محكمة الاستئناف تُخفض عقوبة شفيق جراية من 101 سنة سجنًا إلى 4 سنوات    المعهد الوطني للرصد الجوي في اضراب يومي 14 و 15 ماي 2025    جلسة عمل حول مراجعة وتحيين كراسات شروط فتح مؤسسات الطفولة الخاصة    صفاقس : قبلة محترفي سرقة الاضاحي …فهل سيلجأ اقليم الامن الى البوّابات ؟    توقف مفاجئ في ''إكس'' يربك المستخدمين حول العالم    وزارة العدل تدعو الخبراء العدلين إلى الإسراع بإيداع ملفاتهم قبل انتهاء آجال الترسيم    بتعلّة "توزيع المساعدات": خطّة أمريكية تدفع سكّان غزّة للنزوح القسري.. #خبر_عاجل    عاجل/ الاحتلال يغتال هذا القيادي في المقاومة الفلسطينية    وزير التجارة وجامعة الجلود والأحذية يتفقان على تكوين لجان لتدارس أوضاع القطاع والإصلاحات الممكنة    امضاء اتفاقية تعاون في مجالي السياحة والصناعات التقليدية بين تونس ومدغشقر    تعيين انور التاورغي ومحمد الجلاصي مدربين مساعدين لمنتخب الأكابر للكرة الطائرة (المدير الفني للجامعة)    اللجنة الاستشارية لبرنامج التأهيل الصناعي تصادق على 3 ملفات لمؤسسات صناعية باستثمارات بقيمة 55 مليون دينار    بنزرت: جلسة عمل للنظر في آخر التحضيرات الجهوية والمحلية للامتحانات الوطنية    الكاف: أنشطة ثقافية وفكرية واقتصادية في الدورة 35 لمهرجان "ميو"    عاجل/ إكتشاف موقع أثري روماني في جبل السلّوم    الأيام الفرنسية التونسية للأشعة تناقش أيام 8 و9 و10 ماي بتونس تطور التصوير الطبي وتحديات قطاع الأشعة    إنتبه لها.. 7 علامات لارتفاع ضغط الدم    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    قرمبالية: انتشال جثة شاب عشريني من قنال مجردة    عاجل/ زيارة الغريبة: هذا موعدها وستقتصر على هذه الفئة من اليهود    قضية قتل المحامية ''منجية'': قاضي التحقيق يستمع لشقيقها وشقيقتها    إنخفاض بنسبة 3% في عجز الميزان التجاري الطاقي موفى شهر مارس 2025    بمشاركة 12 دولة من العالم: اختتام ملتقى الفجيرة الدولي للعود    ترامب يقترح خفض الرسوم الجمركية على الصين إلى 80%    الإحتياطي من العملة الصعبة يغطّي 99 يوم توريد..    الرابطة الأولى (الجولة 29 ): إثارة في صراع اللقب وغموض يكتنف معركة البقاء    بمشاركة أطباء مختصين من تونس والجزائر.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوطني ال27 للطب الباطني بالحمامات    خاص: فاضل الجزيري يتعرض الى وعكة صحية    من أغنى رجل في العالم إلى أكبر متبرّع: بيل غيتس سيتبرع ب200 مليار دولار    كرة اليد: أفضل حارسة في افريقيا مي جمعية تلتحق بجمعية الساحل    نابل: انطلاق فعاليات أيام "حرفة الحصير"    اختتام الدورة الرابعة لتظاهرة "أيام فائض للإبداع" بالمكتبة العمومية بفائض    أيام الفنون والحرف التقليدية من 14 إلى 16 ماي 2025    مفزع/ تلاميذ يستدرجون زمليتهم الى مقبرة ثم يتداولون على اغتصابها وتصويرها..!    كيف سيكون الطقس نهاية الأسبوع وهل ستتواصل التقلبات الجوية الأسبوع القادم..؟    باكستان: إسقاط "77 مسيرة" هندية    فداء توجه نداءً عاجلاً لذوي شهداء وجرحى الثورة    طفل تونسي يذهل العالم: إياس معالي يحصد المرتبة الثانية في بطولة الحساب الذهني في تايوان    فاجعة في مدينة فاس المغربية: انهيار مبنى سكني يخلّف قتلى وجرحى    حجز أكثر من 650 كلغ من لحوم الدواجن في منوبة..وهذه التفاصيل..    bacweb.tn: موقع لا غنى عنه لكل تلميذ يستعد للباك!    تراوحت بين العامين و 6 سنوات: أحكام سجنيّة ضد مسؤولين ب ''الكنام''    ثلاثة لاعبين مغاربة في نهائيات المسابقات الأوروبية هذا الموسم    بيع تذاكر الكلاسيكو بشابيك ملعب المنزه    النوم 4 ساعات فقط قد يجعلك أكبر ب4 سنوات!    عاجل/ خلال اشرافه على مجلس وزاري: رئيس الدولة يسدي تعليماته بالحسم نهائيا في هذه الملفات..    أسرة أم كلثوم تهدد باللجوء إلى القضاء بسبب فيديوهات الذكاء الاصطناعي    مانشستر يونايتد وتوتنهام إلى نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم    بطولة مصر : فخر الدن بن يوسف هداف لكن فريقه المصري البورسعيدي يتعثر امام الاهلي برباعية    العاصمة: خضروات، فواكه، لحوم وأجبان... تصلك مباشرة من المنتج!    سيدي بوزيد: اعتصام عدد من أعضاء الفرع الجامعي للتعليم الأساسي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نصائح فطور صحي ''للتوانسة'' الذين يعانون من الكوليسترول    الطلاق أمام عدل إشهاد يثير الجدل: النائب يوسف التومي يوضّح خلفيات المبادرة التشريعية    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق.. جغرافيا «العطش» و تاريخ «الفقر المعرفي»
نشر في الشروق يوم 27 - 07 - 2022

درجات حرارة قياسية، يرافقها انقطاع للماء بشكل متواتر في أغلب مناطق الجمهورية ،حتى أننا انتقلنا من الحديث عن "الانقطاع العرضي" الذي تعود أسبابه إلى أعطال في شبكة إلى توزيع المياه، إلى "الانقطاع المنتظم" الذي نصل فيه الى مرحلة الحديث عن "خرائط العطش" في "تونس الخضراء".
لأنّ الأرقام لا تكذب وهي حجة دامغة غير قابلة للتأويل والتشكيك، نقول ان الهياكل والمنظمات المختصة في هذا المجال، تتحدث عن أكثر من 300 ألف مواطن تونسي يعيش تحت خط " الفقر المائي". هؤلاء تزداد حياتهم تعقيدا وصعوبة خلال فصل الصيف حيث تمتد فترات قطع الماء لأيام قد تتجاوز الاسبوع في الشهر الواحد.
ربما تحيلنا فكرة الهجرة بسبب ندرة المياه إلى عصور غابرة، أين كانت القبائل رُحّلا بحثا عن منابع المياه، لكن هذا المشهد الذي قرأناه في كتب التاريخ ووثقت له أعمال سينمائية، يُعاد حرفيا في تونس سنة 2022 ،إذ تتحدث بعض المنظمات عن اعتبار نقص المياه، احد أسباب الهجرة الداخلية للتونسيين الذين يهجرون قراهم ومدنهم باتجاه المدن التي يتوفر فيها الماء.
المرصد التونسي للمياه ،ينشر بصفة شهرية إحصائيات حول التبليغات المتعلّقة بمشاكل التزود بالماء التي يواجهها المواطنون، ووفق آخر نشرية له صادرة في شهر جوان 2022، فقد بلغ المرصد 300 تبليغ مواطنيّ عن مشكل متعلق بالحق في الماء من بينها 218 تبليغًا متعلّقًا بانقطاع الماء.
القراءة الدقيقة في هذه الأرقام، تجعل ولاية صفاقس تتصدر خارطة العطش ب42 تبليغًا تليها ولاية قفصة ب36 تبليغًا، ثم ولاية تطاوين ب 24 تبليغًا. كما بلغ المرصد1341 تبليغًا يتعلّق بمشاكل مياه على كامل تراب الجمهورية في 2022.
مايثير الاستغراب في هذه الأرقام، هو وجود أغلب المناطق التي تعاني العطش قرب السدود التي تزود كل ولايات الجمهورية بالماء، وما يثير سخط متساكني هذه المناطق اكثر هو عدم ربط هذه الأحياء الموجودة في الكاف وجندوبة وسليانة وباجة.. بشبكات التزود بالمياه ،وهو ما يجعل من الدواب الوسيلة الوحيدة لنقل المياه.
كل هذه المعطيات تضاف إلى أرقام أخرى تبدو أشد خطورة إذ يتم تحديد نصيب الفرد الواحد من الماء في تونس بأقل من 400 متر مكعب في السنة، وهي نسبة يرجح بعض الخبراء نقصانها في السنوات القادمة إلى 350 متراً مكعباً سنوياً، أي أقل ب50 في المئة من الكمية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، والمتراوحة بين 750 و900 متراً مكعباً سنوياً.
تشخيص الوضعية التي تعيشها تونس ،يختلف من هيكل لآخر لكن كل النظريات تقريبا تتفق على أن مناخ تونس جاف وكميات الأمطار المسجلة ضعيفة، ففي الجنوب تكون أقل من 100 ملمتر، بينما تصل إلى 1،500 ملمتر في الشمال، خاصةً في الشمال الغربي، ما يعني أن إجمالي الموارد المائية السطحية لتونس تُقدَّر بنحو 2.7 ملايين متر مكعب، فيما تناهز المياه الجوفية 2.1 مليون متر مكعب.
يضاف هذا إلى ضعف صيانة شبكة التزود بالماء والتبذير واستعمال جزء هام من المياه في ري منتوجات فلاحية تستهلك الكثير من الماء ويتم تصديرها للخارج.. معطيات كثيرة و متراكمة منذ سنوات لم تتجرأ اي منظومة حكم على مواجهتها فعليا.
لكن وسط هذه الظلمة، هناك نقطة ضوء يبدو أن السلطات التونسية عاجزة عن ادراكها، نقطة ضوء تتمثل في كفاءة تونسية هاجرت إلى ماليزيا وتمكنت من إنقاذ 8الاف قرية مو العطش، هو محمد خير الدين عروة، ابن المدرسة التونسية وهو مهندس مختص في الطاقات المتجددة، ابتكر نظاما ذكيا لتوفير المياه الصالحة الشراب.
محمد خير الدين عروة مصنف من ضمن افضل 62 عالما في العالم، منحته ماليزيا فرصة تحقيق حلمه المتمثل في بعث مركز ابحاث خاص به، واليوم تحتاجه تونس اكثر من ماليزيا، مثلما تحتاج كفاءات أخرى هاجرت بسبب حالة "العطش المعرفي" التي أصابت تونس منذ فترة.. تونس التي تصحّرت في السنوات الماضية بعد أن تم وضع "الرجل غير المناسب في المكان الذي لا يستحق.
سرحان الشيخاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.