صدور قرارين بالرائد الرسمي يحددان طاقة استيعاب المدارس الاعدادية والمعاهد النموذجية    الإفراج عن رجل أعمال في قطاع القهوة مع تحجير السفر وتأجيل محاكمته    هزة أرضية يشعر بها سكان القاهرة والمحافظات في مصر    زلزال يضرب اليونان بقوة 6.3 درجة وارتداداته تصل مصر ولبنان والأردن    48 سنة سجنا غيابيا لمصطفى خضر في قضية ذات صبغة إرهابية    وداعًا لنفاد البطارية سريعًا.. ميزة جديدة من آيفون    تنسيق وزاري لضمان جاهزية القطارات ونقل الفسفاط في أفضل الظروف: التفاصيل    نهائي كاس السوبر الافريقي لكرة اليد - الترجي الرياضي ينهزم امام الاهلي المصري 15-24    اليوم في قابس وجرجيس ...الافريقي لرد الاعتبار وترجي الجنوب لإسعاد الأنصار    أخبار فلاحية    عاجل/ الاحتفاظ بثلاثة من أعوان وإطارات هذه البلدية..    «ملتقى المبدعات العربيات بسوسة» في دورة خاصة بالتراث غير المادي.. حضرت الأكاديميات وغابت الحرفيات    الموعد المفترض لعيد الإضحى    موفى 2024: حجم التبادل التجاري بين تونس والسعودية بلغ 964 مليون دينار    وزير النقل: الخطوط التونسية تخطط لتشغيل 14 طائرة مع موفي شهر ماي الجاري في ظل خطط لتسيير كامل الاسطول اوخر العام الجاري    فيلم للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحاكي استشهاد الطفلة الفلسطينية هند رجب    آخر الاستعدادات لحفل توزيع الجوائز الأدبية الكومار الذهبي    الكشف عن معصرة زيتون تعود للفترة الرومانية المتاخرة بمنطقة بشني من معتمدية الفوار    معاقبة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي مع حرمان الاتحاد المنستيري من بيع التذاكر في 3 مباريات    تونس تشارك بجناح رسمي في الدورة 78 لمهرجان كان السينمائي    المنستير: ندوة دولية حول "آليات تعزيز الاستثمار في التراث الثقافي"    قفصة: 30 عارضا وعارضة يشاركون في معرض للمنتوجات الفلاحية بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للفلاحة    وزير الإقتصاد يشارك في افتتاح المؤتمر السنوي لإتحاد اسواق المال العربية.    عاجل/ ترامب يلتقي الشّرع في السعودية    المُستشهر الأمريكي بالنادي الافريقي يخرج عن صمته ويكشف.. #خبر_عاجل    شراكة تونسية فرنسية لدفع صناعة السيارات نحو آفاق جديدة    محمد علي النفطي، وزير الشؤون الخارجية ضيف برلين...تفاصيل    وزير التشغيل: فرص جديدة لآلاف الشباب في مصانع مكونات السيارات    دورة تونس الدولية المفتوحة للتنس (الدور السادس عشر): عزيز الواقع ينهزم امام الارجنتيني فيديريكو كوريا 2-صفر    محافظ البنك المركزي التونسي: يبقى إقبال الأسر التونسية على السوق المالية ضعيف نظرا لضعف صافي الأصول المالية    تغلب على إرهاق الصباح بهذه الأطعمة الطبيعية    منوبة: فقرات صحيّة ودينية وتنظيميّة تؤثث فعاليات اليوم الجهوي لتوديع الحجيج    عاجل/ نتنياهو: "نعمل على إيجاد بلدان تستقبل سكان غزة"    عاجل/ يتحيّل على المؤسسات والأشخاص مُنتحلا صفة مسؤول برئاسة الحكومة    عاجل : مدينة العلوم تكشف عن التاريخ المتوقع لعيد الأضحى    بين 15 و20 سنة سجنا لعصابة هرّبت المخدرات من الخارج إلى قلب الأحياء الشعبية!    ''كان'' السينمائي يُقرّر: التّعرّي ممنوع نهائيًا!    مفتي الجمهورية في ضيافة جامع الجزائر    سلوكيات طبيعية لطفلك من عمر سنة إلى ثلاث سنوات... لا تستدعي القلق    العجز التجاري لتونس يتعمّق إلى 54 بالمائة خلال الأشهر الأربعة الأولى    تونس تتمكن من تعبئة أكثر من 730 مليون دينار من الاستثمارات الخارجية في الثلاثي الأول من 2025    الكاتب التونسي ميزوني البناني في ذمة الله    نحن على أبواب الامتحانات... كيف نستعد لها؟    محرز الغنوشي: أمطار رعدية وتساقط للبرد في بعض المناطق..بداية من هذا الموعد    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يفتقد جهود فينيسيوس وفاسكيس للاصابة    طرابلس: مقتل الككلي ووزارة الدفاع تعلن السيطرة على أبو سليم    رئيس الجمهورية يتناول إعادة بناء القطاع العمومي للنقل    تعيينات حكام مباريات الجولة الأخيرة لبطولة الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم    قيس اليعقوبي يقود الوحدات الى احراز كاس الاردن    عاجل/ رئيس الدولة يسدي هذه التعليمات..    رغم التوتر في طرابلس: حركة العبور بمعبر الذهيبة وازن تسير بشكل طبيعي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    ترامب يصل إلى السعودية في مستهل جولته الشرق أوسطية    مصر.. تحرك واسع للسلطات يمنع كارثة طبية    دواء جديد يُعيد النظر لفاقديه..    طرق الوقاية من الأمراض المزمنة ليست صعبة    تغيير بسيط في طعامك يطيل العمر ويحميك من الأمراض..وهذه التفاصيل..    مدينة العلوم بتونس تنظّم يوم الاثنين 26 ماي سهرة فلكية بعنوان السماء الرقمية : علوم البيانات والذكاء الاصطناعي""    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق .. أكبر من زوبعة في فنجان... أصغر من «انقلاب»
نشر في الشروق يوم 27 - 03 - 2024

لا ينتابنا شكّ في الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين أمريكا وإسرائيل.. هي ليست مجرّد علاقات وطيدة بين بلدين يتقاسمان قيما ومصالح مشتركة.. لكنها علاقات بين دولة عظمى وبين قاعدة متقدمة لها في قلب الشرق الأوسط.. وفي سرّة العالم.. وقرب ابار النفط.. على تخوم أهم ممرات التجارة الدولية.. وكلها عناصر دفعت بالرئيس بايدن منذ سنين طويلة إلى اطلاق مقولته الشهيرة بأنه «لو لم تكن هناك اسرائيل، لقمنا باختراعها».. وذلك للمزايا الاستراتيجية التي توفرها قاعدة متقدمة وثابتة في الشرق الأوسط وهو مفتاح العالم لأي دولة يمكن أن تضع عليها يدها.. لأجل كل هذا تدعم أمريكا اسرائيل ظالمة وظالمة لأنها تدعم مصالحها في نهاية المطاف.. والطابع الاستراتيجي والارتباط العضوي بين الطرفين لا يحتاجان إلى دليل أو تدليل.
ومع ذلك، فإن امتناع أمريكا عن رفع الفيتو في وجه القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن والذي دعا إلى وقف اطلاق النار في الأسبوعين المتبقيين من شهر رمضان المعظم، وان كان قرارا غير ملزم، فإنه يشكل انعطافة في علاقات الطرفين وجب التوقف عندها.. واستشراف ان كانت حدثا عابرا في سماء علاقات متينة، وطيدة أم منعرجا سيكون له ما بعده؟
لنقل منذ البداية ان هناك خصوصية في علاقات الطرفين تعطي هذه العلاقات طابعا استراتيجيا حيويا لا غنى عنه للطرفين/ طابع يجعل العلاقات الأمريكية الاسرائيلية فوق الخلافات وفوق الزوابع لأنها تستند وعلاوة على الجوانب الاستراتيجية والأمنية، على جوانب أخرى تجعلها أكثر تداخلا وأكثر متانة.. ومن بينها الجوانب الحضارية والجوانب الدينية حيث تلتقي منذ عقود علاقات حكام واشنطن من المحافظين الجدد مطلع التسعينات إلى رموز التيار المسيحي المتصهين في الاعتقاد بأن رؤساء أمريكا المتصهينون وبدعمهم آسرائيل فكأنما يدعمون الله باقامة دولة يهودية بفلسطين للتعجيل بنهاية الزمان.. ومن هذه الزاوية فإن دعم أمريكا للكيان الصهيوني هو عبارة عن دعم أمريكي لشأن أمريكي صرف أو لمسألة أمريكية تحظى بالأولوية المطلقة..
لذلك فإن علاقات الطرفين تتجاوز الآن مسألة ضغط اللوبي الصهيوني وتأثيره في قرارات الادارة الأمريكية وتكتسب طابعا دينيا يضفي عليها نوعا من القدسية التي تنضاف إلى الجوانب الاستراتيجية لتجعل هذه العلاقات فوق الزوابع وفوق الأحداث العرضية.. لكن ما لا يظهر للعلن، أن المقود المتحكم في سيرورة هذه العلاقات يقع في نهاية المطاف بين أيدي الإدارة الأمريكية التي تتصرف من خلاله في العلاقات مع الكيان وأيضا مع كامل دول الاقليم ومع قضاياه المتشعبة.. وهو ما يفرز من حين لآخر نوعا من التجاذب أو المناكفات بين حكام أمريكا وحكام الكيان.. إذ يحدث ان لا تتفق مواقف ورؤى وحسابات الطرفين كما يحدث الآن بين إدارة بادين وبين حكومة نتنياهو أو لنقل أيضا بين بايدن شخصيا ونتنياهو حول ادارة مآلات الحرب الصهيونية على غزة وحول مسألة غزو رفح بريا وهو ما يتمسك به نتنياهو ويعارضه بايدن بالنظر إلى فاتورته الانسانية الباهظة التي تهدد بإشعال حريق كبير في المنطقة بأسرها علاوة على أنها ستعصف بما تبقى من حظوظ للرئيس بايدن للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة..
يضاف إلى كل هذا انقطاع حبال الودّ بين بايدن ونتنياهو، إن كانت وجدت أصلا.. حيث تفيد التقارير والتحاليل حتى قبل «طوفان الأقصى» بأن بايدن متبرّم من أداء نتنياهو وان إدارته تبحث له عن بديل على نار هادئة.. وجاء الطوفان ليجرف ما تبقى من حبال تشد الطرفين إلى بعضهما البعض.. وهذه العناصر مجتمعة هي التي يجب من خلالها مقاربة علاقات الطرفين.. وكذلك مقاربة اقدام الادارة الأمريكية على السماح بتمرير قرار مجلس الأمن الأخير رغم تحذيرات نتنياهو وتهديده بالامتناع عن ارسال وفدين كانا سيتحوّلان إلى واشنطن لتباحث آفاق الحرب ومآلاتها.. ومن هذه الزاوية يمكن اعتبار الموقف الأمريكي بمثابة «فركة أذن» لنتنياهو لتذكيره بحجمه وبأنه ليس هو من يملي على الادارة الأمريكية مواقفها، وليس هو المتحكم في مقود إدارة الأمور في الاقليم وفي العالم..
وفوق كل هذا، قد يكون الموقف الأمريكي بمثابة رصاصة الرحمة على حياة نتنياهو السياسية ومؤشر قوي على أن ادارة بايدن نفضت منه أيديها نهائيا وهو المراهن جهارا على فوز ترامب في الاستحقاق الانتخابي المقبل.. وهو موقف سيكون له ما بعده لأن شظاياه قد تعصف بحكومة نتنياهو وقد تقوده إلى أروقة المحاكم لمجابهة قائمة طويلة من التهم.. وبذلك يكون الموقف الأمريكي الأخير أكثر من زوبعة في فنجان.. وأصغر من انقلاب على العلاقات الاستراتيجية مع الكيان.
عبد الحميد الرياحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.