تبنت الجمعية العامة للامم المتحدة الأربعاء قرارا "يطالب روسيا بالتوقف فورا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا"، لكن لا يبدو أن هذا القرار سيغير شيئا في مسار الأحداث، وفق ما قال محللون سياسيون لموقع "الحرة". وحظي قرار الأممالمتحدة بأغلبية أصوات 141 دولة، فيما عارضته 5 دول وامتنعت 35 عن التصويت من بينها الصين، من مجموع الدول الأعضاء ال 193. والدول الخمس التي صوتت ضد القرار هي روسيا وبيلاروس وكوريا الشمالية وإريتريا وسوريا. ويطالب القرار الذي صدر بعد أكثر من يومين من المداخلات، موسكو "بأن تسحب على نحو فوري وكامل وغير مشروط جميع قواتها العسكرية" من أوكرانيا، و"يدين قرار روسيا زيادة حالة تأهب قواتها النووية". و"يستنكر" القرار الذي طرحه الاتحاد الاوروبي بالتنسيق مع أوكرانيا، "بأشد العبارات العدوان الروسي على أوكرانيا" ويؤكد "التمسك بسيادة واستقلال ووحدة أراضي" أوكرانيا بما فيها "مياهها الإقليمية". وفي الجمعية العامة لا يستخدم حق النقض الذي تتمتع به الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسياوالصين). وتبقى قرارات الجمعية غير ملزمة، لكنها ترتدي طابعا رمزيا سياسيا بحسب عدد الدول التي تتبناها. وفي 2014، تم تبني قرار مماثل يدين روسيا لضمها شبه جزيرة القرم بغالبية أصوات مئة دولة عضو مقابل معارضة 11 دولة وامتناع 58 عن التصويت. المحلل السياسي الأمريكي، حسين إيبش قال لموقع "الحرة" إنه "لا يعتقد أن روسيا ستلبي دعوة الأممالمتحدة لها بالانسحاب من أوكرانيا، إذ إنهم ملتزمون باستخدام القوة العسكرية لفرض تغيير النظام في كييف، وهي هدف لن يتخلوا عنه بسبب تعرضهم لانتقادات". وأشار إلى أن "قرار الأممالمتحدة مهم جدا لإنه يمثل إجماعا دوليا ساحقا، بما في ذلك من حلفاء هامين للولايات المتحدة، وهم إسرائيل والسعودية والإمارات، ناهيك عن أنه يعطي لمحة عن العزلة التي وصلت إليها روسيا". وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للصحفيين أن "رسالة الجمعية العامة قوية وواضحة. ضعوا حدا للعمليات الحربية في أوكرانيا، الآن. افتحوا الباب للحوار والدبلوماسية، الآن". المحللة والباحثة السياسية من معهد واشنطن، آنا بورشفسكايا، أوضحت أن قرارات الأممالمتحدة "ليست ملزمة قانونيا". وأضافت في حديث لموقع "الحرة" أن "قرار الأممالمتحدة يعكس توجهات الرأي العام الدولي، ولكنه من الناحية العملية لن يغير أي شيء في ما يتعلق بحرب بوتين على أوكرانيا". وأكدت بورشفسكايا أن "غالبية دول العالم لا توافق على ما يفعله الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكن هذا الأمر لن يغير من الحرب غير الشرعية التي تشنها روسيا على أوكرانيا، إذ إنه لا يزال مستمرا في مضاعفة أعداد قواته العسكرية التي تشارك في الحرب". سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأممالمتحدة، أولوف سكوغ، قال للصحفيين إثر التصويت بأن "روسيا اختارت العدوان. العالم اختار السلام"، واصفا ما حصل بأنه "تصويت تاريخي". بدوره أكد المحلل السياسي، عامر سبايلة أن روسيا "لن تستجيب لدعوات الأممالمتحدة، خاصة وأن ما يحصل في حرب موسكو على أوكرانيا يتجاوز الأعراف الدبلوماسية وأدبيات مجلس الأمن الدولي". ويرى في حديث لموقع "الحرة" أن روسيا "تنتهج منحى التصعيد في الحرب على أرض الواقع، خاصة في ظل تصعيد الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة تجاه روسيا بالعقوبات". ويدعو القرار الصادر تحت عنوان "العدوان على أوكرانيا" إلى وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، كما "يستنكر تورط بيلاروس" في الهجوم على أوكرانيا. وكان سفير أوكرانيا لدى الأممالمتحدة، سيرغي كيسليتسيا، قد شجب على منصة الأممالمتحدة ما وصفه بأنه "إبادة جماعية" ترتكبها روسيا في بلاده، وحض المجتمع الدولي على "التحرك" لعدم تكرار ما فعله هتلر. وقال المحلل السياسي، علي رجب، ما جانبه، إنه " لا يبدو في الأفق أي تغير في موقف روسيا عقب قرار الأممالمتحدة، روسيا لديها أهداف وأيضا لديها مطالب من الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة، المتعلقة بالضمانات الأمنية وعدم انضمام أوكرانيا ودول شرق أوروبا إلى الناتو، لذلك ستسمر روسيا في حربها من أجل الوصول إلى أهدافها". وزاد رجب في رد على استفسارات "الحرة" أن "القرار ليس له أي تبعات على الأرض ووقف الحرب، فالحرب الروسية مستمرة حتى تحقيق موسكو أهدافها، واستمرار الحرب قد يتطور إلى صراع خارج حدود أوكرانيا". وأوضح المحلل سبايلة أن "قرارات الأممالمتحدة لن تعيد روسيا للخيارات الدبلوماسية، ولكن التصعيد العسكري في مواجهة موسكو هو الأمر الوحيد الذي قد يجبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين على العودة للمسار الدبلوماسي". وأشار إلى أنه رغم أهمية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، "بوتين في موقف الآن لن يتراجع فيه عن مساعيه تجاه أوكرانيا، ما لم يجد تصعيدا أو مواجهة عسكرية غير متوقعة". وشدد المحلل حسين إيبش على أن "التصويت في الأممالمتحدة بحد ذاته ليس له تأثير مباشر، ولكنه يعزز الدافع تجاه عزل ومعاقبة قادة روسيا والأوليغارشية التي تحيط ببوتين، ويساعد الدول في الضغط من أجل تطبيق العقوبات الدولية على روسيا، كما أنه يقوي توجهات التحركات الدبلوماسية من أجل الضغط لوقف الغزو الروسي". بدوره يرى المحلل رجب أن أهمية قرار الأممالمتحدة تنبع من "تأكيد الدول الداعمة له على رفض الحلول العسكرية، وتأكيدها على أهمية الحل السياسي والجلوس إلى طاولة المفاوضات". وأضاف أن القرار لن يكون له تبعات ما لم توجد "الجمعية العمومية للأمم المتحدة آلية للعمل الدولي متعدد الأطراف في موجهة الأزمات مثل الحرب الروسية على أوكرنيا، واعتماد النهج السلمي في إنهاء هذه الأزمات". وأعلنت الأممالمتحدة الأربعاء أنها سجلت مقتل نحو 230 مدنيا في أوكرانيا بينهم 15 طفلا منذ بدء الغزو الروسي لهذا البلد قبل أسبوع، مرجحة أن تكون الحصيلة الحقيقية أعلى بكثير. وقالت مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها سجلت 752 ضحية مدنية في أوكرانيا يتوزعون على 227 قتيلا و525 جريحا، منذ بدأ الغزو في 24 فيفري. وكانت وزارة الصحة الأوكرانية قد أعلنت الأحد عن مقتل 352 مدنيا، وقالت الثلاثاء إن 16 طفلا لقوا حتفهم. ووفق أحدث تقييم نشرته الأممالمتحدة الأربعاء، استقبلت بولندا أكثر من 450 ألف أوكراني، أي 52 في المئة من إجمالي عدد اللاجئين الذين غادروا أوكرانيا. اوكرانياروسيا قرار اممي