من حكمة الصيام ان الانسان يحفظ وجدانه ويحفظ جوارحه عن المعاصي، فلا يقربها حتى يتم بذلك صيامه وحتى يتعود بعد ذلك على البعد عن هذه المحرمات دائما. فالانسان اذا دعته نفسه الى ان يتكلم بالزور او بالفجور او يعمل منكرا من سب او شتم او غير ذلك، تذكر انه عبادة فقال، كيف أتقرب من هه العبادة وأضيف اليها معصية. هل من الانصاف ان يتكون في وقت واحد وفي حالة واحدة جمعا بين الامرين : الطاعة والمعصية ان معصيته قد تفسد طاعته وتمحو ثوابها. فالانسان مأمور ان يكون محافظا على الطاعة في كل أوقاته، ولكن في وقت الصيام أشد وكثير من الناس وقوا أنفسهم في شهر رمضان ثلاثين يوما او تسعة وعشرين يوما من المحرمات فوقاهم الله بقية أعمارهم منها. وكثير من الناس كانوا يشربون الخمر او الدخان وما أشبه ذلك ثم قهروا في هذا الشهر وغلبوها وفطموها عن شهواتها وحملتهم معرفتهم لعظم هذه العبادة ألا يجمعوا معها معصية، واستمروا على ذلك الحال محافظين على أنفسهم الى ان انقضت ايام الشهر كان ذلك سببا لتوبتهم واقلاعهم واستمرارهم على ذلك الترك لهذه المحرمة فكان لهم في هذا الصيام فائدة عظيمة. وهكذا أيضا اذا حافظ العبد على قيامه واستمر عليه حمله ذلك على الاكثار من تلك العبادة فإذا تعبد الانسان بترك المفطرات والصيام لله تعالى دعاه ايمانه ودعاه يقينه وقلبه السليم الى ان يتقرب بغيرهما من العبادات فتجده طوال نهاره يحاسب نفسه ماذا عملت ومذا تزودت. تجده طوال يومه محافظا على وقته لئلا يضيع بلا فائدة فإذا كان جالسا وجده انشغل بقراءة ما بذكر او بدعاء أو يتذكر آلاء الله وآياته واذا كان في وقت صلاة صلى ما كتب له من ليل او نهار وإن دخلت الصلاة أقبل عليها بقلبه وقالبه وأخذ يتأمل ويتفكر ما يقول فيها فيكون الصيام بذلك سببا في كثرة الاعمال والقربات كما يكون سببا للمنع من المحرمات. أخلاق الصائم: الخلق الحسن يذيب الخطايا قال الله عز وجل : {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} (الاحزاب 21) الدين الاسلامي الحنيف جاء لينتقل بالبشرية خطوات فسيحات الى حياة مشرفة بالفضائل والآداب وانه اعتبر الخصال الحميدة المؤدية الى هذا الهدف النبيل من صميم رسالته كما انه عد الاخلال بهذه الرسائل خروجا وابتعادا عنه. فالاخلاق الكريمة ليست من مواد الترف التي يمكن الاستغناء عنها بل هي أصول الحياة التي يرتضيها الدين ويحترم ذويها ورسول الله ص يبين مكانة الخلق في الحديث الذي أخرجه الامام البيهقي حيث يقول : «الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل» ولقد أحصى الدين الاسلامي الحنيف الفضائل وحث اتباعه على التمسك بها واحدة واحدة والرسول ص يدعو دائما وأبدا الى محامد الاخلاق ومحاسن الشيم فعن اسامة بن شريك قال : «كنا جلوسا عند النبي ص كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم اذ جاءه أنس فقالوا من أحب عبادة الله تعالى قال : «أحسنهم خلقا» رواه الامام الطبراني وقال رسول الله ص «ان الفحش والتفحش ليسا من الاسلام في شيء وان أحسن الناس اسلاما أحسنهم خلقا» رواه الامام الترمذي. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ص يقول : «ألا أخبركم بأحبكم الي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ فأعادها مرتين او ثلاثا قالوا نعم يا رسول الله قال : «أحسنكم أخلاقا». أخطاء في رمضان: قراءة القرآن بلا تدبّر * من الاخطاء : المسارعة في قراءة القرآن بلا تدبر او ترتيل بهدف الانتهاء من استكمال قراءته معتقدا ان ما يفعله هو الصحيح، ولكنه هو على خطر عظيم لأن القرآن نزل في هذا الشهر على رسول الله ص وقال الله فيه {ورتل القرآن ترتيلا} (المزمل : 4). فالواجب : الترتيل في القراءة، والتأني، وتدبر معانيه. * ومن الاخطاء : تحرج بعض الصائمين من الافطار في السفر، وهذا خطأ فإن رخصة الافطار في السفر قد دل عليه قول رسول الله ص : «إن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه». * ومن الاخطاء : تحرج بعض الصائمين من حلق الشعر، او قص الاظافر، او نتف لابط، او حلق العانة في نهار رمضان بحجة ان ذلك يفسد الصيام. والصحيح : ان كل ذلك لا يفطر الصائم ولا يفسد صومه، بل هو من السنن المستحبة. * ومن الاخطاء : تحرج بعض الناس اذا تذكر انه أكل أو شرب ناسيا في أثناء صيامه ويشك في صحة صيامه. قال رسول الله ص : «اذا نسي أحدكم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» (أخرجه البخاري).