الجامعة العامة للنقل تُحمّل وزارة النقل تداعيات إضراب أعوان شركة قرقنة المزمع تنفيذه يومي 17 و18 جويلية الجاري    إصدار "إعلان تونس" في اختتام أشغال المؤتمر الدولي حول دور القوات المسلحة في حماية المدنيين ضمن مهمات حفظ السلام    الدينار في أعلى مستوياته مقابل الدولار الامريكي منذ بداية 2022    الجزائر: حمود بوعلام يشتري رُويبة ويُقصي الفرنسي ''كاستيل'' من السوق    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    تاكل تُن وانت مريض سكر؟ إنت في الأمان ولا تغالط في روحك؟    حتى الجنينة تنظفها وتُبعد الحشرات... بكعبة قارص ورشة ملح    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    تونس: البنك الأوروبي للإستثمار مستعد لتمويل مشاريع ذات النجاعة الطاقية ومكافحة الهدر المائي والنقل الحديدي    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    بقلم مرشد السماوي : مهرجان الحمامات جوهرة ثقافية تنتظر توسعة المسرح و دعما يليق بمكانتها    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    الأمم المتحدة: فرض عقوبات أميركية على مبعوثة أممية "سابقة خطيرة"    استشهاد 798 شخصا أثناء تلقي المساعدات في غزة    علاقة وثيقة بين النوم والعمل..    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    عاجل/ تغيّرات جوية مرتقبة ووزارة الفلاحة تحذّر..    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن التركيبة الكاملة للإطار الفني للموسم الحالي    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    لطفي رياحي: ''تمييز مجحف بين السائح الأجنبي والتونسي... لازم توحيد الأسعار''    النادي الإفريقي: رئيس الهيئة العليا للرقابة يكشف عن ديون سابقة لم يتم تسويتها    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    وقتاش تعرف إلي بطارية كرهبتك تعبت ؟ العلامات إلي ما يلزمكش تغفل عليهم!    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أكثر من 25 بالمائة من الناجحين من شعبة البكالوريا رياضيات يتحصّلون على ملاحظة حسن جدّا    هام/ نسب النجاح في دورتي البكالوريا حسب الولايات..    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    نجاح 21 تلميذا من أبناء قرى الأطفال "أس و أس" في دورة المراقبة لباكالوريا 2025    هام/ هذه الدول الأكثر طلبًا للكفاءات التونسيّة والمهن المطلوبة..    ولاية تونس : توجيه تنابيه لمن لم يلتحقوا بالنقاط المسندة إليهم بالأسواق البلدية البديلة    بعد العاصفة الرملية التي شهدتها توزر وقبلي: معهد الرصد الجوي يكشف التفاصيل..#خبر_عاجل    النجم الساحلي: ثنائي أجنبي يعزز الفريق في المركاتو الصيفي الحالي    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    دوري روشن السعودي: نادي الحزم يجدد ثقته في "جلال القادري"    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    عاجل: صدور حكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ ضد نجل فنان مشهور    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    القهوة باش تغلى؟ البرازيل في وجه العاصفة وترامب السبب    كفاش تحمي صغارك من شمس الصيف؟ نصائح ذهبية من أطباء الأطفال    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    تفاصيل أسعار عروض مهرجان قرطاج الدولي    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    الليلة: خلايا رعدية وأمطار مع تساقط محلي للبرد    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    الموت في لحظة غفلة: السباحة الليلية تودي بحياة مراهق في بن قردان    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق .. صناعة الإشاعة وهندسة الخوف والفوضى
نشر في الشروق يوم 29 - 08 - 2024

لم يخل الفضاء الافتراضي من صناعة الكذب، وإحدى مشتقاته فبركة الوقائع والأحداث وبثّ الإشاعة، والتفنّن في إيصالها إلى جماهير عريضة ، والعمل على جعلها حقيقة تسلّم بها الأغلبية السّاحقة وتقرأ لها ألف حساب .
مثل هذه الصناعة تحتاج إلى مهارات في فنّ الادّعاء و التمويه والتضليل ، و إلى قدرة فائقة على التأثير انطلاقا من احتياجات الجماهير العريضة من مستعملي وسائل وشبكات التواصل الاجتماعيّ، واستغلالا للفرصة المناسبة ، وركوبا أيضا على الحدث المناسب في الوقت المناسب.
ومن منطلق أكذب ثمّ أكذب حتّى يصدّقك النّاس ، تعمل مجموعات موجّهة على بثّ الكذب وصياغة الأخبار الزّائفة لأسباب كثيرة لكن مظلّتها الكبرى هي المظلّة السياسيَّة ، فالأخبار المتعلقة بمسائل اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، أو حتّى اليومي البسيط تشكّل صيدا ثمينا للمتربّصين السياسيين والخصوم لإشعال النّار في الهشيم و صبّ الزيت على النار .
والغاية من ذلك إحداث البلبلة والفوضى ،وإدخال الجميع في حالة شكّ وخوف، وتشكيك الكلّ ضدّ الكلّ، و جميعها تضرب الاستقرار العام . تنطلق من الفرد الواحد لتعمل على التجييش وتعبئة عدد المتأثّرين وتكون بذلك هذه الإشاعات مثل كرة البولينغ مطالبة بإسقاط قطع الخشب دفعة واحدة.
عشنا الصيف المنقضي كذبة الحوت الذي تسلّل إلى شواطئنا، وانتشرت الأخبار والفيديوهات والصور الداعمة لهذا الخبر، و عمّت حالة من الرّعب والفزع ، واستنفر جمهور الفايسبوك بفتاوى كثيرة انتهت إلى مقاطعة البحر والصيف ،وطبعا أوّل متضرر من ذلك القطاع السياحي وتحديدا السياحة الداخلية، وكذلك المواطن الذي تتقلّص لديه فرص التنفيس والترويح عن والنّفس بغلق أبواب الشواطئ. وبالتالي يحدث ما يحدث من تبعات ذلك ، بالوقوع في دوائر الضغط والقلق والعنف وانسداد الأفق .
هذه السنة أيضا ، من إشاعة « أسنان البحر «، طلع علينا صنّاع الكذب بخبر تسونامي البحر ، وحدوث زلازل في شواطئ المتوسط تمتدّ من إيطاليا ،إلى تونس والجزائر وليبيا، وانتشرت فوبيا البحر بعد إقدام مصر على غلق شواطئها ليومين خوفا من رجّات أرضية و تغيّرات مناخية من شأنها أن تُحدث تسونامي الموت . وقد مرّ الصيف ولم يخرج غول البحر ببلادنا ومر الفصل بسلام لولا حالات غرق تمّ تسجيلها لها أسباب عديدة لا يمكن ذكرها في هذا المجال.
وبذلك نرى أنّ الإشاعة تنطلق بحبّة خردل سرعان ما يكبر حجمها لتصبح في حجم منطاد، كلّما تقبّلها الفرد إلا وأضاف عليها ما عنده ، وأعاد صياغتها ونفخ فيها ونقلها بما يغذّي خوفه وارتيابه وقلقه، لتصبح الكذبة حقيقة، ويتحوّل الخوف إلى حالة عامّة يصعب معها الإقناع حتّى بتوضيحات من المختصين الخبراء، وبدل أن يذهب المصدّقون إلى التسليم بأنّ الأمر يتعلّق بالإشاعة المغرضة ، يوجهون أصابع الاتّهام إلى كل من يعارضهم مخاوفهم ويحاول أن يفتح أعينهم على ما يحدث.
هذه القدرة الرّهيبة على التأثّر والتأثير ، لها علاقة بشريحة واسعة من مستعملي الفايسبوك ، وقدرتها على التفاعل السّريع، و قابليتها لتصديق كل ما يُبثّ، وتبنّيه كاليقين والانجرار وراء تصديقه ، والتكتّل وسرعة الالتفاف حول بعضهم البعض بما يخلق حالة من العدوى سريعة الانتشار.
وكلّما كان متلقّي الأكذوبة أو الإشاعة محدود الفهم، غير مستوعب لما يحدث حوله داخل البلاد وخارجها، كلّما كان جاهزا للتأثّر ، بل ينخرط بدوره من خلال تصديق الأخبار المفبركة و نقلها في إعادة إنتاجها ونشرها وتداولها حتّى يخرج الأمر عن السيطرة، ويتحوّل إلى حالة من الفوضى الجاهزة لقابلية الاقتتال، أو نشر حالة من الرّعب والشكّ.
الأخطر من كلّ هذا ، صناعة الإشاعة بالتّسريبات، والمعطيات، والحجج و الوقائع بما لا يترك مجالا للتشكيك، ويبثّ الفوضى بين أبناء الشعب الواحد ،ويعمل على تقسيمهم إلى جماعات متفرّقة تلتفّ حول بعضها البعض لتكوّن تكتّلات مبنية على تبادل العنف ومنطق الإخوة الأعداء،وتربّص البعض بالكل .
ما يحدث ضريبة التطوّرات التكنولوجية ، و اقتتال القوى العالمية بسبب المصالح، وهو اقتتال داخلي أيضا يستعمل ورقة من ورقات تصفية الحسابات ،وزعزعة الاستقرار السياسيّ ، و تفتيت وحدة المجتمعات. بما يفرض ضرورة التأمّل و البحث والتنفّس عميقا قبل التصديق بأخبار يجتهد المفبركون في صناعتها لغايات سياسية بالأساس، تنتهي إلى التقبّل والتسليم والتّصديق ، وتفريق النآس بين مكذّب ومصدّق ومشكّك ، ومن هنا يبدأ ضرب وحدة الشّعوب و إدخالها في حالة رُهاب من المستقبل و المحيطين بها.
وحيدة المي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.