رغم الميراث الثقيل للعشرية الأخيرة تبدو الخطوط الجوية التونسية في مطلع العام الجديد قد استعادت ثقتها في قدراتها لتمضي قدما بخطى ثابتة نحو مستقبل واعد. وللتاريخ ظلت الناقلة الوطنية إلى أواخر 2010 جوهرة بأتم معنى الكلمة حيث اكتسبت صورة قوية غالبت بها المنافسة الشرسة المتنامية في عالم الطيران. وبلغة الأرقام كانت الخطوطة التونسية تحقق سنويا أرباحا بقيمة 600 مليون دينار كما كان المسافرون في مطارات أوروبا والعالم العربي يتلهفون لوصولها بفضل جودة خدماتها ولاسيما الأكلات الساخنة الشهية وحرفية طواقم الطائرات حيث بالكاد يستشعر المسافرون «رجة» الإقلاع والهبوط. والواضح أن هذه الميزات التفاضلية قد أكسبت الناقلة الوطنية «الدافع الحضاري» الذي جعلها تصمد طيلة عشرية كاملة أمام عاصفة هو جاء ارتكبت خلالها جرائم فضيعة في حق الخطوط التونسية التي تحولت إلى «سفينة نوح» عبر اثقال كاهلها بانتدابات ثقيلة زائدة عن النصاب ومن ثمة فرض عليها أن تسابق الزمن لتحصيل أجور أعوانها وتتخلى عن أي استثمار في الأسطول وهو ما جعل معدل أعمار طائراتها يصل إلى 17 عاما لتنقلب دقة مواعيد رحلات الخطوطة التونسية إلى اضطرابات كبيرة في المواعيد بسبب تواتر عمليات الصيانة الثقيلة للطائرات المتقادمة وبالنتيجة نجحت الخطوط التونسية في مجاوزة أجندا تذويب كان هدفها التفويت في الأجواء التونسية لناقلات أجنبية استثمرت بلدانها في عشرية الخراب وذلك عبر دفع الناقلة الوطنية تدريجيا إلى دائرة الإندثار. لكن هذه الصفحة السوداء بدأت منه أكثر من عام تنطوي على ذاتها في خضم الديناميكية الجديدية المتنامية التي تشهدها الخطوط التونسية مع تراكم المؤشرات التي تؤسس لإنطلاقة جديدة ولاسيما تجاوز عائق تقادم أسطول الطائرات. وفي هذا الصدد أكد خالد الشلي الرئيس المدير العام للخطوط التونسية في حوار مع «الشروق الاقتصادي» أنه باستكمال مراحل تجديد الأسطول المبرمجة للعام الحالي سيتراجع معدل أعمال طائرات الناقلة الوطنية إلى ما بين 10 و 11 عاما مقابل 17 عاما منذ نحو عام. وتابع أنه إلى جانب إتمام صفقة الطائرات الجديدة باستقبال الطائرة الخامسة من طراز أيرباص نيو» في مارس القادم تعتزم الخطوط التونسية خلال العام الجاري تدعيم أسطولها بكراء أربع طائرات بعقد طويل المدى. ويفضل هذا البرنامج ستتمكن الخطوط التونسية من الترفيع في مردودية طائراتها وهو ما يجعلها تتطلع هذا العام إلى استعادة النتائج التجارية لسنة 2019 عبر بلوغ عتبة ثلاثة ملايين مسافر رغم تراجع عدد الطائرات من 23 إلى 17 طائرة. كما تعول الخطوط التونسية على تحقيق منعرج حاسم في تحسين خدماتها من خلال تدعيم الانتقال الرقمي واستعادة جودة خدمات الإطعام catring بالتوازي مع مواصلة مخطط إعادة الهيكلة ولاسيما إعادة النظر في منوال الحوكمة لإظفاء مرونة أكبر على التصرف تلبي متطلبات المنافسة المتزايدة في عالم الطيران. ونفى خالد الشلي من جهة أخرى أن تكون الخطوط التونسية قد تراجعت عن مشروع التوسع التجاري ولاسيما إحداث خطوط جديدة باتجاه الوجهات البعيدة وأساسا نيويورك وبكين. ولاحظ في هذا الصدد أن تشغيل خط على مدينة نيويورك الأميريكية مرتبط باستكمال المفاوضات بين الجانبين لإبرام اتفاق ثنائي في مجال النقل الجوي فيما يتطلب إحداث خط جديد على مدينة بيكين زيادة التدفق السياحي الحيني على تونس لتحقيق المردودية التجارية اللازمة وذلك إلى جانب تدعيم أسطول الخطوط التونسية بطائرة جديدة كبيرة الحجم من طراز آيرباص 330. وأكد خالد الشلي من جهة أخرى أن الخطوط التونسية لن تقحم نفسها في حرب الأسعار Lowcost المتزايدة بين شركات الطيران المتخصصة في نقل السياح وذلك من منطلق الحفاظ على سمعة الشركة وجودة خدماتها وهو ما يجعلها تركز بالأساس على نقل رجال الأعمال والتونسيين المقيميين في الخارج. الأولى
