجاه المقهى متعللين دائما بانها «قعدات» ضرورية للعمل وانها دعوة الزملاء التي لا يمكن رفضها وقد يصرخ بعض الازواج في وجه زوجاتهم معتبرين البقاء في البيت شأنا نسائيا بحتا ليس له علاقة بالرجال فلا اطفالهم يحتاجونهم ولا يفكرون مطلقا في الاهتمام ببعض مشاغل صغارهم المدرسية او غيرها مكررين تلك اللازمة المعروفة «آش ناقصكم» الاخطار إن الاطفال الذين لا يعيشون اوقاتا عائلية مع ابائهم سيكبرون وهم لا يرون فيه اكثر من نافذة للمال وحصالة نقود تلبي رغباتهم المادية لن تنشئ تلك العلاقة العائلية بين الاب الغائب والابناء الذين لا يعرفون عنه شيئا ولن يتتبع الاب ابناءه ولن يشاركهم افراحهم ولا مشاكلهم ستكون ابوته افتراضية او اسمية. اما عن الزوجة التي تقضي معظم وقت فراغها وحيدة دون شريك حياتها فعمرها سيمر دون ان تدري كم مرّ منه وربما تكرّر على لسانها سؤال رئيسي جوهره «لماذا انا وحيدة» هل العيب فيّ هل قصرت في شيء هل درجة جمالي متدنيّة... لماذا اذن يتركني زوجي الى الآخرين سواء اكانوا الاصدقاء ام العمل ام المقهى. علم النفس دكاترة علم النفس والمختصون في مجال الاسرة اعتبروا ظاهرة مغادرة الازواج لاسرهم نحو فضاءات اخرى ظاهرة خطيرة وهي تنتج في الغالب عند أزواج رفضوا الخروج من مظلة العزوبية ورفضوا الانخراط في مسؤوليات الزواج التي يلقونها بكاملها على كاهل الزوجة التي تواجه جرّاء هذا ضغوطا نفسية وحياتية كبيرة وكأن العائلة مسؤوليتها وحدها فيتجاهل الزوج ما تحتاجه زوجته من توق الى الاحساس بالانتماء الى أسرة متوازنة افرادها جميعا موجودون أب وأم وابناء ويشعرون بذات الانتماء الى ذات الاسرة عبر المشاركة الوجدانية والعملية وتحتاج الزوجة ان تشعر ان زوجها يقدّر ما تقوم به وما تتحمله في سبيل العائلة فلا تشعر انها فريسة للهجران النفسي والعاطفي الذي كثيرا ما تنتج عنه ضغوط هائلة تجعل من الزوجة كائنا ضعيفا وهشا، لا يقدر على مجابهة ظروف الحياة وربما اوقعت الزوجة احيانا في شباك اي اطراء خارجي قد يشعرها باهميتها ويكرر المختصون النفسانيون في حياة الاسرة ان على الازواج ان لا يتركوا زوجاتهم فرائس للوحدة الطويلة بل عليهم مشاركتها اهتماماتها وتشجيعها كما على الازواج ايضا اشراك الزوجات فيما يعتقدون انه هموم شخصية او خاصة بالرجال بل عليهم تحسيس زوجاتهم ان اراءهن مهمة تتعين مناقشتها صلب العائلة... وهذه المشاعر سوف تدعم المرأة وتقويها ولن تشعرها بالوحدة او بالاحباط وتحصنها ضد الوقوع في دائرة الاطراءات الخارجية.