لم تكن الولاياتالمتحدة يوما صديقة للعرب، ولا يمكن أن تكون صديقة لهم حتى في المستقبل مادام الكيان الصهيوني قائما. أمريكا من أول الدول التي اعترفت بقيام دولة الاحتلال ساعات بعد ارتكاب عصابات الهاغانا جرائم حرب دموية في فلسطين في العام 1948، وبعد تشريد مئات الآلاف من قراهم ومنازلهم. وامريكا هي التي تقود بعد 75 سنة كاملة حربا شاملة ضد قطاع غزة وهي التي تمول وترسل السلاح والأساطيل البحرية من أجل ترويع الآمنين من المدنيين وتقود كذلك حرب تجويع وتهجير جديدة. وما بين 1948 و2024، شاركت الولاياتالمتحدة في كل حروب المنطقة وقتلت الملايين من العرب تحت ذرائع مختلفة وساهمت في تشريد الملايين ومارست سياسة "التفريغ السكاني" في المنطقة عبر الحروب ضد الكيان أو من خلال حروب مباشرة تقودها الولاياتالمتحدة كما هو الحال في ليبيا والعراق واليمن ولبنان وسوريا ولم تبق أمريكا أرضا عربية إلا وسفكت فيها الدماء، وارتكبت أفظع الجرائم ضد الإنسانية. وفي الهيئات الأممية لم تكن هناك دولة تقف ضد أي مشروع عربي لوقف العدوان ضد الشعب الفلسطيني سوى الدولة الأمريكية التي ظهرت في مئات المرات معادية لأيّ خطوة تحمي الحق العربي وهذا معروف لكل الحكام العرب الخانعين والآملين في أن تكون أمريكا يوما نصيرة للشعب الفلسطيني. ولو الدعم الأمريكي بكل الوسائل، لما استمرت إسرائيل في الوجود ولما تمكّنت من أن ترتكب كل هذه الفظاعات في أرض عربية مقدسة. ولعل ملحمة غزة أفضل شاهد على أن بيت الاحتلال هو أوهن من بيت العنكبوت لولا هذا الوجود الأمريكي الداعم لكيان غاصب ومرجم ومتوحش. إن استعمال الولاياتالمتحدة لحق النقض "الفيتو" ضدّ مشروع القرار الجزائري الداعي لوقف فوري للعدوان الصهيوني في غزة، يثبت مرة أخرى، أنّ الولاياتالمتحدة هي دولة معادية لكل الشعوب العربية ودون استثناء حتى تلك التي تقف أنظمتها الآن في الصف الأمريكي وتصمت عن جرائم الاحتلال بل وتشترك معه وتتمنى سرا وجهرا أن ينتصر على المقاومة. وعليه فإنّ الأمنيات بما يسمى حل الدولتين بعد كل ما فعلته الولاياتالمتحدة من إسناد فعلي وغير محدود للجريمة الصهيونية المرتكبة منذ العام 2024 إنما هو ضحك على الذقون وهو مجرد خدعة جديدة لتلك الأنظمة التي باتت على درجة من العجز حتى أنها لم تعد قادرة على أن تقول كلمة حق واحدة في حق شعب مضطهد. الشعوب العربية لا يخفى عنها عدوها وهي تعرف الطريق إلى الحرية معرفة جيّدة ولكن أنظمة ما بعد ربيع الخراب هي أكثر بؤسا وعمالة وخيانة من تلك الأنظمة التي كانت قائمة قبل 2011. كمال بالهادي