قدماء الكشافة يقيمون الجيل الجديد: التصدي للغزو الثقافي من أوكد الواجبات احذروا الأنانية وحب الذات والركض وراء المنفعة لا غنى عن حكمة الرواد مهما تغيرت الحياة تونس الشروق: تعاقب الأجيال ظاهرة انسانية تنطوي على الكثير من المتغيرات في الرؤى وطرق التفكير والسلوكيات، فالجيل القديم يمجد ماضيه ويعتبره الأصلح والافضل بينما يعتقد الجيل الصاعد ان ما تقادم يجب ان يلقى به في سلة المهملات، لتعويضه بأفكار وسلوكيات تتماشى مع روح العصر. الكشافة مثل سائر المنظمات والجمعيات تضع في اعتبارها هذه الاشكالية من خلال أطر مخصصة للقدماء وأخرى موجهة لتكوين الاجيال الجديدة من طرف هؤلاء القدماء بحثا عن تواصل شبه مفقود، فما هي طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين؟ وكيف يقيم القدماء سلوك وأداء الأجيال الجديدة سواء على المستوى الشخصي او النشاط الكشفي والجمعياتي عموما؟ حكمة الرواد بدأ الردود على أسئلتنا الأستاذ محمود الطريقي متفقد التعليم المتقاعد قائلا: »بحكم وجودي في المنظمة الكشفية منذ 1947 أؤكد ان الشاب التونسي يتمتع بالفكر والفتوة والذكاء، لكنه مطالب بحسن استغلال هذه المميزات من خلال مواكبة العصر وضمان ترابط الأجيال في آن واحد«، وأضاف قائلا: »نحن في حاجة دائما لحكمة الرواد وفتوة الشبان لايجاد معادلة تضفي الى تكوين ناشئة مسؤولة وواعية بمتطلبات العصر الحديث، والهدف الأسمى يبقى تنمية القيادات للاحتفاظ بالنوعية والجودة الضرورتين، وذلك لخلق أجيال يعتمد عليها وتكون ركيزة أساسية لنشاط المنظمة ورقي المجتمع«. ويشدد الأستاذ محمد الطريقي على تصدي الشباب للغزو الثقافي الغربي الذي أصبح من العوامل السلبية السائدة حاليا، ونحن ندعو الشباب الذي يجب ان نخاطبهم بلغة العقل والصراحة الى التحلي بالمسؤولية والحفاظ على الهوية والثوابت، مع احترام طبيعة العصر الحديث، ويبرز ذلك جليا في شعار المؤتمر الأخير لمنظمتنا »قيم ثابتة واشعاع متجدد«. القدوة أولا ويرفض محدثنا توجيه أي نصائح للشبان الذين قرروا الانضمام الى المنظمة الكشفية مؤكدا ان القدوة الحسنة تساهم لوحدها في توجيه الشباب بحيث تنفذ في قلوب الآخرين بسرعة بفضل ما يتميز به القائد من صفات حميدة وسلوكيات راقية، واذا توفرت القدوة الحسنة زالت كل العوائق وأصبح بالامكان إقناع الشاب بجدية النشاط الكشفي وفائدته. وفي السياق ذاته يؤكد الأستاذ سليم بن مصطفى أحد أبرز قدماء الكشافة التونسية أنه دخل المنظمة تحت تأثير شخصية القائد المسؤول عن الفوج آنذاك، فهو المثل الأعلى والقائد والقدوة مما سمح له بالانخراط الطوعي في النشاط دون مشاكل او تخوفات او صعوبات ويقول الاستاذ سليم بن مصطفى: »الشباب مدعو الى اتباع القدوة الحسنة وممارسة عمله بمسؤولية كقائد متميز في الوسط الذي يعيش فيه، وهذا كاف لتحقيق الطموحات والوصول الى القمة، ويضيف القائد البشير العريبي يسانده في ذلك القائد الحبيب الشتيوي ان التكوين متوفر والمطلوب هو تطبيق كل المبادئ والأساليب الكشفية المتفق عليها، ومن أبرز هذه المبادئ الاندماج في العمل بصدق، والمهارة في القيادة والمغامرة وخدمة الغير، وإضافة الى حب الوطن ينصح القائدان الشباب بالابتعاد عن الأنانية وحب الذات من اجل التفاني في خدمة الآخرين«. المسؤولية قبل كل شيء ونختم جولتنا في عقل القدماء برأي الأستاذ عامر العويتي قائد تدريب دولي حيث يقول في البداية: »الحركة الكشفية تسعى دوما الى ضمان ترابط الأجيال الذي أعتبره أساس النشاط الجمعياتي وسر نجاحنا في خلق أجيال مقتدرة ومثقفة وذات قدرات عالية، ورغم تغير الظروف الحياتية والعالمية فإن الشباب لا يزال قادرا على تحمل المسؤولية والتطور نحو آفاق أفضل دون المساس بالثوابت مثل عقلية التطوع وحب الآخرين. ويشير شقيق علالة العويتي مؤسس النجم الكشفي عام 1933 الى ضرورة التوفيق بين المسؤولية الجمعياتية ومقتضيات العصر، ولا يمكن التفصّي من المسؤولية بدعوى أن الحياة تغيرت، ولم يعد بالامكان بذل المال والجهد في عمل تطوعي بالأساس دون الحصول على مقابل مجز.