رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان: علاقات تاريخية متميزة    تونس وسلطنة عُمان تعتمدان خطة عمل استراتيجية لتعزيز التعاون الثنائي    حجز 34 ألف بيضة مخبأة بمستودع عشوائي ببنزرت الجنوبية..    وزير التجهيز: تقدم ملحوظ في أشغال الطريق السيارة تونس-جلمة [فيديو]    تونس – نحو توسيع محطة تحلية مياه البحر بقابس    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: من المتوقع موجات حر أشد وأكثر تواتراً    أوروبا: موجة حر تودي بحياة أربعة أشخاص في إسبانيا وفرنسا    غزة: جيش الاحتلال يستهدف المدارس وخيام النازحين وطوابير المساعدات الغذائية    تركيبة الهيئة المديرة الجديدة للنادي الإفريقي    باجة: رياح رملية قوية وتحذيرات من تقلبات جوية وأمطار غزيرة    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    القضية الفلسطينية اهم محاور لقاء سعيد بوزير خارجية سلطنة عمان    في القطاع العام والوظيفة العمومية .. اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات عاجلة    الولايات المتحدة.. فقدان 7 أشخاص إثر انفجار مستودع للألعاب النارية بكاليفورنيا    اكتشاف كوكب بدرجة حرارة وكثافة الأرض    خلفيات قرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    أخبار الحكومة    بعد ضجة كبيرة ...الأمن الفرنسي يفرج عن البلايلي    مجلس الجهات والاقاليم يحيل مشروعي قانون يتعلقان باستغلال المحروقات على اللجان    بعد حجز 47 كيلوغرام من الكوكايين ب13 مليار ... كلّ الأسرار عن صفقة بيع المخدرات    لدى لقائه الزنزري.. سعيد يعطي تعليماته باعادة هيكلة عديد المؤسسات العمومية    وزارة الفلاحة تُحذّر    صيف المبدعين .. الكاتبة عائشة السلاّمي .. لم أكن أرحّب بالعطلة... كان السّجن في انتظاري    في معرض االفنانة التشكيلية نرجس الخراط بالعاصمة .. تخليد ذاكرة تونس... وتأكيد على السلام لفلسطين    مستقبل المرسى يتعاقد مع المدافع يسري العرفاوي لمدة موسمين    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    النادي الافريقي يتعاقد مع حسام حسن رمضان الى موفى جوان 2027    5 خرافات عن الماء... تعرّف عليها للحفاظ على جسمك    التحقيق مع راغب علامة بقضية "المكالمة الهاتفية" المسرّبة    مستقبل المرسى يعزز صفوفه بالحارس سامي هلال    معدل استهلاك "الزطلة" لدى الفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة تفاقم ب 4 مرات ما بين 2013 و2021    عاجل/ تغييرات في رحلات "تونيسار" من وإلى فرنسا خلال هذه الفترة    السجن 12 سنة لتونسية هرّبت الكوكايين من تركيا داخل حقيبة سفر    وفاة مفاجئة للمطرب المصري الشاب أحمد عامر    الدورة 20 لمهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني قابس من 15 إلى 19 أكتوبر 2025    Titre    هل الجلطات تقل في الصيف؟ هذا ما تقوله الدراسات    صادم: فيديو تحرش بفتاة في مكتب بريد بهذه الجهة..فتح تحقيق وايقاف المتهم..    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    محاضرة بعنوان "حوار على ضوء القيم ... عندما يصبح التسامح ثقافة والسلام خيارا" بمقر الالكسو    تنسيقية 412 تدعو رئيس الدولة للتدخل لمطالبة البنوك التونسية بتطبيق القانون والحفاظ على السلم الاجتماعي    جوان 2025: استقرار معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية في حدود 7.5 بالمائة    في تونس: الإدمان لم يعُد حكرا على المخدّرات...تفاصيل صادمة    سخانة غير عادية تستنى فينا ابتداء من النهار هذا    كأس العالم للأندية: برنامج الدور ربع النهائي    غوف تودع ويمبلدون من الدور الأول    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    البطولة الفرنسية : جيرو يوقع عقدا لمدة عام واحد مع ليل    كيفاش تستغل دارك والا محلك وتدخل منهم فلوس؟    أسامة الرمضاني يكشف عن تعرضه للسحر: "علاه شعملتلكم؟!"    رصد موجات تنبئ بتسونامي في المتوسط.. ما حقيقة الفيديو الذي أثار الرعب..؟!    عاجل/ اخترقوا بيانات حسّاسة لستة ملايين من عملائها: هذه الشركة تتعرض للقرصنة..    وزير السياحة يلتقي ممثلي الجامعة التونسية للمطاعم السياحية والجمعية التونسية لمهنيي فن الطبخ    بنزرت: وفاة عامل كهرباء بصعقة كهربائية    بومهل البساتين.. الحرس الوطني يطيح بمروع المواطنين قرب "ازور سيتي"    كيف تؤثر حرارة الصيف على مزاجنا وسلوكياتنا اليومية؟    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    أولا وأخيرا: «قرط» وتبن وقش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق .. أكبر من زوبعة في فنجان... أصغر من «انقلاب»
نشر في الشروق يوم 27 - 03 - 2024

لا ينتابنا شكّ في الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين أمريكا وإسرائيل.. هي ليست مجرّد علاقات وطيدة بين بلدين يتقاسمان قيما ومصالح مشتركة.. لكنها علاقات بين دولة عظمى وبين قاعدة متقدمة لها في قلب الشرق الأوسط.. وفي سرّة العالم.. وقرب ابار النفط.. على تخوم أهم ممرات التجارة الدولية.. وكلها عناصر دفعت بالرئيس بايدن منذ سنين طويلة إلى اطلاق مقولته الشهيرة بأنه «لو لم تكن هناك اسرائيل، لقمنا باختراعها».. وذلك للمزايا الاستراتيجية التي توفرها قاعدة متقدمة وثابتة في الشرق الأوسط وهو مفتاح العالم لأي دولة يمكن أن تضع عليها يدها.. لأجل كل هذا تدعم أمريكا اسرائيل ظالمة وظالمة لأنها تدعم مصالحها في نهاية المطاف.. والطابع الاستراتيجي والارتباط العضوي بين الطرفين لا يحتاجان إلى دليل أو تدليل.
ومع ذلك، فإن امتناع أمريكا عن رفع الفيتو في وجه القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن والذي دعا إلى وقف اطلاق النار في الأسبوعين المتبقيين من شهر رمضان المعظم، وان كان قرارا غير ملزم، فإنه يشكل انعطافة في علاقات الطرفين وجب التوقف عندها.. واستشراف ان كانت حدثا عابرا في سماء علاقات متينة، وطيدة أم منعرجا سيكون له ما بعده؟
لنقل منذ البداية ان هناك خصوصية في علاقات الطرفين تعطي هذه العلاقات طابعا استراتيجيا حيويا لا غنى عنه للطرفين/ طابع يجعل العلاقات الأمريكية الاسرائيلية فوق الخلافات وفوق الزوابع لأنها تستند وعلاوة على الجوانب الاستراتيجية والأمنية، على جوانب أخرى تجعلها أكثر تداخلا وأكثر متانة.. ومن بينها الجوانب الحضارية والجوانب الدينية حيث تلتقي منذ عقود علاقات حكام واشنطن من المحافظين الجدد مطلع التسعينات إلى رموز التيار المسيحي المتصهين في الاعتقاد بأن رؤساء أمريكا المتصهينون وبدعمهم آسرائيل فكأنما يدعمون الله باقامة دولة يهودية بفلسطين للتعجيل بنهاية الزمان.. ومن هذه الزاوية فإن دعم أمريكا للكيان الصهيوني هو عبارة عن دعم أمريكي لشأن أمريكي صرف أو لمسألة أمريكية تحظى بالأولوية المطلقة..
لذلك فإن علاقات الطرفين تتجاوز الآن مسألة ضغط اللوبي الصهيوني وتأثيره في قرارات الادارة الأمريكية وتكتسب طابعا دينيا يضفي عليها نوعا من القدسية التي تنضاف إلى الجوانب الاستراتيجية لتجعل هذه العلاقات فوق الزوابع وفوق الأحداث العرضية.. لكن ما لا يظهر للعلن، أن المقود المتحكم في سيرورة هذه العلاقات يقع في نهاية المطاف بين أيدي الإدارة الأمريكية التي تتصرف من خلاله في العلاقات مع الكيان وأيضا مع كامل دول الاقليم ومع قضاياه المتشعبة.. وهو ما يفرز من حين لآخر نوعا من التجاذب أو المناكفات بين حكام أمريكا وحكام الكيان.. إذ يحدث ان لا تتفق مواقف ورؤى وحسابات الطرفين كما يحدث الآن بين إدارة بادين وبين حكومة نتنياهو أو لنقل أيضا بين بايدن شخصيا ونتنياهو حول ادارة مآلات الحرب الصهيونية على غزة وحول مسألة غزو رفح بريا وهو ما يتمسك به نتنياهو ويعارضه بايدن بالنظر إلى فاتورته الانسانية الباهظة التي تهدد بإشعال حريق كبير في المنطقة بأسرها علاوة على أنها ستعصف بما تبقى من حظوظ للرئيس بايدن للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة..
يضاف إلى كل هذا انقطاع حبال الودّ بين بايدن ونتنياهو، إن كانت وجدت أصلا.. حيث تفيد التقارير والتحاليل حتى قبل «طوفان الأقصى» بأن بايدن متبرّم من أداء نتنياهو وان إدارته تبحث له عن بديل على نار هادئة.. وجاء الطوفان ليجرف ما تبقى من حبال تشد الطرفين إلى بعضهما البعض.. وهذه العناصر مجتمعة هي التي يجب من خلالها مقاربة علاقات الطرفين.. وكذلك مقاربة اقدام الادارة الأمريكية على السماح بتمرير قرار مجلس الأمن الأخير رغم تحذيرات نتنياهو وتهديده بالامتناع عن ارسال وفدين كانا سيتحوّلان إلى واشنطن لتباحث آفاق الحرب ومآلاتها.. ومن هذه الزاوية يمكن اعتبار الموقف الأمريكي بمثابة «فركة أذن» لنتنياهو لتذكيره بحجمه وبأنه ليس هو من يملي على الادارة الأمريكية مواقفها، وليس هو المتحكم في مقود إدارة الأمور في الاقليم وفي العالم..
وفوق كل هذا، قد يكون الموقف الأمريكي بمثابة رصاصة الرحمة على حياة نتنياهو السياسية ومؤشر قوي على أن ادارة بايدن نفضت منه أيديها نهائيا وهو المراهن جهارا على فوز ترامب في الاستحقاق الانتخابي المقبل.. وهو موقف سيكون له ما بعده لأن شظاياه قد تعصف بحكومة نتنياهو وقد تقوده إلى أروقة المحاكم لمجابهة قائمة طويلة من التهم.. وبذلك يكون الموقف الأمريكي الأخير أكثر من زوبعة في فنجان.. وأصغر من انقلاب على العلاقات الاستراتيجية مع الكيان.
عبد الحميد الرياحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.